الحضارة-القديمة-في-وادي-النيل
محتويات
وادي النيل
النيل هو أطول أنهار الكرة الأرضية ويقع في قارة شمال أفريقيا، له رافدان رئيسان هما النيل الأبيض والنيل الأزرق، يشكل حوض النيل تنوعًا جغرافيًا فريدًا، بدءًا من المرتفعات في الجنوب ويقل الارتفاع حتى يصل إلى سهول فسيحة في أقصي الشمال. ولذلك يجري نهر النيل من الجنوب إلى الشمال تبعًا لميل الأرض، ويشكل نهر النيل أهمية كبرى في اقتصاديات دول حوض النيل، ففي مجال الزراعة يعتمد المزارعون في دول حوض النيل على مياهه من أجل ري محاصيلهم، ومن أشهر هذه المحاصيل: القطن، القمح، قصب السكر، البلح، البقوليات، والفواكة الحمضية، ونتيجة للإمكانيات الهائلة التي يوفرها، فقد نشأت منذ قديم الزمان على ضفافه الحضارة القديمة في وادي النيل.[١]
حضارة وادي النيل قبل الفراعنة
إن تلك الحقبة الشهيرة من تاريخ الحضارة القديمة في وادي النيل المعروفة بحضارة مصر القديمة هي التي كانت في ظل حكم الفراعنة، وقد بدأت في الألف الثالث قبل الميلاد، ولكن ماذا نعرف عن تاريخ وادي النيل قبل الفراعنة؟ وكيف عاش أسلاف الفراعنة؟ إذا عدنا للتاريخ القديم جدًا سنجد أن بدايات الحضارة القديمة في وادي النيل كانت في المناطق المرتفعة، فاتخذوا منها سكنًا من أسوان جنوبًا حتى الدلتا شمالًا، وفي حوالي الألف الخامس قبل الميلاد تقريبًا كانت هذه التجمعات قد استقرت وتحولت لتجمعات زراعية، وبدأت فيها زراعة القمح والشعير وتربية الماشية، وهذان العنصران من أهم بدايات انطلاق الحضارات في الحضارة الفرعونية التي قامت في مصر تحت حكم الأسر الفرعونية المختلفة منذ فجر التاريخ وحتي الغزو الروماني لمصر، بدأت الحضارة المصرية في حوالي العام 3150 ق.م، عندما وحد الملك مينا جنوب وشمال مصر معًا، وتطورت بعد ذلك على مدى الثلاث ألفيات اللاحقة، فضمت تاريخيًا سلسلة من الممالك المستقرة سياسيًا، تخللتها فترات عدم استقرار نسبي، وبلغت مصر القديمة ذروة حضارتها في عصر الدولة الحديثة، وبعد ذلك دخلت البلاد في فترة انحدار بطئ، ثم هوجمت مصر في تلك الفترة من قبل العديد من القوى الأجنبية، وانتهى حكم الفراعنة رسميًا حين غزت الإمبراطورية الرومانية مصر وجعلتها إحدى مقاطعاتها. نجحت الحضارة المصرية القديمة في وادي نهر النيل بتوافر كل مقومات الزراعة من تربة خصبة ومياه ومُناخ معتدل، وساعد التنبؤ بالفيضانات في إنتاج محاصيل زراعية وافرة أسهمت في التنمية الاجتماعية والثقافية.[٣]
تضمّنت إنجازات الحضارة القديمة في وادي النيل استغلال المحاجر والمسح وتقنيات البناء التي سهلت بناء الأهرامات الضخمة والمعابد والمسلات، بالإضافة لنظام رياضيات عملي وفعال في الطب، وأنظمة للري وتقنيات الإنتاج الزراعي، وأول ما عرف من السفن، والقيشاني المصري وتكنولوجيا الرسم على الزجاج، وأشكال جديدة من الأدب، وأول معاهدة سلام معروفة. وبهذا تركت مصر القديمة إرثًا دائمًا للبشرية جمعاء وأخذت منها الحضارة اليونانية القديمة الكثير وتلاهم الرومان. ونُسخت وقُلدت الحضارة والفن والعمارة المصرية على نطاق واسع في العالم، ونقلت آثارها إلى بقاع بعيدة من العالم.[٣]
مراحل الحضارة القديمة في وادي النيل
تاريخ مصر هو أحد أطول تاريخ مستمر لحضارة في العالم لما يزيد عن 7000 عام قبل الميلاد، وتقع مصر بموقع جغرافي متميز يربط بين قارتَيْ آسيا وأفريقيا ويرتبط بقارة أوروبا عن طريق البحر الأبيض المتوسط، كل هذا أدى إلى قيام حضارة عرفت بأنها أحد أقدم الحضارات في التاريخ الإنساني.[٤] وقد مرّت الحضارة القديمة في وادي النيل بفترات من التسلسل الزمني في حقب طويلة، عاشت فيه عدد من الدول والممالك بين مصر السفلى في الشمال ومصر العليا في الجنوب، وتعتبر الدولة القديمة والدولة الوسطى المرحلتين الرئيسيتين في الحضارة القديمة في وادي النيل:
- عصر الدولة القديمة: تطورت الحضارة المصرية وظهرت حكومة مركزية حوالي العام 3200 ق.م، وتمّ توحيد مملكتَيْ الشمال والجنوب، وشهدت الدولة نهضةً شاملة في شتى نواحي الحياة، وتأسست ممفيس كأول عاصمة للبلاد.[٤]
- عصر ما قبل الأسرات: نحو 5000 ق.م، عاشت قبائل صغيرة في وادي النيل ونمت وطورت سلسلة من الثقافات التي كانت الزراعة وتربية الحيوانات تسيطر عليها، وكانت أكبر تلك الحضارات هي حضارة البداري في مصر العليا.[٣]
- عصر بداية الأسرات: بدأ بالملك ميني الذي يسود الاعتقاد أنه وحّد مملكتي مصر العليا والسفلى معًا في حوالي العام 3200 ق.م، وبسط أول فرعون سيطرته على مصر السفلى عن طريق إنشاء عاصمة في ممفيس.[٣]
- عصر الانتقال الأول: بعد انهيار الحكومة المركزية في مصر في نهاية عصر المملكة القديمة، قام القادة المحليين باستغلال استقلالهم لتأسيس حضارة مزدهرة في المحافظات، ثم قام منتوحوتب الثاني بإعادة توحيد مصر وبداية عصر نهضة عرف باسم الدولة الوسطى.[٣]
- عصر الدولة الوسطى: بدأ من الفرعون منتوحتب الثاني في 2065 ق.م والذي كان أميرًا لطيبة وأعاد توحيد البلاد وفرض النظام، واهتمّ ملوك الدولة الوسطى بالمشروعات الأكثر نفعًا للشعب، فازدهرت الزراعة وتطورت المصنوعات اليدوية.[٤]
- فترة عصر الانتقال الثاني والهكسوس: في حوالي 1650 ق.م، ومع ضعف سلطة الفراعنة سيطر المهاجرون الذين يعيشون في الدلتا على الحكم، وأجبرت الحكومة المركزية على التراجع إلى طيبة، وقلد الهكسوس نماذج الحكم والحكومة المصرية، فنصبوا أنفسهم فراعنة.[٣]
عصر الدولة الحديثة في وادي النيل
أمّا عصر الدولة الحديثة فهي امتداد الحضارة القديمة في وادي النيل، فبعد أن تم للملك أحمس الأول القضاء على الهكسوس وعاد الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد، بدأت مصر عهدًا جديدًا هو عهد الدولة الحديثة، وتم إنشاء جيش قوي لتكوين إمبراطورية عظيمة.[٤]
عصر الانتقال الثالث
بعد وفاة رمسيس الحادي عشر في 1078 ق.م، فرض سمندس السلطة على الجزء الشمالي من مصر وجعل مدينة تانيس مقر حكمه، أما الجنوب فقد كان واقع فعليًا تحت سيطرة "كهنة آمون في طيبة"، الذين اعترفوا بحكم سمندس بالاسم فقط.[٣]
العصر المتأخر
مع عدم وجود خطط دائمة للغزو، ترك الآشوريون السيطرة على مصر لملوك سايت، وبحلول 653 ق.م تمكن ملك السايت إبسماتيك الأول من طرد الآشوريين بفضل المرتزقة اليونانية الذين تم تجنيدهم لتشكيل أول بحرية مصرية.[٣]
غزو الفرس لمصر
بعد تولي قمبيز الثاني العرش بدأ في التفكير لاحتلال مصر وضمها إلى الإمبراطورية الفارسية. طلب قورش يد ابنة أحمس الثاني ولكنه رفض وقرر أن يرسل له ابنة الملك أبريس بدلا منها مما أصاب قورش بالغضب الشديد وعجل من احتلاله لمصر.[٤]
العصر الهيليني وأسرة البطالمة
غزا الإسكندر الأكبر مصر في 332 ق.م، ورحب المصريون بالحضارة الهيلينية باعتبارها المخلص من الحكم الفارسي، واستند البطالمة خلفاء الإسكندر على النموذج المصري للحكم، واتخذوا من مدينة الإسكندرية الجديدة عاصمة لها.[٣]
الهيمنة الرومانية
أصبحت مصر مقاطعة من الإمبراطورية الرومانية في العام 30 ق.م، بعد هزيمة الملكة البطلمية كليوباترا السابعة من قبل قيصر في معركة أكتيوم، وقد اعتمد الرومان بشكل كبير على شحنات الحبوب القادمة من مصر، وقمعت الفيالق الرومانية التمرد والمتمردين.[٣] وانتهت بذلك نهائيًا الحضارة القديمة في وادي النيل.