أبرز-شعراء-العصر-الإسلامي
محتويات
الشعر في العصر الإسلامي
ظلّ الشعر مُحافظًا على مكانته في العصر الإسلامي، إلّا أنّ تطورًا جادًّا لحقهُ وألمّ به، وذلك من حيث المعاني والأغراض الشعريّة؛ فقد استحدث الإسلام أغراضًا جديدةً كشعر الجهاد والفتوحات والزهد بالإضافة إلى الشعر السياسي وشعر الوعظ، كما قلّت أغراض الشعر التي كانت سائدة في الجاهلية كالشعر القبلي والمفاخرات، حيث ألغى الإسلام دواعي هذا الشعر من خلال عمله على توحيد القبائل في أُمّة واحدة عربيّة، فانصرف الشُعراء إلى أغراض أُخرى تُلائم بيئتهم، حيث اتجّهت طائفة منهم لشعر الغزل واتّجهت طائفة أُخرى إلى الشعر الديني والوعظي، وهناك العديد من الشعراء الذين أبدعوا وأمتعوا ولم يكُونوا أقلّ جودة ومستوًى من شعراء العصر الجاهلي، وسيتمّ التعرُّف على أبرز شعراء العصر الإسلامي من خلال هذا المقال.[١]
أبرز شعراء العصر الإسلامي
لقد أطلق الأدباء مصطلحَ شعراء العصر الإسلامي على أولئك الشعراء الذين كتبوا الشعر في الفترة التي امتدّت ما بين ظهور الرسول -عليه السّلام حتّى بدايات "بانت سُعاد" التي نظمها في مدح رسول الله، وعبد الله بن رواحة الذي يُعدُّ أبرز شعراء العصر الإسلامي الأنصار الذي هاجى الكفّار بشعره، والخنساء التي اشتهرت بقصائد الرثاء، بالإضافة إلى الحطيئة الذي أجاد وأبدع في فنيّ المديح والهجاء، وغيرهم من الشعراء الذين لمعت أسماؤهم في تلك الفترة، واستحقّت أن تُصنّف ضمن أبرز شعراء العصر الإسلامي.[١]
حسان بن ثابت
هو أبو الوليد حسّان بن ثابت بن المنذر بن حرام الخزرجي، يُلقّب بشاعر الرسول، وهو أحد أبرز شعراء العصر الإسلامي من بني النجّار أخوال النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأمّه الفريعة خزرجية مثل أبيه، وُلد في والحديث الشريف، توفّي حسان بن ثابت في المدينة المنوّرة عن عمر ناهز 120 عامًا، وذلك سنة 54هـ في عهد معاوية بن أبي سفيان،[٢] وفيما يأتي سيتمّ عرض نموذجًا من أشهر قصائده وهي"عفت ذات الأصابع فالجواء"ويقول فيها:[٣]
عفتْ ذاتُ الأصابعِ فالجواءُ،
- إلى عذراءَ منزلها خلاءُ
دِيَارٌ مِنْ بَني الحَسْحَاسِ قَفْرٌ،
- تعفيها الروامسُ والسماءُ
وكانَتْ لا يَزَالُ بِهَا أنِيسٌ،
- خِلالَ مُرُوجِهَا نَعَمٌ وَشَاءُ
فدعْ هذا، ولكن منْ لطيفٍ،
- يُؤرّقُني إذا ذَهَبَ العِشاءُ
لشعثاءَ التي قدْ تيمتهُ،
- فليسَ لقلبهِ منها شفاءُ
كَأَنَّ خَبيئةٍ مِن بَيتِ رَأسٍ
- يَكونُ مِزاجَها عَسَلٌ وَماءُ
عَلى أنْيَابهَا، أوْ طَعْمَ غَضٍّ
- منَ التفاحِ هصرهُ الجناءُ
كعب بن زهير
هو كعب بن زهير بن أبي سلمى بن ربيعة العوام، ولد سنة 609 م وتوفّي نحو سنة 662 م، ويُصنّف كعب بن زهير واحدًا من أبرز الشعراء الفحول المُخضرمين، فقد شهد العصر الذي يسبق الإسلام بالإضافة إلى العصر الإسلامي، وقد عُرف واشتهر في الجاهلية وعند ظهور الإسلام هجا سيّدنا محمد -عليه السلام- وأصبح يشبّب بنساء المُسلمين، فأهدر دمه حتى جاء إلى الرسول مُستأمِنًا يُعلن إسلامه، ثُمَّ أنشد لاميّته المشهورة "بانت سعاد" التي تُرجمت إلى غير العربية، فعفا عنه الرسول عليه السلام. يُعدّ كعب من أشهر من قال الشعر ومن أعرق الشعراء شعرًا؛ فوالده زهير بن أبي سلمى الذي تلقّن الشعر عنه وورث عنه هذه الموهبة، وقد بلغ من الشعر حظًا وافرًا وشهرة مرموقة حين بدأ يصدر عنه شعر المواعظ الحكم المتأثرة بالقرآن الكريم، وإلى جانب قصيدته "بانت سعاد" التي لقيت شهرة واسعة؛ فإنّ له إنتاجًا شعريًا زاخرًا ومُتنوّعًا جمعه في ديوانٍ شعريٍّ يحمل اسمه،[٤] وفيما يأتي بعض الأبيات من قصيدة "البردة".[٥]
بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ
- مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُفدَ مَكبولُ
وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا
- إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ
هَيفاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً
- لا يُشتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طولُ
تَجلو عَوارِضَ ذي ظَلمٍ إِذا اِبتَسَمَت
- كَأَنَّهُ مُنهَلٌ بِالراحِ مَعلولُ
شُجَّت بِذي شَبَمٍ مِن ماءِ مَحنِيَةٍ
- صافٍ بِأَبطَحَ أَضحى وَهُوَ مَشمولُ
تَجلو الرِياحُ القَذى عَنُه وَأَفرَطَهُ
- مِن صَوبِ سارِيَةٍ بيضٍ يَعاليلُ
يا وَيحَها خُلَّةً لَو أَنَّها صَدَقَت
- ما وَعَدَت أَو لَو أَنَّ النُصحَ مَقبولُ
لَكِنَّها خُلَّةٌ قَد سيطَ مِن دَمِها
- فَجعٌ وَوَلعٌ وَإِخلافٌ وَتَبديلُ
فَما تَدومُ عَلى حالٍ تَكونُ بِها
- كَما تَلَوَّنُ في أَثوابِها الغولُ
عبد الله بن رواحة
هو عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الخزرجي، وكنيته أبو محمد، وأمّه هي كبشة بنت واقد بن عمرو بن الإطنابة من بني الحارث بن الخزرج، كان ابن رواحة شاعرًا مُجيدًا ينطلق الشعر من بين ثناياه، أسلم على يدّ مُصعب بن عُمير ومنذ أن أسلم سخّر قُدرته الشعريّة في خدمة الإسلام والمُسلمين، وعندما هاجر مع الرسول عليه السلام إلى المدينة المُنوّرة صار يُلازمه ويمدحه في شعره ويردّ هجمات المشركين الشعرية إلى جانب أنّه كان يدعو إلى الله تعالى؛ فقد أنعم الله عليه بأن منحه القدرة على الجهاد بالسيف واللسان، حيث أنّ شعره كان سيفًا سلّطهُ على رقاب المشركين ولم تقل أهمّيته عن السيف في المعركة وقد شهد مع الرسول البخاري بحديث واحد ومسلم بحديثين، وروى عنه بنوه وهم: عبد الله وعبيد الله وعبد الرحمن ومحمد ومعبد وآخرون، وكانت وفاته في زمن معاوية بن أبي سفيان سنة 50هـ عن عمر ناهز 77 عامًا وقد عمي وذهب بصره في آحر أيامه، وله قصائد عديدة في الرثاء وفي الغزوات، وفيما يلي يمكن ذكر بعض الأبيات التي أنشدها كعب بن مالك الأنصاري يقول:[١٢]
فكفّ يديه ثم أغلق بابه
- وأيقن أن الله ليس بغافل
وقال لمن في داره لا تقاتلوا
- عفا الله عن كل امرى لم يقاتل
فكيف رأيت الله صبّ عليهم
- العداوة والبغضاء بعد التواصل
وكيف رأيت الخير أدبر عنهم
- وولّى كإدبار النعام الجوافل
أبو ذؤيب الهذلي
هو خويلد بن خالد بن محرث بن زبيد بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار، أحد الشعراء المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، وهو من أبرز شعراء العصر الإسلامي؛ فأسلم مع النبي عليه السلام وحسُنً إسلامه وقد قال الشعر وأجاد قوله، وجاهد في سبيل الله في الغزوات التي خاضها مع الرسول عليه السلام حتى توفّي في خلافة عثمان بن عقّان، وممّا يذكر عن الهذلي أنّه خرج ذات يومٍ للجهاد في سبيل الله مع أولاده مُتهيّئين لفتح أفريقية، وقد نالوا النصر في هذه الغزوة إلّا أنّه في طريق العودة انتشر وباء جارف قضى على أولاده الخمسة وهم في عنفوان الشباب فرجع متحسّرًا حزينًا يرثيهم في قصيدته الشهيرة ويبثّ الحزن في ثناياها ويقول فيها:[١٣]
أَمِـنَ الـمَنونِ وَريـبِها تَتَوَجَّعُ
- وَالـدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
قـالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِبًا
- مُـنذُ اِبـتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ
أَم ما لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعًا
- إلا أَقَـضَّ عَـلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ
فَـأَجَبتُها أَن مـا لِـجِسمِيَ أَنَّهُ
- أودى بَـنِيَّ مِـنَ البِلادِ فَوَدَّعوا
أَودى بَـنِيَّ وَأَعـقَبوني غُـصَّةً
- بَـعدَ الـرُقادِ وَعَـبرَةً لا تُقلِعُ
سَـبَقوا هَـوَىَّ وَأَعنَقوا لِهَواهُمُ
- فـتُخُرِّموا وَلِـكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ
فَـغَبَرتُ بَـعدَهُمُ بِعَيشٍ ناصِبٍ
- وَاخـالُ أَنّـي لاحِـقٌ مُستَتبَعُ
وَلَـقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ
- فَـإِذا الـمَنِيِّةُ أَقـبَلَت لا تُدفَعُ
وَإِذا الـمَنِيَّةُ أَنـشَبَت أَظـفارَها
- أَلـفَيتَ كُـلَّ تَـميمَةٍ لا تَنفَعُ
المراجع[+]
- ^ أ ب "الأدب العربي في صدر الإسلام والعصر الأموي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 26-01-2020. بتصرّف.
- ↑ "حسان بن ثابت شاعر الرسول"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-01-2020. بتصرّف.
- ↑ "عفتْ ذاتُ الأصابعِ فالجواءُ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-01-2020.
- ↑ "كعب بن زهير"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-01-2020. بتصرّف.
- ↑ "البردة"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-01-2020.
- ↑ "عبد الله بن رواحة"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-01-2020. بتصرّف.
- ↑ "الحطيئة"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 30-01-2020. بتصرّف.
- ↑ "جزاك الله شرًّا من عجوزٍ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 30-01-2020.
- ↑ "الخنساء"، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 30-01-2020. بتصرّف.
- ↑ "قذى بعينكِ أمْ بالعينِ عوَّارُ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 30-01-2020.
- ↑ "حياة النابغة الجعدي وشخصيته"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-01-2020. بتصرّف.
- ↑ "كعب بن مالك"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 30-01-2020. بتصرّف.
- ↑ "أبو ذؤيب الهذلي"، ar.wikiquote.org، اطّلع عليه بتاريخ 30-01-2020. بتصرّف.