سؤال وجواب

خصائص-الخطابة


مفهوم الخطابة

تُعرف الخطابة في معاجم اللغة بأنّها الكلام المنثور يخاطب به متكلم فصيح جمعًا من الناس لإقناعهم، وهي كمصطلح أدبي تطلق على الفن النثري الذي يحمل فكرة واضحة يسعى الخطيب لإيصالها للجمهور من خلال الخطاب المرئي المباشر بغية استمالته وإقناعه والتأثير عليه، ويعد هذا الفن الأدبي بحق فنًا متأصلًا في الآداب العربية من العصر الجاهلي وحتى يومنا هذا، وتُعدّ خصائص الخطابة الفنية هي أبرز ما يميز هذا الفن عن غيره من فنون النثر كالرسائل والوصايا وغيرها، وستتطرق هذه الدراسة لخصائص الخطابة بشيء من الشرح والتفصيل.[١]

خصائص الخطابة

قد تشترك الأنواع الأدبية في كثير من المضامين والأغراض التي تعرض لها، إلا أن ثمة خصائص وميزات تفرد كل فن من فنون الأدب على حدة وتميزه عن غيره من الفنون، من ذلك فقد تميزت الخطابة عن غيرها من فنون النثر بمجموعة من الخصائص كان أبرزها:[٢]

  • الإيجاز والبعد عن الإطالة والإطناب، وذلك حتى لا يُصاب المستمعون بالملل أو يتعطّلون عن أشغالهم فينفرون منها.
  • الوحدة الموضوعية، وذلك لأن التشعب في الموضوعات والتفرع بها وتُعدّدها قد يؤدي إلى تشتيت فكر المتلقي وصرف ذهنه عن المراد.
  • استخدام الحجة والبراهين، وذلك لاستمالة الجمهور والتأثير بهم وإقناعهم، ولعلها من أبرز خصائص الخطابة وأهمها لما لها من أثر ملموس ومباشر على الجمهور المخاطب.
  • سهولة الألفاظ ووضوح المعاني، إذ إنّ جمهور المخاطبين يكون من عامة الناس، فيشمل صغيرهم وكبيرهم عالمهم وجاهلهم، والتعقيد اللفظي والمجاز قد يضلل الفكرة لديهم.
  • تسلسل الأفكار وتنظيمها، وهذا يضمن بلوغ الفكرة أذهان المخاطبين وتقبلهم لها.
  • موافقة الخطاب لمقتضى الحال، وهي من أبرز خصائص الخطابة، وأهمها فالخطيب يشتق موضوع خطبته من واقع الناس واحتياجاتهم للمعرفة.
  • العفوية والبعد عن الصنعة والتكلف والزخرف اللفظي الذي من شأنه أن يصرف المستمع عن فحوى الخطاب.
  • المراوحة بين الأساليب الإنشائية والأساليب الخبرية.
  • الواقعية والبعد عن الخيال.

نموذج من فن الخطابة

ضمّت مصادر اللغة والأدب العربي نماذجَ متفرّقة من خُطب السلف من شتى عصور الأدب العربي، وهي نماذج تكشف عن أبرز خصائص الخطابة وسماتها المميزة، ومن هذه النماذج خُطبة جعفر بن أبي طالب في قصر النجاشي:[٣]

أيها الملك: كنّا قومًا أهلَ جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولًا منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام -قالت أم سلمه التي تروي القصة والخطبة-: فعدد عليه أمور الإسلام، فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من الله وحده، فلم نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى، وأن نستحلّ ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا؛ خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورغبنا ألّا نظلم عندك أيها الملك.

المراجع[+]

  1. مجمع اللغة العربية (2004)، المعجم الوسيط (الطبعة الرابعة)، القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، صفحة 243.
  2. "من خصائص الخطابة في الجاهلية والإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-12-2019. بتصرّف.
  3. إسماعيل علي محمد (2013)، فقه الدعوة في ضوء موقف جعفر أمام النجاشي رضي الله عنهما (الطبعة الأولى)، مصر: مؤسسة شروق للترجمة والنشر، صفحة 48.