سؤال وجواب

الخطابة-في-العصر-الإسلامي


الأدب في العصر الإسلامي

لقد تَرَكَ الإسلام بصماتٍ واضحةً في مسيرة تاريخ الأدب العربي وفي جميع خصائصه وسماته، فظهرت فنونًا جديدة وتطوّرت الفنون القديمة، كما أنّه أوجد العديد من المبادئ الخلقية التي أصبحت تلائم تعاليمه، فانعكس ذلك كله على النتاج الأدبي في تلك الفترة، ومن ضمن الفنون النثرية التي اشتهرت في الأدب في العصر الإسلامي الخطابة، فقد أخذت الخطابة في العصر الإسلامي تستقي من ينابيع الإسلام وتتصل بالقيم والمثل الإسلامية، بالإضافة إلى أنّها أصبحت وسيلة مهمة لنشر الدين الإسلامي وبيان مبادئه والحض على الجهاد والدعوة كذلك إلى مكارم الأخلاق، وفي هذا المقال سيتمّ الحديث أكثر عن الخطابة في العصر الإسلامي.[١]

الخطابة في العصر الإسلامي

لقد كان ظهور الدعوة الإسلامية حدثًا عظيمًا وتحوّلًا بارزًا في تاريخ الحياة الإنسانية، فقد بعث الله -عز وجلّ- محمّدًا -صلّى الله عليه وسلم- بعد أن كان النّاس يتخبّطون في الجاهلية، فما كان من هذا الرسول إلّا أن يبلغ رسالة ربّه ويدعو لدين الله تعالى، فمن الناس من شرح الله صدره للإسلام ومنهم من أعرض واستكبر ونأى جانبًا، ومنذ ذلك الحين أهلّ على الخطابة زمن جديد، فتطورت تطوّرًا كبيرًا وعلا شأنها؛ لأنّ الدعوة الجديدة اعتمدت على الخطابة في نشرها، والدفاع عن قيمها ومبادئها ومحاربة أعدائها، وقد جعل الإسلام الخطابة ضمن الشعائر التعبّدية، فقام بفرض الخطبة في يوم الجمعة، وأصبحت الصلاة لا تصحّ إلّا بها، بالإضافة إلى الخطب المفروضة في الحج وفي صلاة الاستسقاء أيضًا والخسوف والكسوف، إلى جانب خطب الزواج والجهاد، وقد ارتقت الخطابة في ظلّ الدعوة الإسلاميّة، وبلغت غايتها في الكمال جوهرًا ومضمونًا؛ وذلك لانّ استمدادها كان من القرآن الكريم.[٢]

أنواع الخطابة في العصر الإسلامي

بعد الحديث حول الخطابة في العصر الإسلامي، سيكون للحديث نصيب عن أنواع الخطابة في العصر الإسلامي، فقد تأثّر الخطباء ببلاغة وفصاحة القرآن الكريم والحديث النبويّ الشريف، غير أنّ كثير من أغراض الخطابة التي كانت قبل الإسلام بقيت أيضًا بعد الإسلام[٢]، وفيما يأتي سيتمّ ذكر أبرز أنواع الخطابة في العصر الإسلامي:[٣]

  • الخطب الوعظية والوصايا: تندرج خطب الرسول -صلى الله عليه وسلم- تحت ما يعرف بالخطب الوعظية، وهي الخطب التي كانت تُلقى في وعظ الناس وتذكيرهم بالآخرة الباقية وبالدنيا الفانية، بالإضافة إلى خطب علي بن أبي طالب التي قيلت في المواقف الوعظية وفي الظروف السياسية، والهدف منها تذكير الناس بواجباتهم وبالثواب والأجر في الآخرة وتخويفهم من شرّ الفتنة، أمّا خطب الوصايا فهي خطب بموضوع محدد يوصي بها الخطيب مخاطبيه بجملة من الوصايا ويطلب منهم الالتزام بها، ومنها وصايا الحروب ووصايا الآباء والأمهات للأبناء.
  • الخطب السياسية: ويتّضح فيها مواكبة الأحداث السياسية، وتُلقى هذه الخطب حتى لا يبقى الناس في فتنة أو فوضى، ويحتاج هذا النوع من الخطابة إلى إقناع مباشر وقدرة على التأثير في المخاطبين، وتكون الخطب السياسية ممتزجة بالدين وإن اختلفت نبراتهم باختلاف ظروف الحروب.
  • خطب الوفود: برزت هذه الخطب عند القبائل التي قدمت على الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويخطب فيها إمام رجال الوفد من خلال بيان حال الوفد للخليفة وطلب العون من بيت المال، وكانت بعض هذه الخطب تترجم إلى لغات أخرى، وتختلف فيها المعاني والأفكار بحسب الغرض الذي وفدوا من أجله، فمنها ما كان للتهنئة وأخرى للتعزية أو لبيان موقف سياسي أو للمطالبة بالعطاء.
  • خطب البيعة والخلافة والولاية: وهي الخطب التي أُلقيت بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فكلّ خطيب وقف يعبر عن جماعته؛’ وذلك لتولي خلافة الرسول -عليه السلام-، وأصبحت هذه الخطب عادة تُجرى في مراسيم الخلافة وشاع فيها اتباع منهج القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في عبارات قصيرة معبّرة بإيجاز عن المقاصد بالإضافة إلى بلاغتها وفصاحتها.

خصائص الخطابة في العصر الاسلامي

لقد جمعت الخطابة في العصر الإسلامي العديد من الخصائص التي ميزتها عن غيرها من الخطب التي قيلت في العصور السابقة، كونها تأثرت بالدعوة الإسلامية، ممّا جعلها تنفرد وتنحو جانبًا آخر عن خطب الجاهلية مثلًا، ويمكن تلخيص خصائص الخطابة في العصر الإسلامي بما يأتي:[٤]