سؤال وجواب

كيفية-صلاة-الغائب


تعريف الصلاة في الإسلام

الصلاة في الإسلام هي عمود الدين وعبادة من أهم العبادات التي يقوم عليها الشرع الإسلامي، فرضها الله -سبحانه وتعالى- على المسلمين في كلِّ يوم وليلة خمس مرات؛ لتكون الصلاة ذكرًا متواصلًا غير منقطع وجسرًا يصل العبد بربه -سبحانه وتعالى-، وهي ركن رئيس من أركان الإسلام الخمسة، قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في الحديث: "بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ"،[١]والصلاة مجموعة من الأقوال والأفعال التي يؤديها الإنسان المسلم، تبدأ الصلاة بالتكبير وتُختم بالتسليم، وهذا المقال سيتحدث عن صلاة الغائب وسيفصِّل في كيفية صلاة الغائب في الإسلام.[٢]

تعريف صلاة الغائب

تمهيدًا للحديث عن كيفية صلاة الغائب في الإسلام، الصلاة في اللغة هي الدعاء أمَّا في الاصطلاح فهي عبادة عظيمة يجتمع فيها الدعاء والذِّكْرُ وقراءة القرآن، فيها التكبير والحمد والتهليل، جعلها الله تعالى رحمة من عنده للناس أجمعين؛ فهي ناهية عن الفحشاء والمنكر، ومقرِّبة من الخير والصلاح، وبالتخصيص في تعريف صلاة الغائب، يمكن القول إنَّ صلاة الغائب من الصلوات المنصوص عليها في الإسلام، وصلاة الغائب هي صلاة الجنازة نفسها ولكنَّها سُمِّيت بصلاة الغائب؛ لأنَّها تُؤدّى على من مات في بلد آخر؛ أي بدون جنازة أو دفن، وتُؤدَّى هذه الصلاة من باب الاقتداء برسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- وتهدف إلى الاستغفار للميت والدعاء له ولو كان هذا الاستغفار وهذا الدعاء بغير جثمان الميت، والله تعالى أعلم.[٣]

حكم صلاة الغائب

قبل تسليط الضوء على كيفية صلاة الغائب، جدير بالقول إنَّ حكم صلاة الغائب من الأحكام الإسلامية التي اختلف عليها أهل العلم فيما بينهم، وهذا الاختلاف جاء باستدلال كلِّ طرف من الأطراف بدليل يؤيد الرأي الذي ذهب فيه كلُّ طرف، فذهب الشافعي وأحمد إلى إباحة صلاة الجنازة على الميت الغائب أو ما يُسمَّى بصلاة الغائب، مستندين على حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي جاء فيه: "أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- نَعَى النَّجَاشِيَّ في اليَومِ الذي مَاتَ فِيهِ، وخَرَجَ بهِمْ إلى المُصَلَّى، فَصَفَّ بهِمْ، وكَبَّرَ عليه أرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ"،[٤]وهذا دليل على أنَّ رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- صلَّى صلاة الغائب بالمسلمين على النجاشي ملك الحبشة.[٥]

وقد ذهب الأحناف والمالكية إلى عدم تشريع هذه الصلاة، وقالوا إنَّ قصة النجاشي الواردة في صحيح الإمام البخاري من خصوصيات النَّبيِ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وليس مما يُعمَّم بين الناس، فلم يرد عن رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنّه صلاها على غير النجاشي، فترك هذه الصلاة سنة كما أنَّ أداءها سنَّة أيضًا، والراجح بين الرأيين أنّ صلاة الغائب مشروعة ويجوز الصلاة على من مات بأرض غير أرضه، بشرط ألَّا يُصلَّى على من صُلِّي عليه حيث مات، يقول ابن تيمية: "الصَّواب أنَّ الغائب إن مات ببلدٍ لم يصلَّ عليه فيه، صُلِّيَ عليه صلاة الغائب، كما صلَّى النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- على النَّجاشيِّ؛ لأنَّهُ مات بين الكُفَّار ولم يُصلَّ عليه، وإن صُلِّي عليه حيث مات لم يصلَّ عليه صلاة الغائب؛ لأنَّ الفرض قد سقط بصلاة المسلمين عليه."، والله تعالى أعلم.[٦]

كيفية صلاة الغائب

لا تختلف كيفية صلاة الغائب عن صلاة الجنازة أبدًا، فصلاة الغائب هي صلاة جنازة تُؤدَّى على ميت غائب، ولهذا تكون كيفية صلاة الغائب تمامًا كصلاة الجنازة دون فرق في أي فعل أو قول، وصلاة الجنازة في الإسلام تكون باجتماع الناس ووجود إمام يؤم الناس، فيكبِّرُ الإمام تكبيرة الإحرام، ثمَّ يتعوَّذ بالله من الشيطان الرجيم بعد تكبيرة الإحرام مباشرة، ثمَّ ينطق بالبسملة ويقرأ سورة الفاتحة كاملة، ثمَّ إذا فرغ من قراءة سورة الفاتحة يُكبِّر مرة أخرى ويقرأ الصلوات الإبراهيمية التي تقرأ في التشهد الأخير من كلِّ صلاة مفروضة، ثمَّ بعد قراءة الصلوات الإبراهيمية يُكبِّر تكبيرة أخرى ويدعو للميت بما تيسَّر له من الدعاء.[٧]

أمَّا عن أفضل ما يُدعى به للميت، فعن عوف بن مالك الأشجعي -رضي الله عنه- قال: "صَلَّى رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- علَى جِنَازَةٍ، فَحَفِظْتُ مِن دُعَائِهِ وَهو يقولُ: اللَّهُمَّ، اغْفِرْ له وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عنْه، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِن دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِن أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا مِن زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ وَأَعِذْهُ مِن عَذَابِ القَبْرِ، أَوْ مِن عَذَابِ النَّارِ، قالَ: حتَّى تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا ذلكَ المَيِّتَ"،[٨]ثمَّ يكبر تكبيرة أخرى ويقف قليلًا، ثمَّ يسلِّم التسليم الأخير، وهكذا تكون كيفية صلاة الغائب في الإسلام، والله تعالى أعلم.[٧]

حكم صلاة الغائب للنساء

في ختام الحديث عن كيفية صلاة الغائب، إنَّ الخلاف القائم بين أهل العلم حول حكم صلاة الغائب ينتهي بالأخذ بالرأي الراجح، والراجح أنّ هذه الصلاة جاءت في صحيح السنة النبوية الشريفة ولكنَّ تكون حصرًا على الغائب المعروف بأفعاله التي تنفع الإسلام والمسلمين، كالنجاشي ملك الحبشة الذي صلَّى عليه رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام-، وذهب أهل العلم إلى أنَّ صلاة الغائب لا تكون على كلِّ ميت خارج الديار مهما كان شأنه، بل حصروها بمن عُرف عنه منفعة المسلمين وشهرته بين المسلمين، فرسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- لم يكن يصلِّي صلاة الغائب على كلِّ من يموت بغير أرضه من المسلمين، أمَّا صلاة الغائب للنساء فقد أجمع أهل العلم على أنَّه إذا صلَّى الرجال صلاة الغائب بعد إشارة أهل العلم على جواز أداء صلاة الغائب على الميت المعروف عنه منفعته للمسلمين فيجوز عندها للنساء أن تُصلِّي صلاة الغائب مع الرجال، والعكس صحيح، والله تعالى أعلم.[٩]

المراجع[+]

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
  2. "الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-10-2019. بتصرّف.
  3. "صلاة الغائب"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-10-2019. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1333، صحيح.
  5. "أقوال العلماء في الصلاة على الغائب"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-10-2019. بتصرّف.
  6. "حكم الصلاة على الميت الغائب"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 14-10-2019. بتصرّف.
  7. ^ أ ب "كيفية الصلاة على الميت؟"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-10-2019. بتصرّف.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عوف بن مالك الأشجعي، الصفحة أو الرقم: 963، صحيح.
  9. "حكم صلاة النساء على الميت صلاة الغائب"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 14-10-2019. بتصرّف.