سؤال وجواب

حكم-أكل-الحلزون-في-الإسلام


الأكل الحلال

حث الله تعالى عباده على تحري الطيب من الطعام، حيث قال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}،[١] فإن الأكل الحلال الطيب له أثر عظيم على الإنسان، حيث يورث نور القلب وصلاحه، مما يؤدي إلى تزكية الجوارح، لتكثر بذلك الفوائد، وتقل المفاسد، وفي المقابل يُعد أكل الحرام الخبيث من أسباب قسوة القلب، وظلمته، وشقاوة العبد، وعدم استجابة دعائه، وقد سُئل بعض السلف -رحمهم الله- بما تُلين القلوب فقالوا بأكل الحلال، ولذلك ينبغي للمسلم أن يستفسر عن حكم الطعام قبل أكله، وفي هذا المقال ستتم الإشارة إلى حكم أكل الحلزون في الإسلام.[٢]

حكم أكل الحلزون في الإسلام

قبل الحديث عن حكم أكل الحلزون في الإسلام، تجدر الإشارة إلى أن الحلزون ينقسم إلى نوعين، فمنه ما هو بري، ومنه ما هو بحري، فأما البحري، فقد تم تعريفه في الموسوعة العربية العالمية على أنه نوع من أنواع القواقع التي تعيش في الماء، وأن منها ما تحمل صدفة خارج أجسامها، ومنها ما ليس له صدفة على الإطلاق، وأما الحلزونات البرية فتوصف بأن لها زوجين من قرون الاستشعار في مقدمة رأسها، ولها عيون على أحد القرنين، وقد يبلغ طول أحد أنواعها إلى عشرة سنتيمتر، وقد ذهب الفقهاء إلى جواز أكل البحري من الحلزون، لعموم حل صيد البحر، مصداقًا لقول الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ}،[٣] وقد فسر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الآية الكريمة بقوله: "صيدُهُ ما اصطيدَ وطعامُهُ ما رمي بِهِ"، وعلى الرغم من عدم ورود ما يدل على أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أكل الحلزون البحري، إلا أنه مباح لأنه من طعام البحر.[٤]

وأما الحلزون البري فيُعد من الحشرات التي ليس لها دم سائل، وقد اختُلف في حكم أكل الحلزون في الإسلام، حيث ذهب بعض الفقهاء ومنهم الحنفية إلى حرمة أكل الحشرات كلها، لأن النفس البشرية السليمة تنفر منها، ولأنها تُعد من الخبائث، بينما ذهب المالكية إلى جواز أكل أصناف الحشرات كلها لمن لا تضره، ولكن بشرط تزكيتها بقطع الحلقوم والودجين، والتسمية إن كانت من النوع الذي له دم سائل كالحية والقنفذ والضب.[٤]

أما إن كانت من النوع الذي ليس له دم سائل كالحلزون البري والجراد فيجب تذكيته بأن يُفعل به ما يسبب موته مع التسمية، وقد نُقل عن الإمام مالك -رحمه الله- أنه سُئل عن شيء في المغرب يُقال له الحلزون يتعلق بالشجر أيؤكل؟ فقال: "أراه مثل الجراد، ما أخذ منه حيًا فسلق أو شوي ‏فلا أرى بأكله بأسًا، وما وجد منه ميتًا فلا يؤكل"، وذهب والأخلاق بين الله عز وجل الخبيث والطيب من الغذاء، وأباح الطيب، وحرم الخبيث، ومن كرم الله تعالى وفضله أن جعل جميع الأطعمة والأشربة طيبًة مباحة، إلا قليل منها، وهو ما ورد الدليل على تحريمه، مصداقًا لقوله تعالى: {قُل لا أَجِدُ في ما أوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلى طاعِمٍ يَطعَمُهُ}،[٧] وقوله تعالى: {قُل مَن حَرَّمَ زينَةَ اللَّـهِ الَّتي أَخرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزقِ}،[٨] وقد أجمع أهل العلم على أن الأصل في الأشياء الإباحة، ووضعوا ضوابط للغذاء المباح، وفيما يأتي الإشارة إليها:[٩]

  • عدم الضرر: اتفق الفقهاء على حرمة كل طعام أو شراب يثبت ضرره، إذ إن الله تعالى أمر المسلم باجتناب ما يضره، وقد روى ابن عباس -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: "لا ضررَ ولا ضِرارَ"،[١٠] وتجدر الإشارة أن بعض الأطعمة تضر نوعًا معين من الناس، فتحرم على من تضرهم فقط.
  • عدم النجاسة والخبث: أحل الله تعالى الطيبات، وحرم الخبائث، ولذلك يحرم تناول كل شيء نجس، مصداقًا لقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ}.[١١]
  • عدم التحريم: من ضوابط الغذاء المباح، عدم ورود ما يدل على حرمته، أو النهي عنه، أو تسميته من قبل الشارع بالفسق، أو الخبث.

أداب الأكل في الإسلام

حثت الشريعة الإسلامية على كل ما فيه خير وصلاح للإنسان في شتى مناحي الحياة، ومنها الطعام وآدابه، ومنها ما هو قبل الشروع في الأكل كغسل اليدين، والسؤال عن الطعام في حال كان مجهولًا للضيف، والمبادرة إلى الطعام عند تقديمه من المضيف، والتسمية قبل الأكل، ومنها ما هو أثناء الطعام، كوجوب الأكل باليد اليمنى، والأكل مما يلي الإنسان من الطعام، والأكل بثلاثة أصابع، وتناول القمة الساقطة، وعدم الاتكاء أثناء الأكل، وتناول الطعام مع الجماعة، والاعتدال في الأكل وعدم الإسراف، واجتناب الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة، ومن الآداب التي بعد الأكل، حمد الله تعالى، وغسل اليدين، والمضمضة، والدعاء للمضيف، وعدم ذم الطعام.[١٢]

محظورات الطعام

بعد بيان حكم أكل الحلزون في الإسلام، لا بُد من الإشارة إلى محظورات الطعام في الإسلام، حيث تنقسم محظورات الطعام إلى أربعة أقسام، وهي المحرم من الحيوانات، والمحرم من النباتات، والمحرم من الجامدات، والمحرم من المائعات، وأما المحرم من الحيوانات فيشمل كل ما له ناب يفترس به كالأسد والنمر والكلب والقط وغيرها، ويُستثنى منها الضبع، لما ثبت عن رسول الله أنه نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع، وجميع الحيوانات السامة كالأفاعي والعقارب، وجميع الحيوانات المستخبثة القذرة التي تتغذى على الفضلات، كالخنزير والفئران والجرذان، لقول الله تعالى: {قُل لا أَجِدُ في ما أوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلى طاعِمٍ يَطعَمُهُ إِلّا أَن يَكونَ مَيتَةً أَو دَمًا مَسفوحًا أَو لَحمَ خِنزيرٍ فَإِنَّهُ رِجسٌ أَو فِسقًا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّـهِ بِهِ}،[١٣] بالإضافة إلى الحمر الأهلية، والطيور ذات المخالب المستعملة للصيد، كالصقر والنسر والعقاب، وأما المحرم من النباتات فهي المسكرات والمخدرات والنباتات الضارة، والمحرم من الجماد فتشمل جميع السموم المستخرجة من الجمادات، والسموم الكيميائية.[١٤]

المراجع[+]

  1. سورة البقرة، آية: 168.
  2. "أكل الحلال الطيب"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة المائدة، آية: 96.
  4. ^ أ ب "حكم أكل " الحلزون "، وهل يجوز طبخه حيّاً؟"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2-10-2019. بتصرّف.
  5. ^ أ ب سورة المائدة، آية: 3.
  6. "حكم أكل الحلزون"، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-10-2019. بتصرّف.
  7. سورة الأنعام، آية: 145.
  8. سورة الأعراف، آية: 32.
  9. "الغذاء المباح"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-10-2019. بتصرّف.
  10. رواه الألباني، في التعليقات الرضية، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 476/2، قوي بالطرق.
  11. سورة المائدة، آية: 4.
  12. "آداب الأكل بالأدلة التفصيلية"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2-10-2019. بتصرّف.
  13. سورة المائدة، آية: 145.
  14. "موسوعة الفقه الإسلامي"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2-10-2019. بتصرّف.