خصائص-شعر-البحتري
الشاعر البحتري
البحتري هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، واحد من أشهر شعراء العصر العباسي، ولد البحتري في مدينة حلب في منبج تحديدًا عام 205 للهجرة، ونشأ البحتري بين قومه في حلب، فكان فصحيًا استمدَّ فصاحتَهُ من قومِهِ الطَّائيين، وقد تتلمذُ البحتري على يد الشاعر الشهير أبي تمام حبيب بن أوس الطائي، وقد عاش البحتري متنقلًا بين البلاد، انتقل إلى بغداد وكان قريبًا من الخليفة العباسي المتوكل، فكان شاعر القصر يقرأ الشعر فتنهال عليه الأعطيات والأموال، وبعد مقتل المتوكل عاد الشاعر البحتري إلى منبج في حلب ليعيشَ أواخر أيام حياته فيها، حيث وافتهُ المنية عام 284 للهجرة ودُفن في مدينة الباب، وهذا المقال سيتحدَّث عن خصائص شعر البحتري.[١]
خصائص شعر البحتري
في الحديث عن خصائص شعر البحتري، إنَّ البحتري كان بدويًا في شعره، لم يتأثر بشكل كبير بصبغةِ الحضارة العربية الجديدة، فكان كثيرًا ما يُقلِّد المعاني الشعرية القديمة مجدِّدًا في الدلالات والأغراض، وكان البحتري ملتزمًا بشعر العمود وبشكل القصيدة العربية القديمة، وكان يُحسن اختيار ألفاظه ويترك لخياله حرية التحليق والإبداع، أمَّا غزل البحتري فقد كان في غزله لطيفًا رائعَ المعاني كثيف العاطفة، كتب قصائده برقَّة العشاق لمعشوقته المغنية الحلبية "علوة"، ومن أجمل ما قال في الغزل:[٢]
سَلامُ اللهِ كُلَّ صَبَاحِ يَوْمٍ
- عليكَ، وَمَنْ يُبَلِّغ لي سَلامي؟
لقد غادَرْتَ فِي جسدي سَقَامًا
- بِمَا في مُقْلَتَيْكَ مِن السَّقامِ
وذكَّرَنِيكَ حُسْنُ الوَرْدِ لَمّا
- أَتَي وَ لَذيذُ مَشروبِ المُدامِ
ويمكن القول في خصائص شعر البحتري أيضًا إنَّ البحتري كان قد طرق أكثر من غرض شعري واحد، فكتب في الرثاء وكتب في المدح وكتب في الوصف وغيره، وكان رثاؤه فخمًا عظيمًا تطغى عليه العاطفة، وعُرف للبحتري أيضًا شعر في الوصف وخاصة وصف الطبيعة، وقد وصف البحتري فصل الربيع في إحدى قصائده ولم يكن في وصفه للطبيعة تقليديًا بل استطاع أن يقوم بترقية الأسلوب العربي التقليدي في وصف الطبيعة، فاختار وصف التفاصيل المحسوسة بموسيقى شعرية عالية، حيث يقول:[٢]
أتاكَ الرَّبيع الطَّلقُ يختالُ ضاحكًا
- من الحسن حتَّى كاد أنْ يتكلَّما
وقد نبَّهَ النيروزَ في غسقِ الدُّجى
- أوائلَ وردٍ كُنَّ بالأمسِ نُوَّمَا
نماذج من شعر البحتري
بعد ما جاء من حديث عن خصائص شعر البحتري، لا بدَّ من تسليط الضوء على أبرز ما كتب هذا الشاعر العباسي الكبير، فشخصية الشاعر تظهر بين أبيات شعره، مبادئه وانتماءاته ومعتقداته أيضًا لا تظهر إلَّا من خلال شعره، وفيما يأتي أبرز ما جاء من شعر البحتري:
- يقول الشاعر البحتري:[٣]
أنَزَاعًا في الحُبّ بَعدَ نُزُوعِ
- وَذَهَابًا في الغَيّ بَعْدَ رُجُوعِ
قَد أرَتْكَ الدّموعُ، يوْمَ تَوَلّتْ
- ظُعُنُ الحَيّ، مَا وَرَاءَ الدّمُوعِ
عَبَرَاتٌ مِلْءُ الجُفُونِ، مَرَتها
- حُرَقٌ في الفُؤادِِ مِلْءُ الضّلُوعِ
إنْ تَبِتْ وَادِعَ الضّمِيرِ فعِندي
- نَصَبُ مِنْ عَشِيّةِ التّوْديعِ
فُرْقَةٌ، لمْ تَدَعْ لعَيْنَيْ مُحِبٍّ
- مَنظَرًا بالعَقيقِ، غيرَ الرّبُوعِ
- ويقول أيضًا:[٤]
قد لَعَمرِي، يا ابنَ المُغيرَةِ، أصْبَحـ
- ـتَ مُغيرًا على القَوَافي جَميعَا
شَرَفًا، يا أخَا جَديلَةَ، أبْيَا
- تُكَ رَدّتْ قَيظَ العِرَاقِ رَبِيعا
مَا لعَيْنَيْكَ تَغْزِلانِ، إذا مَا
- رَأتَا في الرّؤوسِ رَأسًا صَلِيعا
إنّ حُبّ الصُّلعانِ يُبدي، من المَرْ
- ءِ، لأهلِ التّكشيفِ أمرًا فَظيعَا
- ويقول:[٥]
بَينَ الشّقِيقَةِ، فاللّوى، فالأجْرَعِ
- دِمَنٌ حُبِسْنَ على الرّياحِ الأرْبَعِ
فَكَأنّمَا ضَمِنَتْ مَعَالِمُهَا الّذي
- ضَمِنَتْهُ أحْشَاءُ المُحِبّ الموجَعِ
لَوْ أنّ أنْوَاءَ السّحابِ تُطِيعُني
- لَشَفى الرّبيعُ غَليلَ تِلْكَ الأرْبُعِ
مَا أحْسَنَ الأيّامَ، ِإِلاَّ أنّهَا
- يا صاحِبيّ، إذا مَضَتْ لمْ تَرْجِعِ
- ويقول البحتري:[٦]
أغَداً يَشِتُّ المَجدُ وَهْوَ جَميعُ
- وَتُرَدُّ دارُ الحَمدِ وَهْيَ بَقيعُ
بمَسيرِ إبْرَاهيمَ يَحْمِلُ جُودُهُ
- جُودَ الفُرَاتِ، فَرَائعٌ وَمَروعُ
مُتَوَجِّهًا تُحْدَى بهِ بَصْرِيّةٌ
- خُشْنُ الأزِمّةِ، ما لَهُنّ نُسُوعُ
هُوجٌ، إذا اتّصَلتْ بأسبابِ السُّرَى
- قَطَعَ التّنائِفَ سَيرُها المَرْفُوعُ
المراجع[+]
- ↑ "البحتري"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 14-01-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب "البحتري"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-01-2020. بتصرّف.
- ↑ "أنزاعا في الحب بعد نزوع"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-01-2020.
- ↑ "قد لعمري يا ابن المغيرة أصبح"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-01-2020.
- ↑ "بين الشقيقة فاللوى فالأجرع"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-01-2020.
- ↑ "أغدا يشت المجد وهو جميع"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-01-2020.