سؤال وجواب

حكم-تصديق-المنجم


علم الغيب

الغيب من الحقائق التي لا يُدركها الإنسان، كما لا يُدرك العقلُ طبيعته؛ لأنه لم يتعامل معه بالحواس، وهو ما يُعدّ خلف الشيء المنظور، لهذا يُطلق عليه "ما وراء الطبيعة"، كما أن الغيب من اختصاص الله -سبحانه وتعالى- وحده، وقد ُيظهر الله بعض الغيب لبعضِ خلقه الذين يصطفيهم مثل: الأنبياء والرسل الذين يَطّلعون على بعض الغيبيات، لكنّ بعضَ البشر يدّعون معرفتهم بعلم الغيب دون وجه حق، فالمنجّمون والمشتغلون بأبراج الحظ والضرب بالرمل والحصى يدّعون علم الغيب والتنبّؤ، وقد تطوّر التنجيم وانتشر المنجمون بشكلٍ كبير، وأصبح الكثير من الناس يُصدّقونهم، وفي هذا المقال المرفق بالفيديو، سيتم ذكر حكم تصديق المنجم.

تعريف التنجيم

التنجيم في اللغة: مصدر للفعل "نجّمَ"، وقد أُخذت هذه الكلمة من النّجم، وهو جرم سماوي مضيء، وكلمة نجم كلمة شاملةٌ جميعَ الكواكب والأجرام السماوية المضيئة، وهو علمُ من علوم الفلك، يقوم على دراسة النجوم والكواكب وحركتها، لهذا يُطلق على من يتخصص بعلم النجوم ومراقبة حركتها ومساراتها اسم المنجم، أما التنجيم اصطلاحًا: ادّعاء معرفة علم الغيبيّات والحوادث والأخبار التي لم تقع بعد، حيث يزعم من يعمل في التنجيم بأنه يُدرك سير الكواكب ويعرف مجاريها وعلاقة الأحداث باجتماعها واقترانها، كما يدّعي المنجّمون أن للكواكب والنجوم تأثيرًا في السفليّات، وأنها تجري على مختلف القضايا وتتصرف بأحكامٍ معينة، أما تعريف ابن تيمية للتنجيم فهو: "الاستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية، والتمزيج بين القوى الفلكية والقوابل الأرضية كما يزعمون"، وبناءً على هذا فإنّ علم التنجيم يقوم على ادّعاء باطل وهو معرفة الغيبيات، سواء ما يتعلق منها بالماضي أم الحاضر أم المستقبل، كما يربط هذا العلم بين حركة الأفلاك والنجوم وبين ما يجري من أحداث على الأرض، بحيث يربط بينها ربط الأثر بالمؤثر، كما يوجد علاقة وثيقة بين التنجيم والكهانة، إذ إنّ الكاهن يدّعي معرفة الغيب والمستقبل، أما المنجم فيعتمد على مراقبة حركة النجوم وربط تأثيرها بالأحداث.[١]

حكم تصديق المنجم

كما تقدّم ذكره سابقًا فإن المنجم يدّعي معرفة الغيب والتنبؤ بما سيحدث في المستقبل من أحداث، وهذا بطبيعة الحال غير مقبول في الدين الإسلامي أبدًا، لأنه تدخّلٌ في عالم الغيبيات، وهو خارج عن عالم المحسوسات والمشاهدات، وهذا ما اختصه الله -سبحانه وتعالى- بعلمه فقط، وهو القائل: "عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا"[٢]، لذلك فإن علم الغيب من كمال خصوصيات الله وكمال ألوهيته سبحانه وتعالى، وقد نهى الإسلام عن إتيان العرّافين والمشعوذين والمنجمّين، وكل هؤلاء على اختلاف مسمياتهم يشربون من ماءٍ واحد، وكلهم يدّعون معرفتهم للغيب، وبعض الناس يعتقدون أن مثل هؤلاء يملكون ضرًا أو نفعًا، أو يجلبون الخير للإنسان، أو يدفعون مضرةً عنه، ومن هنا كان التحذير شديدًا من إتيانهم أو تصديقهم، ويقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: "من أتى عرافًا فسأله عن شيء فصدقه، لم تقبل له صلاة أربعين يومًا"،[٣]، وفي رواية أخرى: "من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد" [٤]، فالحديث الأول لا يدلّ على الكفر، في حين أن الحديث الثاني يدلّ على الكفر، وعلى جميع الأحوال فإن حكم تصديق المنجمين حرام شرعًا، ومنعّا للالتباس، فإن التنجيم المحرّم مختلف عن التنبؤات المبنية على معطيات وتحليل منطقي للأشياء، دون أن يجزم المحلل على قيام أحداث سياسية أو اقتصادية معينة أو تنبؤ وقراءة لأحوال الطقس والمناخ والطبيعة الجغرافية للمكان، إذ أن الاسلام اهتم بعلم الفلك وأقرّه، كما أنّ المسلمين الأوائل اهتموا به، لكن دون أن يدخل علم الفلك في الغيبيات، فعلم الفلك الذي أقرّه الإسلام هو الذي يتعلق بالمحسوسات والمشاهدات ولا يتدخّل بالغيبيات وأثرها على الإنسان، ويقول الله تعالى في محكم التنزيل: "وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ ۖ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا"[٥]،[٦]، وخلاصة الحديث أنّ من يسأل منجمًا أو كاهنًا وهو يعتقد بعلمه الغيب أو صدقه فقد كفر، لأنه خالف قول الله تعالى: "قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ" [٧]، أما من يذهب إلى منجّم ويسأله مجرّد سؤال فإن صلاته لا تُقبل أربعين ليلة، وإن صدّقه فقد كفر.[٨]، وبهذا يكون حكم تصديق المنجمين على ثلاثة أوجه: [٩]

  • محرّم: وعقوبته عدم قبول الصلاة أربعين يومًا، وذلك لِمن أتى منجمًا دون أن يصدقه.
  • كُفر بالله تعالى: وهذا الحكم لمن صدّق المنجم في علمه للغيب.
  • جائز: وهذا الحكم لمن أتى المنجم لِيشرح حاله للناس ويُحذرهم منه، ويُعرّفهم تضليله.

كيفية توبة من أتى المنجم

عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له" [١٠]، وكما ذُكر في حرمة تصديق المنجمين والإثم العظيم المترتب على من يأتي منجّمًا، فإن على من أتى أحدًا من المنجمين أن يتوب إلى الله تعالى، ويدخل ضمن هذا أيضًا السحرة والمشعوذين والكهنة، وتكون التوبة من إتيانهم كما يأتي:[١١]

  • استغفار الله تعالى والتوبة إليه توبةً نصوحًا.
  • التوكل على الله وحده والتوكّل عليه في جميع الأمور، والأخذ بجميع الأسباب الحسية والشرعية التي أباحها الله تعالى.
  • تجنب الذهاب إلى المنجمّين والامتناع عن هذه العادة الجاهلية بشكلٍ تام، والحذر من سؤال منجّم أو تصديقه، وذلك امتثالًا لأمر الله تعالى ورسول -عليه الصلاة والسلام-، وتصديقًا للعقيدة، وخوفًا من غضب الله.
  • النطق بالشهادتين للدخول بالإسلام من جديد، وهذه التوبة تستوجب على من أتى منجّمًا وصدّقه،
  • أن الكافر – ومثله المرتد عن الإسلام- يطلب منه أن ينطق بالشهادتين حتى يدخل في الإسلام ، فإن كان ذهابك إلى الكاهن من القسم الثاني السابق ذكره، فلا بد من الإتيان بالشهادتين، وحيث إنك قد تبت واستقمت فلا شك أنك قد كررت الشهادتين مرات ومرات، فلا يلزمك الآن شيء، وعليك العزم على عدم العودة لمثل هذا مرة أخرى.

فيديو عن حكم تصديق المنجمين

في هذا الفيديو سيتحدّث د. بلال إبداح المختصّ في العقيدة الإسلامية حولَ حكم تصديق المنجمين. [١٢]

https://www.youtube.com/watch?v=aDtHFh5LXAo

فيديو عن حكم تصديق المنجمين

يُنصح بمشاهدة الفيديو الآتي والذي يوضح فيه فضيلة الدكتور بلال إبداح حكم تصديق المنجمين. [١٣]

المراجع[+]

  1. التنجيم .. تعريفه وأقسامه, ، "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 20-7-2018، بتصرّف.
  2. سورة الجن: آية 26، 27
  3. رواه مسلم في صحيحه
  4. رواه أبو داود
  5. [الإسراء: الآية 12]
  6. حكم تصديق المنجمين, ، "www.youtube.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 20-7-2018، بتصرّف.
  7. [النمل: الآية 65]
  8. هل يكفر من أتى عرافاً وسأله عن شيء؟, ، "www.islamqa.info"، اطُّلع عليه بتاريخ 20-7-2018، بتصرّف.
  9. ذهب إلى عراف ، ويسأل هل له من توبة ؟ وكيف يتوب ؟, ، "www.islamqa.info" اطُّلع عليه بتاريخ 20-7-2018، بتصرّف.
  10. رواه البزار بإسناد جيد
  11. حكم إتيان الكهان ونحوهم وسؤالهم وتصديقهم, ، "www.binbaz.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 20-7-2018، بتصرّف.
  12. حكم تصديق المنجمين, ، "www.youtube.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 20-7-2018، بتصرّف.
  13. "حكم تصديق المنجمين"، www.youtube.com، اطّلع عليه بتاريخ 09-07-2019.