حكم-النوم-في-نهار-رمضان
محتويات
النوم في نهار رمضان
إنّ شهرَ رمضان أحدُ الأشهر العِظام؛ وذلك لأنّه فُرِضَ علينا فيه الصيام وأمرَنا فيه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بالقيام لقوله على سبيل التهنِئة به: "أتاكم رمضان شهر يغشاكم اللهُ فيه، فينزل فيه الرحمة، ويحطّ الخطايا، ويستجيب الدعاء، ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرًا، فإن الشقيّ من حُرِم فيه رحمة الله" [١]، إنّ شهر رمضان شهر البركة والطاعات وليس شهرًا للنوم والتكاسل، فهو شهر تتنزّل فيه الرحمات، ويجب التسابق لاقتطاف ما يُدنيه الخالق من عطايا وغفران للخلق المتّقين، وإنّ كثرة النوم في نهار رمضان يضعان الصائم في حيرةٍ وتساؤلٍ لأنّ طبيعة أنماط الحياة تتغيّر في شهر رمضان الفضيل. في هذ المقال سيتمّ توضيح حكم النوم في نهار رمضان.
حكم النوم في نهار رمضان
إنّ المقصود بالصيام هو تحصيلُ التقوى، ونوم الصائم يَستنزف الكثير من الوقت الواجب أن يطلب به الصائم الرحمات والغفران، لكن أيضًا يكون النوم -مجازًا- عدّادًا للحسنات إذا أدّى الصائم صيامَه قيامًا واحتسابًا على أتمّ وجه، ولا يُنظَر للنوم على أنّه نيّة سيئة باعتبار النوم سنّةً جارية وحاجة فطريّة لكلّ البشر طِبقًا لقول الله -عزّ وجلّ- في كتابه الحكيم: "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا" [٢]، ويتبادر للأذهان أسئلة كثيرة حول صحة الصيام عند النوم وحكم النوم من الفجر إلى ما يُقارب رفع أذان المغرب، وهل يكون الصيامُ صحيحًا أو يفسد بسبب النوم في النهار، وغيرها من الأسئلة والاستفسارات الشرعيّة حول حكم النوم في نهار رمضان والتي سيتم تناولها هنا. إنّ وقت الشروع في النوم في شهر رمضان -بالنسبة إلى الكثيرين من الناس- يبدأ بعد الفجر، حيث يستمرّ الناس في السهر بحجّة انتظار السحور وتأدية صلاة الفجر، ممّا يضطر بعض الناس -بسبب الأرق وطول السهر- إلى النوم في النهار بشكلٍ جزئيّ أو حتّى أغلبية النهار، وبالنسبة لهذه السلوكيات فقد علّق عليها العلماء على النحو الآتي: [٣]
- الإمام النوويّ: إنّ حكم النوم في النهار لا يُبطِل الصيام، سواء كان النوم جزئيًّا أم غَلبَ النهار بأكمله، فقد قال الإمام النووي في كتابه (روضة الطالبين وعمدة المفتين) ما مفادُه أنّه لو نام جميع النهار صح صومه على الصحيح المعروف.
- دار الإفتاء المصرية: أوضحت دار الإفتاء المصرية خلال ردها على حكم نوم الصائم نهارَ رمضان أنّ النوم لا يؤثّر في صحّة الصوم، سواء كان في جميع الأوقات أو بعضه.
- المالكيّة: أكّد أصحابُ مذهب المالكيّة أن الإكثار من النوم في النهار في شهر رمضان من المكروهات، وتعليلًا لذلك هو أن ثواب الصائم على قدر المشقة في الصوم، وحكم النوم عند جميع علماء المالكيّة أنّهُ لا يُبطل الصوم لكن يجب على الصائم القيام بأداء الصلاة في وقتها ولا ينبغي للصائم أن يقضي ليله بالسهر ونهاره بالنوم؛ لأن فرائض شهر رمضان وسننه وضعها الله للاستكثار من العمل الصالح وليس للنوم والأكل، ولكن من كان معذورًا وشُقَّ عليه الصيام فالله -عز وجل- أباح له الإفطار، كحال المسافر والمريض فإنّ لهما أن يفطرا ويقضيا بعد ذلك.
- الطبرانيّ: إنّ حكم النوم في نهار رمضان لا يُنافي الصيام وهو صيام صحيح ولاحرج في النوم نهارًا إذا لم يترتّب عليه إضاعة شيء من الواجبات ولا ارتكاب شيء من المحرّمات.
مآخذ على من ينام نهار رمضان
بناءً على ما سبق، فإنّ حكم النوم خلال نهار رمضان مُباح، فحتّى لو نام الصائم طَوال النهار فصيامه صحيح، وليس حرامًا عليه أن ينام كثيرًا ما دام يؤدّي الصلوات في وقتها، وقد يكون النوم مانعًا له من التورط في أمور لا تليق بالصائم وتتنافى مع حكمة مشروعية الصيام، وهي عدم التورّط بالمعاصي مثل: الكذب والزور والغيبة، ولكن هناك بعض بعض المآخِذ التي تجعل من كثرة النوم في نهار رمضان أمرًا غيرَ مُستحب رغم إباحته شرعًا بحسب جمهور العلماء، وهي على النحو الآتي: [٤]
- استمرار الصائم غالبَ النهار نائمًا تفريطًا منه في استغلال الأوقات الرمضانيّة المباركة في العبادات والطاعات.
- ينبغي الاستفادة فيما ينفعُه كمسلم من كثرة قراءة القرآن وتطبيق ما فيه من أوامر تقرّبه من الله تعالى خلال نهار رمضان.
- كثرة النوم تُفوّت على الإنسان طلبَ الرزق وتحصيل المال وهذا مدعاة للفقر.
- كثرة النوم تُضيّع على الصائم صلاة القيام و وقت السحور المبارك، خصوصًا إذا كان ممّن ينامون قبل الفطور و يعودون للنوم بعد الفطور أيضًا.
- يُخشى على الذي ينام طِوال نهار رمضان أن يفوّت إحدى صلواته الخمسة.
- إنّ كثرة النوم تؤدّي إلى التكاسل والاتكالية على الغير، مما يجعل الصائم في حالة من عدم الرغبة في تأدية مَهامه اليوميّة وواجباته اتجاه منزله وأسرته وعمله.
مثالان على النوم أثناء نهار رمضان
لا بُدّ من ذِكر مثالين على تطبيق حكم النوم في نهار رمضان؛ لغاية التوضيح وربط حكم النوم في الإطار الشرعيّ مع الواقع العمليّ لدى المسلم، بحيث يصبح المسلم قادرًا على معرفة ضرورة الحكم وتطبيقه: [٥]
- المثال الأوّل: إنسان ينام طَوال النهار ولا يستيقظ فهو جانٍ على نفسه بتركه للصلاة في أوقاتها خصوصًا اذا كان من أهل الجماعة فبذلك يكون عاصيًا لله -عز وجل- وعليه أن يتوب إلى الله تعالى وأن يُغيّر من عادة النوم في نهار رمضان ويُكمل صومه بالصلاة في أوقاتها طِبقًا لما أمر به الله في قوله: "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا" [٦].
- المثال الثاني: يتمثّل فيمن يقوم من النوم ويؤدّي صلاته على وقتها فهذا ليس بآثِم ولكنّه يفوّت عليه الكثير من الخير؛ لأنّ الصائم ينبغي عليه كثرة الانشغال بالصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن، حتى يجمعَ في صيامِهِ عبادات شهر الصيام، حيث إنّ الحرص على العبادة والتعويد على أعمال العبادة في حال الصيام يسهّل عليه الاستمرار على ذلك بعد انقضاء شهر رمضان المبارك، وعلى العكس من ذلك، إذا عوّد نفسَه على الكسل والخمول وطلب النوم باستمرار فمن الصعب أن يألفَ الدوام على العبادة بعد انقضاء الشهر الفضيل.
فيديو عن حكم النوم في نهار رمضان
يُنصح بمشاهدة الفيديو الآتي والذي يوضح فيه فضيلة الدكتور بلال إبداح حكم النوم في نهار رمضان. [٧]
المراجع[+]
- ↑ موسوعة الحديث: حديث رقم 1164
- ↑ الفرقان: آية 47
- ↑ النوم في نهار رمضان، , "www.islamqa.info"، اطّلع عليه بتاريخ 24-07-2018، بتصرّف.
- ↑ حكم ما يفعله بعض الصائمين من النوم نهاراً والسهر ليلاً, ، "www.binbaz.org.sa"، اطّلع عليه بتاريخ 24-07-2018، بتصرّف.
- ↑ أسئلة عن الصيام،, "www.saaid.net"، اطّلع عليه بتاريخ 24-07-2018، بتصرّف.
- ↑ [النساء: الآية 103]
- ↑ "حكم النوم في نهار رمضان"، www.youtube.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-07-2019.