حكم-صلاة-الغائب

صلاة الغائب

إنَّ الصلاة عماد الدين، وهي أحد أركان الإسلام الخمسة، فرضها الله تعالى على عباده عبادة دائمة، وبيّنَتْها السُّنة الصحيحة الرَّسول -صلّى الله عليه وسلّم-، ولم تقتصرِ الصلاة على خمس صلوات في اليوم والليلة، وهي الصلوات المفروضة، بلْ فصّل الدين وزادَ عليها النوافل، والسنن، وصلاة العيد، وصلاة الجنازة، وصلاة الغائب، وبالحديث عن صلاة الغائب يمكن تعريفها على أنّها صلاة جنازة يؤدّيها النّاس على ميِّتٍ غائب، أو صلاة يصلّيها الناس لموت أحدهم دون وجود جسدِهِ وجثَّتِهِ، وهي كصلاة الجنازة تمامًا، ولكنّها على من مات ولم يحضر جثمانهُ، فيؤدّي الناس صلاة الغائب ويدعون له غيابًا، وهذا المقال مخصَّصٌ للحديث عن صلاة الغائب وكيفيتها وحكمها ووقتها.

كيفية صلاة الغائب

صلاةُ الغائبِ كما وردَ سابقًا- هي صلاة جنازة، فهي تؤدّى كصلاة الجنازة تمامًا، وصلاة الجنازة عبارة عن أربع تكبيرات كما ورد عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-:

• التّكبيرة الأولى: يستعيذُ المُصلِّي بالله من الشيطان الرجيم، ويُسمِّي ويقرأُ الفاتحةَ وسورة قصيرة أو بعض الآيات.
• التّكبيرة الثّانية: يكبِّر ويصلِّي على النَّبي -صلَّى الله عليه وسلّم- مثلما يصلِّي عليه في آخر الصلاة، أيّ يقرأ الصلوات الإبراهيمية التي يقرؤها في التشهُّد الأخير.
• التّكبيرة الثّالثة: يكبّر ويدعو للميت، والأفضل أن يقول: "اللهمَّ اغفرْ لحيِّنا وميِّتنا وشاهدِنا وغائبِنا وصغيرِنا وكبيرِنا وذكرِنا وأنثانا، اللهمَّ من أحييته مـنَّـا فأحيهِ على الإسلامِ، ومنْ توفَّيته منَّـا فتوفَّهُ على الإيمان"، أو أن يقولَ: "اللهمَّ اغفرْ لهُ وارحمْهُ وعافِهِ واعفُ عنهُ، وأكرمْ نزلَهُ ووسِّعْ مدخَلَهُ، واغسِلْهُ بالماءِ والثَّلجِ والبرد، ونقِّهِ منِ الخَطايا كما يُـنقَّى الثَّوبُ الأبيضُ من الدَّنسِ، اللهمَّ أبدلْهُ دارًا خيرًا منْ دارِهِ، وأهلًا خيرًا من أهلِهِ، اللهمَّ أدخلِهِ الجنَّةَ وأجِرْهُ من عذابِ القبرِ ومن عذابِ النار، وافسحْ لهُ في قبرِهِ ونوِّرِ لهُ فيهِ، اللهمَّ لا تحرمنا أجرَهُ ولا تفتِنَّـا بعدَهُ"، وكلُّ هذا محفوظٌ عن النّبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وإن دعا له بدعواتٍ أخرى فلا بأسَ، كَأن يقول: "اللهمَّ إنْ كانَ مُحسنًا فزدْ في إحسانِهِ، وإنْ كانَ مُسيئًا فتجاوزْ عن سيَّئاتهِ، اللهمَّ اغفرْ لهَ وثبِّتهُ بالقولِ الثَّابت".
• التّكبيرة الرّابعة: يُكبّرُ ويقفُ قليلاً، ثم يسلِّم تسليمةً واحدةً عن يمينِهِ قائلاً: السلام عليكم ورحمة الله. ^[١].

متى تكون صلاة الغائب

إذا ماتَ الإنسان في بلادٍ غير بلاده، فإنَّ صلاة الغائب تكون بنفس موعدِ صلاة الجنازة لو كان في بلدِهِ وبين أهلِهِ، والتي تتمُّ بعد غسلِ الميِّتِ وتجهيزهِ، ولكن وبحكم وجودِهِ خارج البلاد، فإنَّ الأفضل على من أراد أداء صلاة الغائب على من مات بعيدًا عن بلدِهِ، أنْ يتحرّى موعد غسلِهِ وتجهيزهِ أي تكفينِهِ حيث مات، فيجتمع الناسُ بعد التأكدّ من غسلِ الميّتِ وتجهيزهِ، ويصلّون صلاة الجنازة عليه وهو غائب، كما فعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فيما رواه أبو هريرة: "أنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- نَعَى النَّجاشيَّ في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر عليه أربعًا"، ^[٢]. ^[٣].

حكم صلاة الغائب

ثبتَ في الصحيحينِ أنَّ النَّبيَّ -صلّى الله عليه وسلّم- خرجَ إلى أصحابهِ يومَ ماتَ النجاشيُّ ملكُ الحبشة -رحمه الله-، فنعاهُ لهم، وصفَّهم وصلَّى عليه صلاة الجنازة، وهذا فيما رواه أبو هريرة ووردَ سابقًا، "أنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- نَعَى النَّجاشيَّ في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر عليه أربعًا"، ^[٢]، وهذا الحديث دليلٌ على مشروعيةِ الصَّلاة على الغائبِ، إلَّا أنَّ بعض العلماء كالحنفية والمالكية قالوا: إن هذا خاص بالرَّسول -صلى الله عليه وسلم-،  فلا تشرعُ صلاة الغائب لغيرهِ، وقد رد جمهور العلماء ذلك، بأنَّ الخصوصية لا تثبتُ إلا بدليلٍ صحيحٍ، والأصل: أنَّ الأمَّةَ مأمورةٌ بالاقتداءِ بالنَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- والتأسي به، وقد اختلف العلماء القائلون بمشروعيةِ الصلاة على الغائب، هل تشرع الصلاة على كل غائب أم لا؟ وكلُّهم يستدل بصلاة النّبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- على النَّجاشي، فكانَ الاختلاف كالآتي:

• الرأي الأوّل: وهو رأي الشَّافعية والحنابلة، حيث ذهبا إلى أنّه تشرع الصلاة على كلِّ غائب عن البلد، ولو صُلِّي عليه في المكان الذي مات فيه.
• الرأي الثاني: وهو رأي الإمام أحمد، ويرى أنَّهُ تُشرَّع الصلاة على الغائب إذا كان له نفع للمسلمين، كعالمٍ أو مجاهِد أو غنيٍّ نفعَ النَّاس بمالهِ ونحو ذلك .
• الرأي الثالث: أنها تشرع الصلاة على الغائب بشرط ألا يكون قد صُلِّي عليه في المكان الذي مات فيه، فإنْ صُلِّي عليه فلا تشرع صلاة الغائب عليه.

ولعلَّ أعدل قولين في هذه المسألة، وأقربهم لقناعة الإنسان، هما:

• الأول: أنَّه لا يصلَّى إلا على من لم يُصلَّ عليه بعد.
• الثاني : أنه يُصلَّى على من له منفعة للمسلمين، كعالمٍ نفع الناس بعلمِهِ، وتاجرٍ نفعَ النَّاسَ بمالِهِ، ومجاهدٍ نفعَ النَّاسَ بجهادِهِ. ^[٤].

فيديو عن حكم صلاة الغائب

في هذا الفيديو، يتحدّث د. بلال إبداح، دكتور العقيدة والشريعة الإسلاميّة حول حكم صلاة الغائب. ^[٥]

المراجع[+]

1. ↑ كيفيّة صلاة الجنازة, ، "www.binbaz.org.sa "، اطُّلِع عليه بتاريخ 22-08-2018، بتصرّف
2. ^ ^{أ ب} الرّاوي: أبو هريرة، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الرقم أو الصفحة: 1245، خلاصة حكم الحديث: صحيح
3. ↑ الصلاة على الغائب بعد غسلهِ وتجهيزه, ، "www.islamweb.net "، اطُّلِع عليه بتاريخ 22-08-2018، بتصرّف
4. ↑ حكم الصلاة على الميّت الغائب, ، "www.islamqa.info"، اطُّلِع عليه بتاريخ 22-08-2018، بتصرّف
5. ↑ حكم صلاة الغائب, ، "www.youtube.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 22-08-2018