موضوع-تعبير-عن-نفسي-بالعربي
تعبير عن نفسي
عندما خلقنا الله -سبحانه وتعالى-، أودعَ في كلّ واحدٍ فينا أسرار وخصائص نفسيّة لا يصلُ إليها أحد، ولا يستطيعُ أحدٌ اكتشافها لأنّها في الأعماق، وأنا كلّما جلست إلى نفسي، دارت في ذهني أفكارٌ وأحلامٌ وطموحات، وحمدت الله كثيرًا أنّ أحلامي العميقة لا يستطيع أحدٌ اختراقها إلّا إن بحتُ بها أنا، لأنّها أحلامٌ وأمنيات أعقدها مع نفسي فقط؛ لأنّ نفسي وحدها التي تفهمني كما أنا، ولا يُمكن بأيّ حالٍ من الأحوال أن تنقلب عليّ أو أن توبخَني وتقسو علي، وهي وحدها أيضًا من تغفر لي جميع زلّاتي وتغطي على هفواتي وتُسامحني وتُشجّعني على أن أكمل طريق حياتي.
نفسي هي التي تسندُني إن مال كل العالم ضدّي، وهي السدّ المنيع الذي يحميني من لفحات القسوة التي يُرسلها العالم صوبي بين حينٍ وآخر، فأنا كلّما شعرت بالحزن لجأت إلى أعماق ذاتي والتمست الدفء من قلبي، لأنّني أعرفُ تمامًا أنّني يجب أن أدعمَ نفسي كي تستمرّ، وإلّا تعرّضت أيامي لانهياراتٍ لا توقف لها، فالحياة أقصر من أن أقضيَها في العتاب وجلد الذات، بل إنني دومًا ألتمس الأمل والفرح لذاتي وأمشي في دروب التفاؤل كي لا أتسبب لها بالألم، وفي كلِّ مرة كنت أنجح فيها أو أصعد على سلّم الحياة، كنت أنظر لنفسي نظرة رضا وحب، لأنّني أعرف جيدًا معنى أن أمسكَ يدي اليمنى بيدي اليسرى وأشدّ عليها، لأنّ يدي لن تُفلت يدي الأخرى بأيّ حال كما يفعلُ معظمُ الناس حين يوهمونني بطولِ البقاء، ثم يُغادرونَني مع أوّل فرصة.
عندما أشعر بالوحدة، ألتمسُ القرب من ذاتي ونفسي، وأحرصُ على أن أعقدَ صداقة مع قلبي وأُقرّب بينه وبين عقلي، وكنت في كلّ مرة أفعل هذا أشعر بالألفة والمحبّة الكبيرة، كما أشعر بالسكينة والأمان والاطمئنان، فالحياة إن لم يكن بها تآلفٌ نفسي داخلي، لا يُمكن أن يكون لها أيّ طعم، والأروع من هذا أن تتآلف النفس مع الروح، فيخلق هذا التآلف روحًا جديدة قادرة على تحدّي الألم والظروف وتخطي جميع الصعاب، فتتفتح البصيرة، ويُصبح الإحساس أكثر عمقًا، وتُصبح الحياة أكثر قيمة.
من أراد أن يصون نفسَه في الحياة، فعليه أن يعرف جيدًا مداخلَها الحقيقيّة، وأن يكونَ قريبًا من أعماق ذاته وأن يُؤتها حقها، وألّا يُتيح لأيّ شخص اختراق تلك الخصوصية السريّة التي يُخبئها الجميع في أعماق نفوسهم عن الآخرين؛ لأنّ للنفس حرمةً لا يجوز اختراقها، ولها حدودٌ لا يجوز التعدّي عليها أو اختراقها.