فضل-سورة-الحشر
سورة الحشر
تعدُّ سورة الحشر من السور المدنية، حيثُ نزلت على الرسول -صلَّى الله عليه وسلم- في المدينة المنورة بعد سورة البينة، وهي في الجزء الثامنِ والعشرين، رقمُها من حيثُ الترتيب في المصحفِ الشريف 59، عددُ آياتها 24، اسمُها أحدُ أسماء يوم القيامة، وسمِّيت بسورةِ الحشر لأنَّ الله تعالى ذكرَ فيها كيفَ حشرَ اليهودَ -أي جمعَهم- خارجَ المدينةِ المنورة وكذلك يَحشرُ -سبحانه وتعالى- الخلائقَ في يومِ الحساب، وتُسمَّى أيضًا سورةُ بني النضير لأنَّها نزلت في حادثةِ بني النضيرِ في السنة الرابعةِ للهجرة، وسنبيِّنُ في هذا المقال فضل سورة الحشر وبعضَ ما تضمَّنته من عبرَ وأحكام.
مضامين سورة الحشر
سورة الحشر من المسبِّحات إذْ بدأَتْ بفعلِ "سبَّح" وتابعت بتعظيمِ الله -تبارك وتعالى- ممجدَّةً له مبيِّنةً أنَّ كلَّ الخلائقِ تسبِّحُ اللهض وتمجِّده، ثمَّ انتقلت للحديثِ عن حادثة إخراج بني النضير من المدينة المنورة وهم أحدُ أحياءِ اليَهود؛ قال تعالى: "هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ" [١]، ثمَّ بيَّنت الآيات بعد ذلك أحكام الأموال والغنائم التي يأخذُها المسلمون من الكفار دون قتال، وأشارت إلى المنافقين من المسلمين الذين تحالفوا مع اليهود ضدَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- وشببهم الله تعالى بالشيطان عندما يدفعُ الإنسان للكفر ثم يتبرأ منه بعد ذلك، قال تعالى: "أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ"،[٢]، وقال تعالى: "كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ" [٣].
بعد ذاك، تتوعَّدُ الآيات الكافرين والمنافقين بالعذاب الشديد وتتوجَّه إلى المؤمنين بالموعظة للتمسك بتقوى الله تعالى وألّا يتشبّهوا بأولئك الفاسقين، وفي النهاية ختمت السورة ببيان عظمةِ القرآن الكريم وعظمةِ الخالق -تبارك وتعالى- وتناولت الحديث عن وحدانيته وإثبات صفات الكمال له -سبحانه وتعالى- قال تعالى: "هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ". [٤][٥]
فضل سورة الحشر
وردَ في فضل سورة الحشر خاصَّة في آخر آياتِ السورة الكثيرُ من الأحاديث الشريفةِ، عن معقل بنِ يسار عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "من قالَ حين يُصبح ثلاثَ مرَّاتٍ: أعوذُ باللهِ السَّميعِ العليمِ منَ الشيطَانِ الرجيمِ، وقرَأ ثَلاث آياتٍ من آخِرِ سورةِ الحَشرِ، وكَّلَ اللهُ بهِ سَبعينَ أَلفَ مَلكٍ يصلُّونَ عليهِ حتَّى يمسِي، وإنْ ماتَ في ذلك اليوم ماتَ شهيدًا، ومن قالَها حين يُمسي كان بتلكَ المنزلةِ" [٦]، وعن أبي أمامة قال: قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قرأَ خواتيمَ سورةِ الحشرِ في لَيلٍ أو نهَارٍ فمَاتَ من يومهِ أو ليلتهِ فقَد أوجبَ اللهُ لهُ الجنَّةَ" [٧]. وأخرجَ الدليميَُ عن ابن عباس قالَ: قال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "اسمُ اللهِ الأعظمُ في ستِّ آياتٍ في آخرِ سورةُ الحشرِ"، ومن هنا كَمُن فضل سورة الحشر. [٨][٩].
إجلاء بني النضير
عندما قدِم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة عقدَ هدنةً بينه وبين اليهود وأعطاهم عهْدًا وذمَّةً على أنْ لا يقاتلُهم ولا يقاتِلوه، لكنَّ اليهود -وهذا طبعهم على مرِّ العصور والأزمان- نقضُوا العهدَ الذي عاهدوا رسولَ الله عليه وخانوا الله ورسولَه، ولذلك أخرجَهم الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- من بيوتِهم وحصونِهم التي ظنُّوا أنَّها ستمنعُهم من غضبِ اللهِ تعالى وطردَهم خارج المدينة ولم يسمَح لهم رسولُ الله بإخراجِ إلا ما تحملُه إبلُهم فقط، لذلك فقد تركوا أسلحَتهم وأموالَهم وما لم يستطيعوا حملَه فكانوا يُتلفُون ما بقيَ من ممتلكاتهم خلفَهم، قال تعالى: "هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ" [١]. ولذلك كانت قبيلةُ بني النضير عبرةً لكلِّ خائنٍ جعلها وقَد الله عظةً إلى قيامِ الساعة. [١٠]المراجع[+]
- ^ أ ب {الحشر: الآية 2}
- ↑ {الحشر: الآية 11}
- ↑ {الحشر: الآية 16}
- ↑ {الحشر: الآية 24}
- ↑ تفسير سورة الحشر, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 20-10-2018، بتصرف
- ↑ الراوي: معقل بن يسار، المحدث: الترمذي، المصدر: سنن الترمذي، الصفحة أو الرقم: 2922، خلاصة حكم المحدث: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه
- ↑ الراوي: أبو أمامة الباهلي، المحدث: العراقي، المصدر: تخريج الإحياء، الصفحة أو الرقم: 1/442، خلاصة حكم المحدث: إسناده ضعيف
- ↑ الراوي: عبد الله بن عباس، المحدث: الألباني، المصدر: السلسلة الضعيفة، الصفحة أو الرقم: 2773، خلاصة حكم المحدث: ضعيف
- ↑ رتبة أحاديث فضائل سورة الحشر, ، "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 20-10-2018، بتصرف
- ↑ سورة الحشر, ، "www.al-eman.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 20-10-2018، بتصرف