سؤال وجواب

الشاعر-العرجي


الشعر في العصر الأموي

بلغ الأدب بشكل عامّ في العصر الأمويِّ منزلة رفيعة بكلِّ فنونِهِ، تحديدًا الشعر الذي انقسم إلى أحزاب سياسية، ينتمي إلى كلِّ حزب شعراء يدافعون عن أفكارِهِ، كحزبِ الأمويين والزبيرية والخوارج ومعارضي الحكم الأموي، وقد نما نوع آخر من الشعر في العصر الأموي وهو الشعر العذري الذي ظهر في صدر الإسلام وكَبُرَ في العصر الأموي في الحجاز، فكانَ هذا العصر حاضنًا لتطوراتٍ كثيرة شهدها الشعر العربي وحاضنًا لعدد من الشعراء الذين حفروا أسماءهم في ذاكرةِ الأدب كجرير والفرزدق وغيرهم، وهذا المقال مخصَّصٌ للحديث عن أحد شعراء العصر الأموي وهو العرجي ومختارات من شعرهِ.

نبذة عن العرجي

هو عبد الله بن عمرو الأمويّ المُلقّب العرجي الذي يرجعُ نسبُه إلى عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ويرجع لقبُهُ إلى كونِهِ أقام بالعَرج وهو مكان في وديان الطائف، وهو أحد شعراء العصر الأموي الذين اشتهروا بالغزل، وكانَ العرجي فارسًا من الفرسان الذين كانوا مع مسلمة بن عبد الملك في بلاد الروم، وبعد عودَتِهِ من الحرب عاش في لهو وترف كبيرين، ومن الجدير بالذكر أنَّ الشاعر العرجي اتّصف بسهولة اللفظ، فهو من الشعراء الذين خروا على وعورة لفظ الجاهلية إلى الشعر البسيط عبارة وتركيبًا ومعنى، وكانَ من روّاد الدرامية في الشعر، فكثرتْ في شعرِهِ القصص والحكايات وخاصّة حكايات مطاردتِهِ للنساء، وهذا ما اشتهر به عمر بن أبي ربيعة، وممَّا قال العرجي:

يوسِّدنِي جسمُ المرافقِ تارةً     جبايرها عضَّتْ بِهنَّ المَعَاضِدُ

ويفديننِي طورًا ويَضْمُمْنَ تارةً      كما ضمَّ مولودًا إلى النَّحرِ والِدُ

يَقُلْنَ: ألا تُبدِي الهَوى، يَسْتَزدْنَنِي      وقدْ يُسْتَزَادُ ذُو الهوى وهْوَ جَاهِدُ

وكانَ لهذا الشاعر نهاية مؤسفة، حيث مات العرجي في السجن الذي دخلَهُ وبقي به تسع سنين؛ وذلكَ لأنّه شبّبَ -أي تغزَّلَ- بأمِّ محمد بن هشام، وهو خال هشام بن عبد الملك، الذي كانَ واليًا على مكة المكرمة، ولأنّه هجا زوجَتَهُ، وهجاهُ أيضًا، فلبِثَ في السجن تسع سنين ، ثم ماتَ. [١].

مختارات من شعر العرجي

كان الشاعر العرجي شاعرًا غزليًّا، يكتب بلغة سهلة بسيطة تطرب السامعين.

  • ومما قال:

أماطت كِساَءَ الخزّ عن حُرِّ وجهها         وأدْنَتْ على الخدين بُردْاً مُهَلهْلا

من اللاّءِ لم يَحْجُجْنَ يبغين حِسبَةً          ولكنْ ليقتُلْنَ البريءَ المغَفّلا

وترمى بعينيها القلوبَ ولحظِها               إذا ما رَمَتْ لم تُخْط منهنَّ مَقْتَلا

  • وقال أيضًا:

كأنَّ العامَ ليسَ بعامِ حجٍ            تغيَّرتِ المواسِمُ والشكولُ

وقد بعثوا إلى جَيْدَا.. رسولاً        ليخبرَها فلا رجعَ الرَّسولُ

  • وقال أيضًا في السجن آخر أيام حياتِهِ:

يا ليت سلمى رأتنا لا نزاع لنا                لمَّا هبطنا جميعاً أبطح السوقِ

والناس صفان من ذي بغضةٍ حنقٍ          وممسكٍ لدُموعِ العينِ، مخنوقِ

وفي السطوح كأمثال الدمى خردٌ          يكتُمْنَ لوعةَ حبٍّ غيرِ ممذوقِ

من كلِّ ناشرةٍ فرعًا لرؤيتنا                   ومفرقًـا ذا نباتٍ غير مفروقِ

يضربْنَ حرَّ وجوهٍ لا يلوِّحُها                   لفحُ السُّموم ولا شمسُ المشاريقِ

كأنَّ أعناقهنَّ التَّلعَ مشرفةً                   مِنْ كلِّ جيزٍ كأعناقِ الأباريقِ

  • وقال في السجن أبياتَهُ المشهورة:

أضاعوني وأيُّ فتىً أضاعوا              ليومِ كريهةٍ وسدادِ ثغْرِ

وصبرٍ عندَ معتركِ المنايا                  وقد شَرَعَتْ أسنَّتُها بصدرِي

كأنِّي لم أكنْ فيهمْ وسيطًا              ولم تكُ نسبتي في آلِ عمرو

أجرِّرُ فِي الجَوامعِ كلَّ يومٍ                فيا للهِ مَظْلُمَتِيْ وقَهْري

عسَى الملكُ المجيبُ لمنْ دَعَاهُ      ينجِّيني ويعلمُ كيفَ شُكْرِي

فأجزِي بالكرامةِ أهلَ ودِّي              وأجزي بالضغينةِ أهلَ ضُرِّي

المراجع[+]

  1. تاريخ دمشق لابن عساكر, ، "www.shamela.ws "، اطُّلِع عليه بتاريخ 22-10-2018، بتصرُّف