سؤال وجواب

فضل-سورة-الجن


سورة الجن

تُعدُّ سورةُ الجنِّ من السور المكية، حيثُ نزلَتْ على النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة بعدَ سورةِ الأعراف، وهي في الجزءِ التاسعِ والعشرينَ وفي الحزبِ الثامنِ والخمسين، وهي من سُوَر المفصَّل، رقمُها من حيث الترتيبِ في المصحفِ الشريفِ 72، عددُ آياتِها 28 آية، سُمِّيت بسورة الجنِّ لأنها تحدَّثَت عن أحوالِ الجنِّ وأوصافِهم وطوائِفِهم وتُسمَّى أحيانًا بسورة "قل أوحيَ إليَّ"، وسنبيِّنُ في هذا المقال فضل سورة الجن وبعضَ ما تضمَّنتهُ من عبرَ وأحكام.

مضامين سورة الجن

بدأَت الآيات بالحديثِ عن أنَّ نفرًا من الجنِّ كانوا يستمعونَ إلى القرآن الكريم فتأثَّروا ببلاغتِه وإعجازهِ كثيرًا وذهبوا يدعونَ قومَهم إلى الإيمانِ وإلى تنزيهِ الله تعالى من كلِّ نقصٍ، قال تعالى: "قلْ أوحِيَ إلَيَّ أنَّهُ اسْتمَعَ نفَرٌ منَ الجنِّ فقَالُوا إنَّا سَمعْنَا قُرآنًا عجَبًا * يَهدِي إلَى الرُّشدِ فآمَنَّا بهِ ولَنْ نُشرِكَ برَبِّنَا أحَدًا" [١]، وذكرَت الآياتُ أنَّ الاستعانة بالجنِّ لا تنفعُ أبدًا كما كان يفعلُ بعضُ البَشرِ، قال تعالى: "وأَنَّهُ كانَ رجَالٌ منَ الإِنسِ يعُوذُونَ برِجَالٍ منَ الجنِّ فزَادُوهُمْ رهَقًا" [٢].

وذكرَت محاولات الجنِّ للاستماعِ إلى أخبار السَّماءِ وفشلَها بسببِ الشهُب التي تحرسُ السماءَ وبيَّنت الآياتُ أنَّ الجنَّ يقسمون إلى مؤمنين وكافرين وحدَّدت مصير كلَّ طائفةٍ منهُم، قال تعالى: "وأَنَّا منَّا المُسلِمُونَ ومِنَّا القَاسِطونَ فمَنْ أسلَمَ فأولَئِكَ تحرَّوْا رشَدًا * وأَمَّا القَاسِطُونَ فكَانُوا لجَهَنَّمَ حطَبًا" [٣]. ثمَّ تناولت بقيَّةُ الآياتِ الحديثَ عن الدعوة التي جاء بها النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- ومحاولاتِ قومه بإبعادِه عن دعوة الحقِّ التي يدعوهم إليها، ثمَّ ختَمت بأمرِ الله تعالى للنبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- أن يُسلمَ أمرَه لله ويظهرَ له الخضوع لأنَّه لا يملكُ الضرَّ والنفعَ إلا الله تعالى ولأنَّه وحده من يعلمُ الغيبَ، قال تعالى: "قلْ إنِّي لا أمْلِكُ لكُمْ ضرًّا ولَا رشَدًا * قلْ إنِّي لنْ يجِيرَنِي منَ اللَّهِ أحَدٌ ولَنْ أجِدَ منْ دونِهِ ملتَحَدًا" [٤]، وقال تعالى: "عالِمُ الغَيبِ فلَا يظْهِرُ علَى غيْبِهِ أحَدًا" [٥][٦].

فضل سورة الجن

لم ترِدْ في فضل سورة الجن أحاديثُ خاصَّة بالسورةِ عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- بل إنَّ كلَّ ما وردَ عبارة عن أحاديث موضوعةٍ لا أصْلَ لها، إنَّما فضل سورة الجن كفضلِ بقيَّة سورِ القرآن الكريم، ففي قراءتِها كما في قراءةِ القرآن الكريمِ كلِّه للمسلمِ في قراءتِه أجرٌ كبير وفضل عظيم لا يعلمه إلا الله تعالى، كما ورد في الحديث الشريفِ المشهورِ الذي رواهُ ابن مسعود أنَّ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "من قرَأ حَرفًا من كِتابِ اللهِ فلَه به حسَنةٌ، والحَسنةُ بعشْرِ أمثالِها، لا أقولُ "ألم" حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ" [٧].

وفضلُها أيضًا في الأخذِ بما جاءت به من أحكام سنَّها الله تعالى للمسلمين في كتابه الكريم، كالحثِّ على الخضوعِ لله تعالى والاعتماد المطلَق عليه تعالى لأنَّ الضرَّ والنفعَ بيدِه وحده -جلَّ وعلا- [٨].

حقيقة الجن

بدأتْ سورة الجنِّ بالحديث عن الجنِّ وأحوالهم، فما حقيقةُ الجنِّ؟ وردَ في الحديثِ الذي روته السيدة عائشة -رضي الله عنها- أنَّ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "خُلقَت المَلائكةُ مِن نورٍ، وخُلقَ الجَانُّ مِن مَارجٍ من نارٍ، وخُلِقَ آدمُ ممَّا وُصِف لَكم" [٩]، فالجنُّ كما وردَ مخلوقةٌ من نارٍ وقد وردَ ذلك أيضًا في قوله تعالى: "وخلقَ الجانَّ من مارجٍ من نار" [١٠].</span>

وقد أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّ الجنَّ يتشكَّلون في صور متعددة متنوعة، فأحيانًا يظهرون في صورة إنسان وأحيانًا في صورة حيَّاتٍ أو كلابٍ، كما ورد في أحاديثِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الكلبُ الأسودُ شَيطانٌ" [١١]، وقد وردَ أنَّ الجنَّ أصنافٌ متعددة منهم العالم والجاهل والصالح والطالح وصاحبُ الإحسان والمسيء، قال تعالى: "وأَنَّا منَّا المُسلِمُونَ ومِنَّا القَاسِطونَ فمَنْ أسلَمَ فأولَئِكَ تحرَّوْا رشَدًا * وأَمَّا القَاسِطُونَ فكَانُوا لجَهَنَّمَ حطَبًا" [٣] [١٢].

المراجع[+]

  1. {الجن: الآيات 1، 2}
  2. {الجن: الآية 6}
  3. ^ أ ب {الجن: الآيات 14، 15}
  4. {الجن: الآيات 21، 22}
  5. {الجن: الآية 26}
  6. تفسير سورة الجن, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 26-10-2018، بتصرف
  7. الراوي: عبدالله بن مسعود، المحدث: المنذري، المصدر: الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 2/296، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما
  8. سورة الجن, ، "www.al-eman.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 26-10-2018، بتصرف
  9. الراوي: عائشة أم المؤمنين، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2996، خلاصة حكم المحدث : صحيح
  10. {الرحمن: الآية 15}
  11. الراوي: أبو ذر الغفاري، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 719، خلاصة حكم المحدث: صحيح
  12. سورة الجن, ، "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 26-10-2018، بتصرف