سؤال وجواب

قصة-الأبرص-والأقرع-والأعمى


الصبر على البلاء

الصبر على البلاء من أعظم العبادات التي يقوم بها المؤمن، إذ إنّ اللهَ تعالى يجزي الصابرين أجرًا عظيمًا، ويُعوّضهم بحسب مقدار صبرهم، ويقول الله تعالى في القرآنِ الكريم في جَزاء الصبر على البلاء: "إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ" [١]، ومهما طال البلاء لا بدّ أن يأتي الفرج، والبلاء طهور وكفاره للمؤمن، ويمحو الله به الذنوب والخطايا، وهو دليل على حب الله تعالى لعبده، لهذا يجب على المؤمن أنْ يصبر ويحتسبُ أمره لله تعالى وألّا يجزع، وأن يُواسيَ نفسه بقصص السلف الصالح بالصبر على البلاء، وفي هذا المقال سيتم ذكر قصة الأبرص والأقرع والأعمى.

قصة الأبرص والأقرع والأعمى

قصة الأبرص والأقرع والأعمى تتحدّث عن ثلاثةِ أشخاص من بني إسرائيل، وأصيب كلّ واحدٍ من هؤلاء الثلاثة ببلاء في جسده وصحته؛ وذلك لأنّ الله تعالى أراد اختار صبرهم على البلاء، وليعرف من يشكر ومن يكفر، فأرسل الله إليهم مَلَكًا، وجاء الملك إلى الأبرص وسأله عن أمنيته، فتمنى أن يزول عنه المرض، وأن يصبح جلده حسنًا ولونه حسنًا، فاستجاب له الله وأزال عنه البرص، وسأله عن ما يحب من المال فأجابه: الإبل، فأعطاه مئة ناقة حامل، ودعا له ببركة الرزق، وذهب الملك إلى الأقرع، فتمنى أن يزول القرع عنه، فزال قرعه وأصبح له شعرٌ حسن، وسأله عن أكثر ما يحب من المال فاختار البقر وأعطاه بقرى حاملًا، ودعا له الملك ببركة المال، ثم ذهب إلى الأعمى وسأله الأسئلة نفسها، فتمنّى على الله تعالى أن يردّ له بصره، فأعطاه الله ما تمنى، واختار من الأموال الغنم، فأُعطي شاة حاملًا.

ومرّت السنوات وبارك الله في أموالهم جميعًا، وأصبح لكل واحدٍ منهم واديًا بصنف المال الذي اختاره، وفي يوم جاء موعد البلاء، فعاد إليهم الملك، وأراه صورته التي كانَ عليها من قبل كي يشكروا الله على نعمه، فجاء إلى الأول بهيئة أبرص فقير مسافر وقد تقطعت به السبل، وسأله أن يعطيه بعيرًا، فأنكر الرجل النعمة ولم يعطه، فذكره الملك بما كان عليه، فأنكر وجحد، وادعى أنه ورق المال عن أهلهن فدعى عليه الملك أن يعود إلى حاله القديم إن كان كاذبًا، ثم ذهب الملك إلى الأقرع والأعمى وقال لهم نفس قوله للأبرص، فأنكر الأقرع كما فعل الأبرص، لكن الأعمى كان تقيًا مؤمنًا وأقر بنعمة الله عليه، وأعطى للسائل حرية اختيار ما يشاء، وهنا أخبره الملك بالحقيقة، وأخبره أن الله تعالى جعل في قصة الأبرص والأقرع والأعمى عبرة في البلاء، وأن الله -رضي عنه- وسخط على صاحبيه، وبهذا انتهت قصة الأبرص والأقرع والأعمى. [٢]

مضامين قصة الأبرص والأقرع والأعمى

تتضمّن قصة الأبرص والأقرع والأعمى عددًا من العبر والمواعظ، كما تختزن في أحداثها معانٍ عظيمة، أهمها أن ابتلاء الإنسان لا يكون في الشدّة فقط، بل يكون في السرّاء والرخاء أيضًا، ويجب أن يكون الإنسان يقظًا قي ابتلائه بالخير أكثر من يقظته عند ابتلائه بالشر، كما تتضمن قصة الأبرص والأقرع والأعمى إظهار الفرق بين من يصر ومن لا يصبر، وتتضمن أيضًا إظهار أن بعض الناس يصبرون على الشدائد ولا يصبرون في الرخاء، وتؤكد قصة الأبرص والأقرع والأعمى أنّ النعم تدوم بالشكر، والشكر يكون مبنيًا على عدة أركان وهي: الاعتراف بالنعمة ظاهرًا وباطنًا، والتحدث بها ظاهرًا، وإنفاقها فيما يُرضي الله، وهذه تحفظ النعم من الزوال.[٣]

حديث الأبرص والأقرع والأعمى

يروي الرسول -عليه الصلاة والسلام- في الحديث التالي قصة الأبرص والأقرع والأعمى، وذلك كما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى، فأراد الله أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكًا، فأتى الأبرص، فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حسن وجلد حسن ويذهب عني الذي قد قَذِرَني الناس، قال: فمسحه فذهب عنه قَذَرُه، وأعطي لونًا حسنًا وجلدًا حسنًا، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الإبل، قال: فأعطي ناقة عُشَراء، فقال: بارك الله لك فيها، قال: فأتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال شعر حسن، ويذهب عني هذا الذي قد قَذِرَني الناس، قال: فمسحه فذهب عنه، وأعطي شعرًا حسنًا، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: البقر، فأعطي بقرة حاملًا، فقال: بارك الله لك فيها، قال: فأتى الأعمى، فقال: أي شيء أحب إليك، قال: أن يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس، قال: فمسحه فرد الله إليه بصره، قال: فأي المال أحب إليك، قال: الغنم، فأعطي شاة والدًا، فأنتج هذان وولد هذا، قال: فكان لهذا واد من الإبل، ولهذا واد من البقر، ولهذا واد من الغنم، قال: ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته.

فقال: رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرًا أتَبَلَّغُ عليه في سفري، فقال: الحقوق كثيرة: فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يَقْذَرُك الناس؟! فقيرًا فأعطاك الله؟! فقال: إنما ورثت هذا المال كابرًا عن كابر، فقال: إن كنت كاذبًا فصيرك الله إلى ما كنت، قال: وأتى الأقرع في صورته، فقال له مثل ما قال لهذا، ورد عليه مثل ما رد على هذا، فقال: إن كنت كاذبًا فصيرك الله إلى ما كنت، قال: وأتى الأعمى في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري، فقال: قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري فخذ ما شئت ودع ما شئت، فوالله لا أَجْهَدُكَ اليوم شيئًا أخذته لله، فقال: أمسك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رُضِيَ عنك، وسُخِطَ على صاحبيك"[٤][٥]

المراجع[+]

  1. {الزمر: آية 10}
  2. الأبرص والأقرع والأعمى, ، "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 12-11-2018، بتصرّف.
  3. كتاب: البداية والنهاية **, ، "www.al-eman.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 13-11-2018، بتصرّف.
  4. المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3464، خلاصة حكم المحدث: صحيح.
  5. حديث الثلاثة المبتلين, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 13-11-2018، بتصرّف.