سؤال وجواب

قصة-السيل-العرم


قوم سبأ

قوم سبأ من الأقوام العربية الحضرية الذين عاشوا في اليمن وأسّسوا مملكةً وحضارةً خالدةً قبل 2500 سنة قبل الميلاد، واستطاعوا بنيان دولةٍ قويةٍ على أسس من التنظيم في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والحربية كافّة، فكان جيشُهم كان من أقوى الجيوش في ذلك الزمن، وقد شهد لهم القرآن الكريم بذلك في قصّة ملكتهم بلقيس مع نبيّ الله سليمان -عليه السلام-، وقد أنعم الله تعالى على قوم سبأ بالنِّعم كافّة ووفرة الرزق ورغد العيش، ولم يطلب منهم الله تعالى مقابل وفير النعم تلك إلا عبادته وحده وشكره عليها، لكنهم اختاروا طريق الكفر والضلال، وهذا المقال يسلّط الضوء على قصة السيل العرم.

قصة السيل العرم

بداية نشوء مملكة سبأ كما ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- حين سُئل عن ماهية سبأ؟ فقال: هو رجلٌ أنجب عشرة من الأبناء ستٌّ منهم استقروا في اليمن ومن ذريتهم كانت القبائل اليمنية وأربعة في الشام، وكان سبأٌ سيد قومه الذين عاشوا في نِعمٍ لا تُعدُّ ولا تحصى من كثرة الثمار والزروع ووفرة الماء وخصوبة التربة وكانوا آنذاك على دين الله متبعين شرعه وتعاليمه، ونظرًا لوفرة المياه وجريانها بين جبليْن بوادٍّ يُسمى العَرِم أمر سبأ بإنشاء سدٍّ من الحجارة والقير وجعلوا له أبوابًا لحجز تلك المياه والاستفادة منها في الزراعة وأُطلق على هذا السد اسم سد مأرب، وكان لهم ما أرداوا فقد ازدادوا نعيمًا إلى نعيمهم وتزايد إنتاجهم الزراعي.

ومع تعاقب السنوات وتعدد الأجيال بدأوا بالانحراف عن شريعة الحق التي كان عليها سلفهم فبطروا في معيشتهم وعبدوا غير الله إذ كانوا من عبدة الشمس، وكنتيجةٍ ذلك الكفر بالله وبنعمه سُلبوا كل تلك النعم وأصبحت بلادهم خرابًا، فسلَّط الله تعالى الفئران وقيل الجرذان وقيل الخُلد فنخرت أساس سد مأرب وحاولوا القضاء عليها دون فائدةٍ عندئذٍ انهار السد وتدفقت المياه المحجوزة خلفه بغزارةٍ والذي أطلق عليه القرآن الكريم لفظ السيل العرم فأتلفت الشجر والثمر وبُدِّلوا بعدها بالأشجار والثمار الرديئة بدلًا عن الطيبة مما اضطرهم إلى الرحيل عن بلادهم والتشتت في شبه الجزيرة العربية وخارجها كما وصف ذلك القرآن: "وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ"[١][٢][٣]

مضامين قصة السيل العرم

تضمّنت قصة السيل العرم الذي كان سببًا في زوال قوم سبإٍ عن أرضهم وارتحالهم إلى الحجاز وبلاد الشام، وبالتالي سببًا في إعادة توطين القبائل العربية إذ كان انهيار سد مأرب نقطةً حاسمةً في التاريخ العربي القديم، كما تضمنت القصة ما يلي: [٤]

  • إخلاص العبادة لله وحده وشكره على نعمه سببٌ في إحلال البركة في الرزق ورغد العيش وزيادة النعم والعكس صحيحٌ، إذ إن الشرك بالله والتكبر على نعمه وعدم شكرها سببٌ في سلب النعم من العباد وإنزال العقوبة.
  • كراهية دعاء العبد على نفسه أو ماله أو ذريته كما فعل قوم سبأ حين دعوا على أنفسهم بقولهم: باعد بين أسفارنا إذ تمنوا زوال النعمة فاستجاب الله لدعائهم وأمنيتهم تلك.
  • من سنن الله في خلقه تقلُّب الأحوال وتبدلها.

مواضع ذكر قصة السيل العرم في القرآن

جاء ذكر قصة السيل العرم في القرآن الكريم في سورة سبأ في معرض الحديث عن قوم سبأ وتبدل حالهم من النعمة إلى النقمة قال تعالى: "لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ* فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ* ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الكَفُورَ* وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ القُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ* فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ"[٥][٤]

المراجع[+]

  1. {سبأ: الآية 19}
  2. قصة سبأ،,  "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 14-11-2018، بتصرف
  3. تفسير الطبري سورة سبأ،,  "www.quran.ksu.edu.sa"، اطُّلع عليه بتاريخ 14-11-2018، بتصرف
  4. ^ أ ب قصة قوم سبأ آيات وعبر،,  "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 14-11-2018، بتصرف
  5. {سبأ: الآية 15- 19}