تحليل-قصيدة-إرادة-الحياة
أبو القاسم الشابي
أبو القاسم الشابي شاعر تونسيٌّ من شعراء العصر الحديث، ولدَ في مدينة تورز في تونس عام 1909، لُقِّب بشاعرِ الخضراء وهو صاحب قصيدة إرادة الحياة الشهيرة، بدأ تلقي تعليمه في الكتاتيب في الخامسة من عمره، وأكملَ حفظ القرآن في التاسعة، ثمَّ بدأ والده بتعليمه أصول العربية ومبادئ العلومِ الأخرى حتى بلغ الحادية عشرةَ، ثمَّ التحقَ بكليَّة الزيتونة في 1920 وتخرَّجَ عام 1928 حائزًا على شهادة التطويع، وهي أعلى شهاداتها في ذلكَ الوقت، والتحق بعدها بمدرسة الحقوق التونسية وتخرج فيها عام 1930، وتوفي بمرض في القلب عام 1934 عن عمر 25 عامًا، وفي هذا المقال نظرةٌ على قصيدة إرادة الحياة وبعض قصائد أبي القاسم الوطنية. [١]
تحليل قصيدة إرادة الحياة
قصيدة إرادة الحياة من أشهر قصائد الشاعر أبي القاسم الشابي الخالدةِ كتبها قبل وفاته بعامٍ تقريبًا، وجزءٌ منها في النشيد الوطني التونسيِّ، يبدأُ الشاعر قصيدته بالحديثِ عن إرادة الشعوب التي تحقِّقُ المستحيل وتصنع المعجزات بالسعي والوعي والصبر، يقول في مطلعِها:
إذا الشعب يومًا أرادَ الحياةَ فلابدَّ أن يستجيبَ القدرْ
ولابدَّ لليلِ أن ينجلي ولابدَّ للقيدِ أن ْ ينكسِرْ
فالشاعر كان جلُّ اهتمامه مسلَّطًا على الثورة والحياة الكريمة، فقد كان يحرِّضُ الشعبَ على الثورة ضدّ المستعمرين والثورة على الجهل والتخلف بكل أشكاله، بعد ذلك يخاطب الشاعرُ الطبيعة من حوله بنفَسِ الإنسان الطَّموح المندفع والذي لا يوقفُ طموحَه أيُّ عائقٍ ولا يُعجِزه عن تحقيق غاياتِه شيء:
كذلكَ قال لي الكائناتُ وحدَّثني روحها المستترْ
ودمدمَت الريحُ بين الفجاجِ ووفوق الجبال وتحتَ الشجر
إذا ما طمحتُ إلى غايةٍ لبستُ المنى ونسيتُ الحذَر
ثمَّ يشبِّه الحال التي تعيشُها بلاده بالخريف الكئيب الذي لا بدَّ أنْ يأتي بعدهُ ربيع الأمل والتفاؤل وتخرجُ البلاد من ظلمتها وعتمتها تحت نير الاستعمار إلى نور الحريَّة والسلام بعدَ ذلك الخريف الطويل، ويبني الجيل الجديدُ أمجادَ الأمة ويستعيد حرِّيتها بالعزم والإرادة والتضحية: وجـاءَ الربيـعُ بأنغامـه وأحلامـهِ وصِبـاهُ العطِـر. ويسردُ الشاعرُ أمنياتهِ التي حالَ بينها وبين بلوغها وجود المستعمر نفسه، والتي يمكنُ أن تتحقَّق وحاول أن يرسمَ هذه الصورة الرائعة بكلماته العذبة عن حياة تملؤها السعادة والراحة والأمان:
ومَن تعْبـدُ النـُّورَ أحلامُـه يبارِكهُ النـورُ أنَّـى ظَهرْ
إليكِ الفضاء، إليكِ الضيـاءُ، إليكِ الثَّرى الحالمِ المُزدَهِر
إليكِ الجَمالُ الذي لا يَبيـد إليكِ الوجودُ الرحيبُ النضِر
فميدِي كما شئتِ فوقَ الحقولِ بِحلو الثِّمار وغـضِّ الزهـرْ
والشاعرُ يظهرُ حنينَه لأمجادِ وطنهِ ولأمجادِ شعبهِ لكنَّ تفاؤله وأمله بالتغيير رغم كل ذلكَ التشاؤم من الأوضاع التي كانت عليه كبيرٌ جدًّا، فلابد في النهاية أن ينتصرَ الحقُّ على الباطل مهما طالت جولةُ الباطل وهذه سنَّةُ الله تعالى في خلقه، وفي ختام القصيدة يؤكد الشاعر مرَّة أخرى على الحقيقة الخالدة التي بدأ بها قصيدته وهي أنَّ إرادةَ الشعب هي أساس المجدِ والنهوض لأي أمَّةٍ من الأمم، فيقول في الختامِ:
إِذا طمَحتْ للحَيَاةِ النُّفو سُ فلا بدَّ أنْ يستَجِيبَ القـدر
وتتجلَّى في قصيدة إرادة الحياة بشكلٍ عام الإرادة الحقيقية للتغيير والنابعة من أعماق الشاعر كما مرَّ في كثيرٍ من أبيات القصيدة التي تكرَّرت فيها كلمةُ الحياة 15 مرَّة دالَّةً على تشبُّث الشاعر بحياة الشعوب وإرادتها. [٢]
قصائد أبي القاسم الشابي الوطنية
كان أبو القاسم الشابي شاعر الحب والأمل والثورة والحرية، فكانت له الكثيرُ من القصائدِ التي تتناولُ موضوعاتُها الوطنية وهمَّ الشعب والمآسي التي يعاني منها، وأشهرها قصيدته الخالدة إرادة الحياة التي تحدَّثنا عنها، وقصيدة الجبار "هكذا غنَّى بروميثيوس" وفيها أيضًا إصرار على الحياة وتحريضٌ على التمسُّك بالحياة الكريمة، وهناك قصيدة "لستُ أبكي لعَسفِ ليلٍ طويلٍ" وفيها أيضًا يتحدَّث عن كتم أصوات الخطباء الذين يصدحون بإيقاظ الشعوب ويتغنَّى بحب تونس الخضراء، وقصيدة "في الليلِ ناديتُ الكواكبَ ساخطًا" التي يتحدَّث فيها عن الليل الذي أطبَقَ على الوطن ويبشِّرُ بولادة فجرٍ باسمٍ واعد، وله قصيدةُ "النبيُّ المجهول" التي يذكرُ فيها صفاتَ الشعب الجبَّارة محرِّضًا على التغيير وانطلاق الثورة بقصيدة طويلة رائعة، وغير ذلك من القصائد الوطنية البديعة. [٣]المراجع[+]
- ↑ أبو القاسم الشابي, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 14-11-2018، بتصرف
- ↑ قصيدة إرادة الحياة, ، "www.marefa.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 14-11-2018، بتصرف
- ↑ قصائد أبي القاسم الشابي, ، "www.adab.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 14-11-2018، بتصرف