سؤال وجواب

قصة-النبي-صموئيل-عليه-السلام


النبي صموئيل عليه السلام

النبي صموئيل أو شموئيل -عليه السلام-، أو النبي أشمويل بن ألقانة بن يروحام بن اليهو بن توحو بن صوف وامرأته حنَّة، وقيل أيضًا: أشمويل بن بالي بن علقمة بن يرخام بن اليهو بن تهو بن صوف، قائدٌ في اسرائيل القديمة ونبيٌّ من أنبياء بني إسرائيل، وهو أوَّل الأنبياء العبرانيين بعد موسى -عليه السلام- وكان آخر القضاة، أُشيرَ إلى قصَّته في القرآن الكريم دون ذكر اسمه في سورة البقرة، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول قصة النبي صموئيل وما تضمَّنته قصَّته من تعاليم وأحكام.

قصة النبي صموئيل عليه السلام

بعد أن قبض الله تعالى النبيَّ إلياس من بني إسرائيل، والذي كان مثل غيره من أنبياء الله يذكِّرهم بالتوارة وبأحكامها ويأمرهم بالعمل بما جاءت به، عظُمَت فيهم الخطايا والبلوة وانحرفوا عن جادة الحقِّ والصواب كعادتهم، وظهرَ لهم عدوٌّ شرسٌ يقال لهم قوم جالوت يقال أنَّهم كانوا يسكنون سواحل بحر الروم بين مصر وفلسطين وهم العماليق، فانقضُّوا على بني إسرائيل وهزموهم وأخذوا كثيرًا من أراضيهم وسبوا كثيرًا منهم، وذلك كلُّه بما كسبت أيديهم من الفجور والفسوق، ولكن بعد حينٍ من الزمن، أرسلَ الله تعالى جبريل -عليه السلام- إلى صموئيل -عليه السلام- وقال له: اذهب وبلغ رسالةَ ربِّك فإنَّ الله قد بعثكَ رسولًا.

وعندما أخبرَ قومه كذَّبوه وقالوا له: إذا كنتَ صادقًا ابعث لنا ملكًا نقاتل في سبيل الله آية ودليلًا على نبوَّتك، قال تعالى: "ألَم ترَ إلى الملأِ من بني إسرائيلَ من بَعدِ موسَى إذا قَالوا لِنبيٍّ لَهُم ابْعَث لنَا مَلِكًا نُقاتِل في سَبيلِ الله" [١]، وإنَّ بني إسرائيل لم يكن يلتمُّ شملهم إلا بالملوك وطاعة الأنبياء، فالملك هو الذي يسير الجموع ويحكم والنبي هو الذي يقيم أمره ويرشده وينصحه. وفي هذه المرحلة يقال إنَّه انتقل نظام الحكم في بني إسرائيل من نظام الشورى والذي يعرف بعصر القضاة إلى النظام الملكي والذي يعرف بعصر الملوك.

وكانوا يريدون منه أن يعيِّن عليهم ملكًا حتى يقاتلوا أعداءهم ويستردُّوا ما سُلِب منهم، قال تعالى: "قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ" [١]، لكنَّهم كعادتهم ارتدُّوا عن دعواهم وتولَّوا عن القتال وخانوا الله ونبيَّه صموئيل -عليه السلام-، وعندما عيَّن عليهم طالوت ملكًا استكبروا وأخذتهم العزَّة وقالوا: نحن أحق بالملك منه، وحاولوا التملُّص منه، لكنَّه أمر الله تعالى، قال تعالى: "وقَالَ لهُمْ نبِيُّهُمْ إنَّ اللَّه قَد بعَثَ لكُمْ طالُوتَ ملِكا قالُوا أنَّى يكُونُ لهُ المُلْكُ علَيْنَا ونحْنُ أحَقُّ بالمُلْكِ منْهُ ولَمْ يؤْتَ سعَةً منَ المَالِ قالَ إنَّ اللَّهَ اصطَفَاهُ علَيْكُمْ وزَادَهُ بسْطَةً في العِلمِ والْجسْمِ واللَّهُ يؤْتِي ملْكَهُ منْ يشَاءُ واللَّهُ واسِعٌ علِيمٌ" [٢]، وسبب رفضهم له لأنَّهم كانوا يعتبرون سبطه من أدنى أسباط بني إسرائيل وبسبب فقره لأنَّه كما يقال كان يعمل سقاءً، وذكر لهم صموئيل -عليه السلام- أيضًا آيةَ ملك طالوت وهو التابوت الذي ترك فيه موسى -عليه السلام- بقيَّة الألواح فجاءت الملائكة بالتابوت وألقته بين يدي طالوت، فلما رأوا ذلكَ سلَّموا له وملكوه، قال تعالى: "وقَالَ لهُمْ نبِيُّهُمْ إنَّ آيةَ مُلكهِ أنْ يأتِيَكُمُ التَّابوتُ فيهِ سكِينَةٌ منْ ربِّكُمْ وبَقِيَّةٌ ممَّا ترَكَ آلُ موسَى وآلُ هارُونَ تحمِلُهُ المَلائِكَةُ إنَّ في ذلِكَ لآيةً لكُمْ إنْ كُنتمْ مؤمِنِينَ" [٣].

وبعد ذلك يكملُ الله تعالى تلك القصة عندما يذهب جيش طالوت ويطلب منهم طالوت ألّا يَشربوا من النَّهر الذي ابتلاهم به الله تعالى، فشربُوا وخسروا الاختبارَ إلا قليلٌ منهم وهم الصادقُون، وبعدها يلتقي قومُ طالوت وقومُ جالوت، والمؤمنون واثقونَ بنصرِ الله تعالى ويقولون: كَم من فئةٍ قليلةٍ غلبَت فئةً كثيرةً بإذن الله، وقتلَ داودُ جالوتَ وأكرم الله نبيَّه وعباده المؤمنين بالنصر على أعدائهم، قال تعالى: "ولَمَّا برَزُوا لجَالُوتَ وجُنودِهِ قالُوا ربَّنَا أفْرِغْ علَيْنَا صبْرا وثَبِّتْ أقدَامَنَا وانصُرْنَا علَى القَوْمِ الكافِرِينَ * فهَزمُوهُمْ بإِذْنِ اللَّه وقتَلَ داوُدُ جالُوتَ وآتَاهُ اللَّهُ الملْكَ والحِكْمَةَ وَعلَّمهُ ممَّا يشَاءُ ولَوْلَا دفْعُ اللَّه النَّاس بعضَهُمْ ببعْضٍ لفسَدَتِ الأَرْضُ ولكِنَّ اللَّه ذو فضْلٍ علَى العالمِينَ". [٤][٥]

مضامين قصة صموئيل عليه السلام

في قصَّة النبي صموئيل -عليه السلام- عبرٌ كثيرةٌ ودروس عظيمة، فدائمًا ما يذكر الله تعالى في كتابهِ العزيز القصصَ التاريخيَّة لما فيها من فوائد قيِّمة للأمَّة كلها، ففي القصَّة يؤكِّد الله تعالى لنا أنَّ طاعة الله والالتزام بما جاء به القرآن الكريم هو طريق النجاة والفلاح، فلمَّا ترك بنو إسرائيل ما جاءهم به الأنبياءُ سلَّط الله عليهم أعداءهم وكادوا أن يهلكوا لولا أن بعثَ لهُم النبي صموئيل -عليه السلام- يخرجُهم من محنتِهم ويذكِّرُهم بأوامر الله وبما جاءت به التوراة، وفي القصة أيضًا الرضى والتَّسليم بحكم الله تعالى مهما كان وعدم المجادلة في أوامر الله وأحكامه كما كان يفعل بنو إسرائيل.

وأيضًا يمكن الاستفادة من دروس صدقِ التوكُّل على الله تعالى عندما التقى جيش طالوت وجيش جالوت وهُزِمَ جيش جالوت، قال تعالى: "قالَ الَّذينَ يظُنُّونَ أنَّهُمْ ملَاقُو اللَّهِ كمْ مِن فئَةٍ قلِيلَةٍ غلبَتْ فئَةً كثِيرَةً بإِذْنِ اللَّه واللَّهُ معَ الصَّابرِينَ" [٦]، وأنَّ الملكَ بيد الله وحده يؤتيهِ من يشاء من عباده، قال تعالى: "واللَّهُ يؤْتِي ملْكَهُ منْ يشَاءُ واللَّهُ واسِعٌ علِيمٌ" [٢]، وفيها اللجوء إلى الله في حالات الشدَّة لأنَّه وحده الذي يتكفَّل بإجابة الدعاء وينصرُ عباده الصادقين، قال تعالى: "وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" [٧][٨].

مواضع ذكر النبي صموئيل عليه السلام في القرآن

لم يُذكر اسمُ النبي صموئيل -عليه السلام- في كتابِ الله باسمِه الصَّريح ولكنْ تمَّت الإشارةُ إليه في عدَّة مواضع من سورة البقرة، فقد ذهبَ أكثرُ المفسِّرين على أنَّ النبي صموئيل هو المقصود بالآية التي وردَت في سورة البقرة، وهي تحكي عن بني إسرائيل في قوله تعالى: "ألَم ترَ إلى الملأِ من بني إسرائيلَ من بَعدِ موسَى إذا قَالوا لِنبيٍّ لَهُم ابْعَث لنَا مَلِكًا نُقاتِل في سَبيلِ الله قالَ هلْ عَسيتُمْ إنْ كتِبَ علَيكُمُ القِتَالُ ألَّا تُقاتِلُوا" [١]، فقال المفسِّرونَ: إنَّ ذلك النبيَّ هو النبي صموئيل  -عليه السلام-.

وذكرَ القرطبيُّ أيضًا: أنَّ النبي صموئيل هو الذي اختارَ طالوت ملكًا، وقال تعالى في الآيات التي تلي تلك الآية: "وقَالَ لهُمْ نبِيُّهُمْ إنَّ اللَّه قَد بعَثَ لكُمْ طالُوتَ ملِكا قالُوا أنَّى يكُونُ لهُ المُلْكُ علَيْنَا ونحْنُ أحَقُّ بالمُلْكِ منْهُ ولَمْ يؤْتَ سعَةً منَ المَالِ قالَ إنَّ اللَّهَ اصطَفَاهُ علَيْكُمْ وزَادَهُ بسْطَةً في العِلمِ والْجسْمِ واللَّهُ يؤْتِي ملْكَهُ منْ يشَاءُ واللَّهُ واسِعٌ علِيمٌ * وقَالَ لهُمْ نبِيُّهُمْ إنَّ آيةَ مُلكهِ أنْ يأتِيَكُمُ التَّابوتُ فيهِ سكِينَةٌ منْ ربِّكُمْ وبَقِيَّةٌ ممَّا ترَكَ آلُ موسَى وآلُ هارُونَ تحمِلُهُ المَلائِكَةُ إنَّ في ذلِكَ لآيةً لكُمْ إنْ كُنتمْ مؤمِنِينَ" [٩]، وفي هذه الآيات يذكرُ الله تعالى قصَّة النبي صموئيل -عليه السلام- مع قومه أيضًا، وهذه المواضع فقط هي التي ذُكر فيها النبي صموئيل -عليه السلام- في القرآن الكريم. [١٠]

المراجع[+]

  1. ^ أ ب ت {البقرة: الآية 246}
  2. ^ أ ب {البقرة: الآية 247}
  3. {البقرة: الآية 248}
  4. {البقرة: الآيات 250-251}
  5. تفسير الآيات (246-251) من سورة البقرة, ، "www.al-eman.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 22-11-2018، بتصرف
  6. {البقرة: الآية 249}
  7. {البقرة: الآية 250}
  8. الأرض المقدسة حقائق وعبر داود عليه السلام, ، "www.saaid.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 22-11-2018، بتصرف
  9. {البقرة: الآيات 247-248}
  10. صموئيل, ، "www.marefa.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 22-11-2018، بتصرف