خاطرة-عن-الحب
خاطرة عن الحب
الحب كلمة صغيرة، لكنّها تتسع لجميع الكلمات والعبارات، فالحب نسمة ربيعٍ دافئة تهبّ على القلب فتملأه فرحًا وسرورًا، وهو السرّ الإلهي الذي أودعه الله تعالى في القلوب لتصفو، وزهرة لا تذبل أبدًا، وعبير لا تنتهي رائحته العطرة، وبوحًا لا يُمكن أن تضيق به النفس، وهو سرّ الحياة وأجمل المشاعر الإنسانيّة وأنقاها وأرقاها؛ لأنه يُضفي على النفس السعادة، ويُعطيها أملًا مشرقًا، ولولاه لم تكن الحياة جميلة، ولم يكن لأيّ شيءٍ فيها نكهة أو طعم أو لون، لهذا فإنّ القلوبَ العامرة بالحب تكون أكثر عطفًا وأكثر إنسانية وأكثر تدفقًا بالحياة، ومن أراد أن يشعر بجمال الدنيا ويراها بمنظور الأمل، فعليه أن يُمارس حبه بجميع قلبه، وأن يفتح أبواب روحه له، وأن لا يتردد لحظة واحدة في إعلانه، فلولاه لما كان للحياة أي معنى.
الحب لا يكون في شيءٍ إلا زاده جمالًا، ولا يُنزع من شيءٍ إلا جعله موحشًا، وكلّ شيءٍ ينمو ويكبر معه يكون أكثر روعة، فالأبناء الذين يكبرون في جوٍ من المحبّة بين الأب والأم يكبرون بروحٍ ملؤها الفرح والثقة، والشجر الذي يزرعه المزارع بالحب ويعتني به بالحب يكن ثمره أفضل، حتى الحيوانات التي يُعاملها الناس بالحب تكن أكثر ألفة، فالحب مجموعة هائلة من التفاصيل الصغيرة المهمة، وعلى الرغم من بساطة هذه التفاصيل وسهولة تطبيقها، إلا أن البعض يجهل كيفية التعامل فيها، فمن لا يُتقن فن الحب لا يعرف كيف يعيش، فالحب فنٌ من فنون الحياة، وهو أكبر معلمٍ للقلب والروح، ولا يمكن لأي أحدٍ أن ينكر فضله في تصفية القلوب وتنقية الأرواح.
ربما يتعرّض الحب أحيانًا للتشويه والتجريح والخيانة، لكن هذا لا يعني أنّ الحب قد يجرحُ القلب، إنّما البعضُ يلوّثه بممارساته، ويجعل الناس ينفرون منه، خصوصًا إنْ وقع الشخص في حبّ قلبٍ لا يستحق، فليست كل القلوب تستحق الحب، وليس كل إنسانٍ جديرًا به، فمن أراد أن يكون على قدر المسؤولية، فعليه أن يسموَ فوق الأحقاد جميعها، وأن يسمح لنوره أن يتسلل إلى أعماق قلبه، وألّا يفكر أبدًا في أن يكون حبه مشروطًا أو أن يكون بمقابل، بل على الإنسان أن يمنح حبه للحياة وكلّ ما فيها، بغض النظر عن قساوتها وخيانتها أحيانًا؛ لأن الأفضل عدم التفكير في عواقب الحب الصافي، حتى وإن لاقى قلبًا خائنًا، لأن الله تعالى في نهاية الأمر يُكافئ القلوب النقية التي يكون حبها نقيًا، ويمنحها قلوبًا تُشبهها ويدلّها على طريقها.