خاطرة-عن-الأخ
خاطرة عن الأخ
الأخ هو السّند والأمان، وهو الشجرة الوارفة التي لا تميلُ ولا تنحني، وهو السور العالي والحصن المنيع الذي يذود عن أخيه مصائب الدنيا، ويكون له سندًا وعونًا على الأيام والأعداء، والأخ هو روحٌ إضافية، ونسمة صيفٍ عليلة تهبّ على القلب لتخفف من لهيب الحزن فيه، ولا يعرف قيمة الأخ إلا من عاش في الدنيا محرومًا من نعمة وجوده؛ لأن وجوده هو الحياة، وهو الخير والعطاء، والمُعين على كلّ شيء، ولذلك تبدو الحياة أكثر صعوبة دون وجوده، وتبدو الأيام مملة باهتة، فمن يعيش بلا أخ يكون كمن يسعى إلى الحرب دون أن يحمل في يده السلاح.
وجود الأخ يعني أن يكون لك قلبٌ ينبض في جسدٍ آخر، وأن يكون لك عين تُبصر في رأس أخيك، فالأخ هو هو عين أخيه التي ترى وأذنه التي تسمع وقلبه الذي ينبض، وهو روحه المعلقة فيه، لذلك لا عجب أن الأخوة يشعرون ببعضهم البعض مهما كانت المسافات بينهم طويلة، فالأخ يشعر بحزن أخيه يتسلل في قلبه، فيمدّ يده إلى عينيه ليمسح دموعه دون أن يشعر، كما يشعر بفرحه وضحكاته، فيبتسم عوضًا عن أخيه، وهذا الحب العظيم بين الأخوة ليس حبًا متصنعًا أو مدّعيًا، بل هو حبٌ فطري ينبع من غريزة طبيعية وضعها الله في قلوب الأخوة الذين يربطهم الدم.
الأخ ليس مجرّد شخصٍ عابرٍ في الحياة، بل هو الشخص الذي تربى وعاش مع أخيه وشاركه جميع ظروف حياته، فالأخوة يعيشون ظروف الحزن والفرح ومعًا، ويأكلون من طبقٍ واحد، وينامون في بيت واحد، ويتوجهون بحبهم إلى نفس الأشخاص، ويعرفون أسرار بعضهم البعض، فالأخ هو مستودع أسرار أخيه، وهو الذي يعرف عنه كل شاردة وواردة، وهو الذي يعرف أوقات شروده ويعرف ما يُحب وما يكره، لهذا فإنّ الأخ لا يُعوّض بالمال أو الأبناء أو أي شيء، والأجمل من كلّ هذا أن يكون الأخ صديقًا لأخيه، فتزداد الصلة بينهما، وتتقارب العلاقة بينهما أكثر فأكثر.
الأخ هو أجمل وردة في بستان العمر، وهو نبض القلب وحشاشته، وهو الوريد الذي يُغذي الفرح في القلب، فالأخ هو الأخ مهما اختلف عمره، وقد يكون ايضًا بمثابة الأب والصديق، ولهذا يقولون دوما: "الأخ الصالح أفضل من النفس، لأن النفس أمّارة بالسوء، أما الأخ الصالح فلا يأمر إلا بالخير"، وفي هذه العبارة العظيمة تُلخص قيمة الأخ، ولا شيء يواسي النفس أكثر من وجود أخ إلى جانب القلب، يرعاه ويُوقظه في كلّ لحظة.