موضوع-عن-الصداقة-قصير
موضوع عن الصداقة قصير
الصداقة من أثمن الأشياء في الوجود، وهي من أرقى العلاقات الإنسانيّة وأنبلها لأنّها تبني جسورًا من المحبّة بين القلوب، وتُعطي للحياة جمالًا إضافيًّا، وتُضفي على الوقت روعةً كبيرة لا حدودَ لها، خصوصًا أن الصداقة تُقرّب الأرواح من بعضها البعض، وتجعل من القلوب مهبطًا للحب والإيثار، كما تنزع الملل من الحياة، وتُسهم في إضفاء جوٍ من المرح، خصوصًا إن كانت هذه الصداقة حقيقية، فالصداقة ليست مجرّد كلمة عابرة، وإنما هي عقدٌ للمحبة الثابتة، وعربونٌ للوفاء والانتماء إلى قلوب الأصدقاء، وكما يقولون دومًا أن الصديق وقت الضيق، لذلك فإنّ من ينتمي إلى عالم الصداقة، يكن له سندًا وعونًا في أوقات الضيق، وتُصبح حياته أكثر احتمالًا في لحظات الألم والحزن.
الصداقة تمنح الشخص الثقة بنفسه وبالآخرين، كما تُعطيه أخوة أعزاء من شتى الأصول والمنابت والأماكن، لتجمع بينهم هذه الرابطة المتينة؛ لأنّ رابطة الصداقة لا تقلّ شأنًا عن رابطة الدم، لذلك يجب اختيار الأصدقاء أصحاب الأخلاق العالية، الذين يُعينون صديقهم على الخير، ويمنعوه من فعل الشر، ويقدمون له النصيحة الصادقة، لأن الصديق يسحب صديقه إلى دربه، ويُعطيه من صفاته، لذلك يجب أن يكون اختيار الصديق مبنيًا على أسس الصداقة الصحيحة التي لا تحتمل المكر والخداع أو فعل الخطأ، وفي الوقت نفسه يجب على الصديق أن يحتمل صديقه وأن يُعينه على الخير، فالصداقة ودّ وإيمان وإخلاص وروح إيجابية تمنح الخير للجميع.
من أهمّ ما يجب أن تلتزم به الصداقة، أن يحرص الصديق على حفظ غيبة صديقه، وأن يُدافع عنه وينصره، وأن يُعينه على الحق، فالصداقة تُقاس بالأفعال والمواقف، كما أن الصديق الحقيقي هو الذي يمشي إلى جانب صديقه ويدعمه عندما يتخلى الجميع عنه، وهو الذي يعرف عيوب صديقه كلّها ولا يعتبرها نقطة ضعفٍ فيه، وإنما يستر عيوبه قدر الإمكان، لذلك فإن الصداقة في الدنيا تظلّ نفسها صداقة الآخرة، فالأصدقاء الذين يحبون بعضهم في الله يكونون معًا دومًا، ولا يفرق بينهم شيء، أما الصداقة التي تكون مبنية على مصلحة خاصة، فهي زائلة ولا يمكن أن تستمرّ؛ لأنها كسرت أهم عنصرٍ يجب توفره في الصديق، فالصديق الحقيقي لا يتقرب من صديقه لأجل مصلحة أو هدف، إنما يتقرب منه لأنه اختاره ليكون صديقًا للروح والقلب والعقل، فالصداقة هي الشمس المشرقة التي تُنير الأرض، وهي العطر الذي يفوح على القلب فيفرح، وهي نسمة الربيع الهادئة التي لا تترك إلا أثرًا طيبًا، وهي الجوهرة الثمينة التي لا يمكن أن يكون لها بديل.