مواقف-الصحابة-في-غزوة-بدر

الصحابة
قبل الحديث على مواقف الصحابة في غزوة بدر لا بدَّ من تسليط الضوء على صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فصحبته -عليه السلام- أفضل وأشرف وأعظم صحبةٍ يمكنُ أن يحظى بها أي مسلم، وفيها الكثير من الدروس والعبر والطاقات الإيمانية العظيمة التي تعيدُ إحياء القلوب بحبِّ الله تعالى وحبِّ رسوله -صلى الله عليه وسلم-، والصحابة هم المسلمون الذين صحبوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو شاهدوه كما قال الإمام البخاري في صحيحه، وفي هذا المقال سيدورُ الحديث حول مواقف الصحابة -رضي الله عنهم- في غزوة بدر. [١]
مواقف الصحابة في غزوة بدر
كان صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أفضل الخلق بعد الرسل والأنبياء كما قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الذي رواه جابر بن عبد الله أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ اللهَ تعالَى اختارَ أصحَابي على العَالمين سِوى النبيِّينَ والمُرسلينَ، واختارَ لي من أصحَابي أربَعةً -يعني أبَا بكرٍ وعُمرَ وعُثمانَ وعَليًّا- فجعلَهم أصحَابي، وفي أصحَابي كلِّهم خيرٌ، واختارَ أمَّتي على سَائرِ الأممِ، واختارَ لي من أمَّتي أربعَةَ قرونٍ" [٢]، فهم خير البشر ولذلك فإنَّ مواقف الصحابة -رضوان الله عليهم- دائمًا كانت على قدر هذا التشريف والتعظيم الذي أكرمهم به الله تعالى، ولم يتهاونوا يومًا في نصرة الله ورسوله وهذا الدين القويم الذي دخلوا فيه أفواجًا وما زالوا يقاتلون في سبيله حتى عمَّ بلاد المشرق والمغرب، ومن أشهر مواقف الصحابة كانت مواقف الصحابة في غزوة بدر، عندما سطَّروا في ذلك اليوم أروع آيات البطولة والتضحية والفداء، فلم تضعف هممهم ولم تنكسر عزائمهم، وأظهروا تفانيهم المنقطع النظير في نصرة الله ورسوله، فبعدَ أن عرفَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون أنَّه لا مفرَّ من خوض هذه المعركة الحاسمة.
وقد ذكر الله تعالى هذا الموقف في محكم التنزيل عندما قال تعالى: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} [٣]، عند ذلك قام رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ونادى على صحابته طالبًا مشورتهم: "أشيروا عليَّ أيها الناس" [٤]، عند ذلك قام أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وتكلَّم وأحسن في ذلك كثيرًا وقام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وقال مثل صاحبه، وقام المقداد بن عمرو وقال كلامًا لا يقدَّر بثمنٍ عن التضحية والفداء: "يا رسول الله، امض لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [٥]، ولكن نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد -يعني بلاد الحبشة- لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه" [٦]
ولكنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يريد أن يعرف مواقف الصحابة من الأنصار أيضًا لأنَّهم كانوا أكثر عددًا، فقامَ سعد بن معاذ -رضي الله عنه- وقال أيضًا كلامًا لا يقلُّ عمَّا قاله من سبقه، فقال: "قد آمنَّا بك وصدقناك وشهدنا أنَّ ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا، على السَّمع والطاعة، فامضِ يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته، لخضناه معك، ما تخلَّف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصُبُرٌ في الحرب، صُدُقٌ في اللقاء، لعلَّ الله يريك منا ما تقرُّ به عينك، فسِر بنا على بركة الله" [٦]، وهكذا مضى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بهذه الهمم العالية والنفوس المؤمنة التي تبذلُ كل نفيسٍ في سبيل الله وكانت معركة بدر معركةً فاصلة وبدايةً لنهوض دولة الإسلام التي أقامها الصحابة في سنوات قليلة. [٧]
نتائج غزوة بدر
كانت غزوة بدر من أهمِّ الغزوات في تاريخ الإسلام؛ لأنَّها فتحت أبواب النصر للمسلمين والإسلام، وكانت أول خطوة في طريق بناء الدولة الإسلامية التي أقامها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته من بعده، وكان ذلك بسبب مواقف الصحابة في تلك المعركة وإيمانهم الراسخ الذي دفعهم إلى تسطيرِ بطولات قلَّ نظيرها في تاريخ البشرية، فكانت مواقف الصحابة من فداء وتضحيات وبطولات سبيلًا إلى تحقيق نصرٍ عظيم في معركة بدر ونتائج هامَّة جدًّا للمسلمين، وفيما يأتي أهم نتائج غزوة بدر: [٨][٩]
- أظهرت معركة بدر المسلمين على اعتبارهم قوة حقيقية لا يستهان بها، وعلى أنَّهم قادرون على تحقيق الانتصارات على أكبر الجيوش.
- ازدياد ثقة المسلمين بأنفسهم بعد تحقيق النصر في معركة بدر.
- إلحاق الهزيمة المنكرة بقبيلة قريش وتحطيم مكانتها بين القبائل.
- قتل عدد كبير من سادات ورجال كفار قريش.
- توجيه ضربة اقتصادية لقبيلة قريش وتهديد طرق التجارة بالنسبة لها.
- تعزيز اقتصاد المسلمين بالغنائم وافتداء الأسرى.
- فتحت أبواب النصر للمسلمين وتقوية عزائمهم لتوسيع دولة المسلمين ونشر الدين الإسلامي.
المراجع[+]
- ↑ فصل في تعريف الصحابي, ، "www.al-eman.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 7-1-2019، بتصرف
- ↑ الراوي: جابر، المحدث: القرطبي المفسر، المصدر: تفسير القرطبي، الصفحة أو الرقم: 16/306، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ↑ {الأنفال: الآية 5-6}
- ↑ الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: أحمد شاكر، المصدر: عمدة التفسير، الصفحة أو الرقم: 2/103، خلاصة حكم المحدث: أشار في المقدمة إلى صحته
- ↑ {المائدة: الآية 24}
- ^ أ ب الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: أحمد شاكر، المصدر: عمدة التفسير، الصفحة أو الرقم: 2/103، خلاصة حكم المحدث: أشار في المقدمة إلى صحته
- ↑ من دروس غزوة بدر, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 7-1-2019، بتصرف
- ↑ غزوة بدر الكبرى 2هـ, ، "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 7-1-2019، بتصرف
- ↑ غزوة بدر, ، "www.marefa.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 7-1-2019، بتصرف