سؤال وجواب

قصة-امرأة-العزيز


النبي يوسف عليه السلام

هو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم-عليهم السلام-، قال عنه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام" [١]، ولد في أرض فلسطين في الشام، وعاش فيها مدّة إلى أن تآمر عليه إخوته وأوقعوه في البئر ليصبح بعدها عزيز مصر، وملك خزائن الأرض. [٢]، وله قصّة مع امرأة العزيز أيْ: عزيز مصر آنذاك، سترد في هذا المقال مفصّلة إن شاء الله.

زليخة امرأة العزيز

واسمها راعيل، و "زليخة" هو لقبها كما ذهب بعض المفسّرين كابن كثير الدمشقي، وكانت زوج عزيز مصر، وكانت ذات منصب وجمال ورهبة في القصر الملكي، وكانت محط أنظار نساء القصر، فكنّ يغَرنَ منها، ويحسدنها على ما آتاها الله من جمال وسلطان؛ ولذلك لم يوفّرنَ فرصة للشماتة بها حين سمعن بما جرى بينها وبين يوسف-عليه السلام-اللاتي كنّ ينظرن إليه على أنّه خادم، ولا يليق بمثلها ممّن في مركزها أن تراود غلامها عن نفسه! [٣]، [٤]

قصة زليخة امرأة العزيز

كانت زليخة متزوجة من عزيز مصر، وعزيز مصرر آنذاك يعني رئيس الشرطة، وملك الخزائن، واسمه كان "قطفير" كما روي عن ابن عبّاس-رضي الله عنهما-في كتب التفاسير، وقد كان عزيز مصر حصورًا؛ أي: لا يقرب النساء، وكانت هي عقيمًا، وتذكر بعض الروايات أنّها كانت عذراء!، وكانت ذات حسن وجمال ومركز عالٍ في القصر الملكي. [٤][٣][٥].

زليخة امرأة العزيز والنبي يوسف عليه السلام

حين أتى يوسف إلى قصر العزيز وبيته كان طفلا صغيرًا، فكان عزيز مصر وزوجه يحسنان إليه، وهذا ما أمر به عزيز مصر زوجه زليخة، قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا﴾ [٦]، ولكنّه حين شبّ وظهرت عليه علامات الرجولة والحسن الطاغي صارت امرأة العزيز تفكّر فيه بشيء من الشهوة، وصارت تريد منه ما تريد المرأة من زوجها، وذات يوم استغلت غياب زوجها عن البيت، وتزيّنت وتعطّرت وتجهّزت كما لو أنّها ستلقى زوجها وحبيبها أوّل مرّة؛ فازدادت جمالًا وأنوثة على جمالها وأنوثتها الصّارخة التي عادة ما تذهب بلبّ الرجل الشديد، ولا ينجو منها إلّا من آتاه الله حظّا من الإيمان، والثّبات في هذا الموطن الذي تزلّ به الأقدام، وحين صار الاجتماع الذي انتظرته راعيل، أو زليخة لا فرق، أبى نبي الله-عليه السّلام-أن يخون أمانة سيّده الذي أحسن إليه، فقال: ﴿مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ [٧]، وكذلك هو ولو لم تكن امرأة الرجل الذي أحسن إليه فهو لا يقع في الفاحشة؛ إذ هو من عباد الله المخلَصين، فأرادت ان تهمّ بهن وأراد هو أن يهمّ بها لولا أن أرسل الله له برهانًا يثبّته ويبعده عن الفاحشة، وقال بعض المفسّرين إنّ البرهان كان أن رأى صورة أبيه يعقوب-عليهما السلام-يعضّ على إصبعه ويقول: يا يوسف، لا تواقعها، إنّما مثلك ما لم تواقعها مثل الطير في جوّ السماء لا يطاق، ومثلك إذا واقعتها مثله إذا مات وسقط إلى الأرض،[٨]، وحين رأى يوسف -عليه السلام-برهان ربه فرّ إلى الباب يريد فتحه، فركضت خلفه تريده، فأمسكت قميصه فقدّته؛ أي: شقّته فإذا بزوجها يفتح الباب، ومعه ابن عمّها، فأرادت أن تتدارك الموقف وتبرّئ نفسها فقالت لزوجها: ﴿مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [٩]، فقال سيدنا يوسف عليه السلام: بل هي ﴿رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي﴾ [١٠].

هنا شهد الشاهد الذي هو من أقربائها إن كان قميصه قد شقّ من الأمام فقد كذب سيدنا يوسف-حاشاه-، وإن كان قد شقّ من الخلف فقد صدق وهي الكاذبة، فإذا بالقميص قد شقّ من الخلف، ما يعني براءة يوسف-عليه السلام-من التهمة التي أرادت امرأة العزيز لصقها به كذِبًا وزورًا، هنا قال العزيز لهما: ﴿إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ * يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ﴾ [١١] في سعي منه لأن تنتهي القصة هنا ولا يعلم بها أحد؛ لأنّ ذلك سيشكّل له فضيحة، ويهزّ مركزه. [٨]، [١٢]، [١٣].

زليخة امرأة العزيز ونساء المدينة

انتشر خبر امرأة العزيز بين نساء من نسوة المدينة، ويقال إنّهنّ أربعة نسوة: امرأة خبّاز الملك، وامرأة ساقيه، وامرأة حاجبه، وامرأة بوّابه، [١٤]، وتناهى الخبر إلى أذن امرأة العزيز فقررت أن تردّ كيدهنّ في نحورهنّ، فأرسلت في طلبهنّ وأعدّت لهنّ مكانًا للجلوس والاسترخاء، وقدّمت لهنّ ضيافة على أشهر الأقوال أنّها فاكهة الأترج، وهي نوع من الحمضيات بين الليمون والبرتقال، ومعلوم عن هذه الفاكهة قساوة قشرتها؛ إذ تحتاج إلى قوة في قطعها، وحين تناولن الفاكهة أشارت إلى يوسف-عليه السلام-أن اخرج كي يرينك، وعندها أصيبت النسوة بالذهول من جمال سيدنا يوسف-عليه السلام-ولم يشعرن أإن كان ما يقطّعنه الفاكهة أم أصابع أيديهن، وقلن: ﴿حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ [١٥]، والظاهر أنّهنّ لم يقطّعن أصابعهن، وإنّما جرّحنهنّ فقط، [١٢]، عندها انتهزت امرأة العزيز فرصة ذهولهنّ بجمال يوسف-عليه السلام-وأخبرتهن بالحقيقة، فقالت: ﴿فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ﴾ [١٦].

وهنا اختار سيدنا يوسف أن يسجن على أن يهمّ بفاحشة ويواقع أولئك النسوة، قال-عليه السلام-: ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [١٧]، فاستجاب له الله-سبحانه-وصرف عنه كيدهنّ، وذهب به إلى السجن حيث اختار هو نفسه عليه السلام، قال تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [١٨]، [١٩]، [١٢]، [٨].

نظرة الإسلام إلى زليخة امرأة العزيز

يرى الإسلام زليخة امرأة العزيز امرأةً من أهل السلطان والجاه والحسب، امرأةٌ ذات بصمة كبيرة غيّرت مسار حياة كاملة، ودخل يوسف -عليه السلام- السجن بسببها، وخرج منه ليكون عزيز مصر الجديد!

يراها الإسلام مثال المرأة التي وقعت تحت وطأة جماح قلبها، وكادت أن تقع في معصية لولا أن الله قد أراد غير ذلك، لكنّها أيضًا تابت عن فعلتها، بل إنّ بعض المفسّرين كابن جرير الطبريّ قد روى أنّها قد تزوّجت من يوسف و ولدت له ولدين، أحدهما هو جد يوشع بن نون فتى موسى! [٢٠]، ومن المعلوم أنّ هذه الروايات مأخوذة عن الإسرائيليّات، وهذه لا نصدقها، ولا نكذبها؛ امتثالا لقوله صلّى الله عليه وسلّم: " لا تُصَدِّقوا أهلَ الكتابِ ولا تُكَذِّبوهم، وقولوا : آمنَّا باللهِ وما أُنزِلَ إلينا"، [٢١]

مواضع ذكر زليخة امرأة العزيز في القرآن

وردت قصة امرأة العزيز مع سيدنا يوسف-عليه السلام-في سورة يوسف فقط، وفي أربعة مواضع، اثنان منها ورد ذكرها: امرأة العزيز ومرةً جاءت بلفظ "امرأته"، ومرة جاءت بلفظ "التي هو في بيتها، والآيات التي ذكرت فيها هي:

  • ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [٦].
  • ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ [٢٢].
  • ﴿وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ۖ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ [٢٣].
  • ﴿قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ ۚ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ ۚ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [٢٤].

المراجع[+]

  1. الراوي: عبدالله بن عمر، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3382، خلاصة حكم المحدث: صحيح
  2. التعليق على قصة يوسف عليه السلام في القرآن, ، "islamqa.info"، اطُّلِع عليه بتاريخ 17-1-2019
  3. ^ أ ب هل تزوج يوسف عليه السلام من امرأة العزيز في آخر الأمر؟, ، "islamqa.info"، اطُّلِع عليه بتاريخ 17-1-2019
  4. ^ أ ب تفسير سورة يوسف, ، "www.al-eman.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 17-1-2019
  5. ورد ذكر القصة في سورة يوسف, ، "kalemtayeb.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 17-1-2019
  6. ^ أ ب {يوسف: الآية 21}
  7. {يوسف: الآية: 23}
  8. ^ أ ب ت ذكر قصة يوسف عليه السلام, ، "www.al-eman.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 17-1-2019
  9. {يوسف: الآية 25}
  10. {يوسف: الآية 26}
  11. {يوسف: الآية 28-29}
  12. ^ أ ب ت قصة يوسف عليه السلام (2), ، "www.alukah.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 17-1-2019
  13. قصة يوسف عليه السلام في القرآن, ، "islamweb.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 17-1-2019
  14. تفسير سورة يوسف, ، "www.al-eman.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 17-1-2019
  15. {يوسف: الآية 31}
  16. {يوسف: الآية 32}
  17. {يوسف: الآية 33}
  18. {يوسف: 34}
  19. التعليق على قصة يوسف عليه السلام في القرآن, ، "islamqa.info"، اطُّلِع عليه بتاريخ 17-1-2019
  20. تفسير الآية 56 من سورة يوسف, ، "quran.ksu.edu.sa"، اطُّلِع عليه بتاريخ 17-1-2019
  21. الراوي: أبو هريرة، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4485، خلاصة حكم المحدث: صحيح.
  22. {يوسف: الآية 23}
  23. {يوسف: الآية 30}
  24. {يوسف: الآية 51}