أغراض-الشعر-العربي
محتويات
مفهوم الشعر
يحتلُّ الشعر في الأدب العربي مكانةً كبيرة، حيثُ يعدُّ من أقدم الفنون الأدبية التي انتهجَها العرب منذ العصر الجاهلي، فهو يحملُ إرثهم الأدبي وثقافتهم وتاريخهم ولذلك قيل عنه: الشعر ديوان العرب، ويعدُّ الشعر أحد أنواع الفنون الأدبيَّة الذي يتميَّزُ عن بقية الفنون والأشكال الأدبية بالأوزان والقافية التي تحدّده وتؤطّرُه، فالشعر كلام مقفَّى يُنسَج على أحد أوزان الشعر المعروفة، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول الشعر العربي وحول أغراض الشعر العربي ونماذج منه.
الشعر العربي بين الماضي والحاضر
قبلَ الحديث عن أغراض الشعر العربي سيُشار باختصار إلى الشعر العربيّ بين الماضي والحاضر، فقد مرَّ الشعر العربي خلال مسيرته الطويلة والتي امتدّت لعدَّة قرون منذ العصر الجاهلي إلى العصر الحديث بعدَّة مراحل، بدأ فيها خلال العصر الجاهلي انتقالًا إلى عصر صدر الإسلام ويليه العصر الأموي ثمَّ العصر العباسي مرورًا بعصر الانحطاط وعصر النهضة بعده وأخيرًا حيثُ حطَّ رحاله في العصر الحديث، ورغم مرور كل هذه العصور والتغيرات البنيوية في جميع نواحي الحياة بشكلٍ عام، إلا أنَّ الشعر العربي قد حافظَ على ذاته دون أن تحدث عليه تغيرات كبيرة ولم تتعدّد أنواع الشعر العربي بسبب تماسك اللغة العربية وتوازن البنية الأدبية التي يقوم الشعر العربي عليها.
واستمرَّ الشعر العربي على ما هو عليه حتّى العصر الحديث باستثناء الموشّحات التي أحدثَها الشعراء في الأندلس في القرن التاسع الميلادي والتي كانت تعدُّ ثورةً على نمطِ القصيدة التقليدي المحكوم بأحد أوزان الخليل بن أحمد الفراهيدي، أمَّا في العصر الحديث فقد ظهرَ نوعٌ جديد في الشعر العربي واستطاع خلال سنوات قليلة أن يغدو أكثرَ انتشارًا وقبولًا على الساحتين الأدبية والشعبية وهو ما سُمِّيَ "الشعر الحر" والذي بدأ يأخذُ شكله الخاصّ به في ثلاثينيّات القرن العشرين، وكان ثورةً عارمة في الأدب العربي خاصَّة أنَّه ارتبط بتحوّل كبير وجذريّ في مختلَفِ الجوانب المتعلقة بالشعر، مع بقاء الشعر العموديّ محافظًا على وجوده جنبًا إلى جنب مع الشعر الحر. [١]
أغراض الشعر العربي
تنوّعت أغراض الشعر العربي منذ العصر الجاهلي، وذلك حسب ما تقتضيهِ أحوالُ الناس، وبناءً على الأهداف التي قيل من أجلها الشعر في كلّ مرحلة، إلا أنَّه بشكلٍ عامّ كانت أغراض الشعر العربي محصورةً في عدة أغراض استمدَّها من البيئة التي خرجَ منها، وكان الشعر لمرحلة طويلة من الزمن صوت الناس والأرض الوحيد، وفيما يأتي بعض أهم أغراض الشعر العربي: [٢]</span>
- الغزل: يعدُّ الغزل من أهمّ أغراض الشعر العربي على الإطلاق، إذ لا يخلو عصرٌ من العصور أو مرحلة من المراحل التي مرَّ بها الشعر إلا وأخَذَ الغزل مساحةً واسعةً في ساحة الأدب، واختلف بين مرحلة وأخرى حسب البيئة وطبيعة الحياة التي عاشها الشاعر، فمثلًا ما بين امرئِ القيس ونزار قباني اختلافٌ جَذريّ كبير في البيئة والمعطيات وجميع جوانب الحياة أدى كل ذلك إلى اختلاف في بنية الشعر والتراكيب والألفاظ المستخدمة في الشعر.
- المدح: من أغراض الشعر العربي التي سارت مع الشعر العربي في مسيرته الطويلة، رغم اختلاف كل عصر ومعطياته، ورغم مرور الكثير من الشعراء الذين أبدعوا في المدح على مر العصور يبقى أبو الطيب المتنبي أحد أبرز وأشهر الشعراء في المدح.
- الحماسة والفخر: يعدُّ هذا الغرض من أشهر أغراض الشعر العربي خلال كثير من المراحل التي مرَّ بها، خاصّة في العصر الجاهلي، فاشتمل على البطولات والشجاعة والصدق والكرم والعفة والافتخار وغيرها.
- الهجاء: أحد أغراض الشعر العربي التي كانت منتشرة سابقًا وخاصةً في العصر الجاهلي، وبسبب الحروب الكثيرة والطويلة بين القبائل والتي كان يستمر بعضها لعشرات السنوات وبسبب البيئة الصحراوية الجافة ساعدَ ذلك على انتشار هذا الغرض.
- الوضف: يعدُّ الوصف من أهم الأغراض وربما أكثرها انتشارًا في الشعر العربي منذ بدايته وحتى العصر الحديث، فقد لا تخلو قصيدة عربية من الوصف بشكلٍ أو بآخر وبشكلٍ مباشر أو بشكل غير مباشر، فقد كان الشاعر يصف كل ما تقع عينه عليه وكل ما يشعر به، فالوصف من أوسع أبواب الشعر على الإطلاق.
- الرثاء: وهو أحد أنواع شعر المديح إلا أنَّه يتعلق بذكر خصال وصفات الشخص الميت مصحوبًا ذلك بالأسى والحزن والتفجُّع، وقد كان منتشرًا وما يزال بسبب كثرة الحروب والقتل الذي لم تخلُ منه مرحلة من المراحل التي مرت بها الأمة العربية.
- الحكمة: أحد أغراض الشعر العربي التي تنطوي على ذكر أفكار صحيحة هادفة بأسلوب سلس وسهل وجميل، وتحاول الحكمة دائمًا تحقيق الخير والصواب ونبذ الخطأ والشر، ويجمع شعر الحكمة بين دقة التشبيه والإيجاز وقوة الألفاظ وروعة التعبير.
نماذج من الشعر العربي
بعد الحديث عن أغراض الشعر العربي، سيتمُّ ذكر بعض نماذج من الشعر العربي، حيثُ كان لكل مرحلة خصائص تميز شعر تلك المرحلة، ومن الطبيعي أن تحتلف البنية الشعرية والألفاظ المستخدمة وأحيانًا المواضيع باختلاف العصر ومعطياته والبيئة المحيطة بالشاعر، وفيما يأتي بعض نماذج من الشعر العربي:
- معلقة امرئ القيس والتي تعدُّ من أشهر ما قيل في الشعر العربي خلال جميع مراحله، والتي مطلعها "قفا نبكِ من ذكرى حبيب ومنزل" وعُرف عن امرئ القيس أنَّه شاعر الغزل والنساء، وفيما يأتي مطلع القصيدة: [٣]</span>
- قصيدة غزلية للشاعر الأشهر في تاريخ الأدب العربي وهو شيخ الشعراء المتنبي، والذي قيل عنه: مالئ الدنيا وشاغل الناس، تبدأ القصيدة بقوله "ما لنا كلنا جو يا رسول"، وفيما يأتي بعض من أبيات القصيدة: [٤]</span>
- إحدى قصائد ابن الفارض وهو من أشهر الشعراء الصوفية في العالم الإسلامي، اشتُهرت قصائده بالرقة والدعوة إلى الحب الخالص الذي يعلو ويسمو إلى درجات تفوق تصور البشر، وفيما يأتي بعض أبيات من قصيدته "قلبي يحدثني بأنك متلفي": [٥]
- إحدى قصائد الشاعر نزار قباني، وهي قصيدة من الشعر الحر الذي اشتُهر في العصر الحديث وبسط رداءه على ساحة الشعر العربي بقوة، وفيما يلي نص القصيدة والتي مطلعها "أقدم اعتذاري": [٦]
- إحدى قصائد الشاعر الكبير محمود درويش الشهيرة والتي كتبها على الطريقة العمودية التقليدية رغم أنَّه كان من رواد الشعر الحر، فكانت معظم أشعاره من الشعر الحر، ومع ذلك فهناك بعض القصائد القصيرة له التقليدية في شكلها والحديثة في مضمونها وتراكيبها، وفيما يأتي مقطع من القصيدة: [٧]
</ul> قفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْملِ
فتوضح فالمقراة لم يَعفُ رسمها لما نسجتْها من جَنُوب وَشَمْأَلِ
ترى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصاتِها وقيعانها كأنه حبَّ فلفل
كأني غَداة َ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَلوا لدى سَمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ حنظلِ
وُقوفًا بها صَحْبي عَليَّ مَطِيَّهُمْ يقُولون: لا تهلكْ أسىً وتجمّل
</ul> مَا لَنَا كُلُّنَا جَوٍ يا رَسُولُ أنَا أهْوَى وَقَلبُكَ المَتْبُولُ
كُلّما عادَ مَن بَعَثْتُ إلَيْهَا غَارَ منّي وَخَانَ فِيمَا يَقُولُ
أفْسَدَتْ بَيْنَنَا الأمَانَاتِ عَيْنَا هَا وَخَانَتْ قُلُوبَهُنّ العُقُولُ
تَشتَكي ما اشتكَيتُ مِن ألمِ الشّوْ قِ إلَيها وَالشّوْقُ حَيثُ النُّحولُ
وَإذا خامَرَ الهَوَى قَلبَ صَبٍّ فَعَلَيْهِ لِكُلّ عَينٍ دَلِيلُ
زَوِّدينَا من حُسنِ وَجْهِكِ ما دا مَ فَحُسنُ الوُجوهِ حَالٌ تحُولُ
وَصِلِينَا نَصِلْكِ في هَذِهِ الدّنـ ـيَا فإنّ المُقَامَ فيها قَليلُ
مَنْ رَآهَا بعَيْنِها شَاقَهُ القُطّ ــانُ فيهَا كمَا تَشُوقُ الحُمُولُ
إنْ تَرَيْني أدِمْتُ بَعْدَ بَيَاضٍ فَحَميدٌ مِنَ القَناةِ الذُّبُولُ
صَحِبَتْني على الفَلاةِ فَتَاةٌ عادَةُ اللّوْنِ عندَها التّبديلُ
سَتَرَتْكِ الحِجالُ عَنهَا وَلكِنْ بكِ مِنهَا منَ اللَّمَى تَقبيلُ
قـلـبي يُـحدثُني بأنك مُـتلفي روحـي فِداك، عرَفت أم لم تعرفِ
لم أقضِ حق هواكَ إن كنتَ الذي لـم أقـض فيه أسى ومثلي مَن يفي
مـا لي سوى روحي، وباذلُ نفسه فـي حب من يهواه ليس بمسرفِ
فـلئن رضـيتَ بها فقد أسعفتني يـا خيبة المسعى إذا لم تسعفِ!
يـا مانعي طـيب المنام ومانحي ثـوب الـسقام بـه ووَجدي المتلفِ
عـطفًا على رمَقي وما أبقيتَ لي من جسمي المضنى وقـلبي المُدنف
فـالوجد بـاقٍ والوصال مماطلي والـصبر فانٍ والـلقاء مسوِّفي
لم أخلُ من حسدٍ عليكَ فلا تُضِع سهَري بتشنيع الخيالِ المُرجِفِ
أقدِّمُ اعتذاري لوجهكِ الحزين مثل شمسِ آخر النهارِ عن الكتاباتِ التي كتبتُها عن الحماقاتِ التي ارتكبتُها عن كلِّ ما أحدثته في جسمكِ النقيِّ من دمارِ وكل ما أثرته حولك من غبار أقدِّمُ اعتذاري عن كلِّ ما كتبت من قصائد شريرة في لحظةِ انهياري فالشعرُ يا صديقتي منفاي واحتضارِي طهارتِي وعاري ولا أريدُ مطلقًا أن توصمي بعاري من أجلِ هذا جئتُ يا صديقتِي أقدِّمُ اعتذاري أقدِّمُ اعتذاري
أمُرُّ باسمِكِ إذ أخْلو إلى نَفَسي كَما يمُرُ دِمَشقيٌّ بأَندَلِس
هُنا أَضاءَ لكِ الليمونُ ملحَ دَمي وهَا هُنَا وقَعتْ ريحٌ عَنِ الفَرَسِ
أمرُّ باسمك لا جَيشٌ يُحاصِرُني ولا بلادٌ كأنِّي آخرُ الحَرَسِ
أَوْ شَاعِرٌ يَتَمشَّى في هَوَاجسِهِ.المراجع[+]
- ↑ الشعر العربي, ، "www.marefa.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 3-3-2019، بتصرف
- ↑ كتاب الشعرية العربية: الأنواع والأغراض, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 3-3-2019، بتصرف
- ↑ قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل, ، "www.adab.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 3-3-2019، بتصرف
- ↑ ما لنا كلنا جو يا رسول, ، "www.adab.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 3-3-2019، بتصرف
- ↑ قلبي يحدثني بأنك متلفي, ، "www.adab.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 3-3-2019، بتصرف
- ↑ أقدم اعتذاري, ، "www.adab.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 3-3-2019، بتصرف
- ↑ أيام الحب السبعة, ، "www.aldiwan.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 3-3-2019، بتصرف