سؤال وجواب

أجمل-ما-قيل-في-الغزل


تعريف فن الغزل

يُعرَّف فن الغزل في الأدب العربي بأنَّه التعبير عن الجمال وأنَّه التغنِّي بالمحبوب وتجسيد الشوق وتفسير حال الفراق، وهو فنٌّ شعري اشتهر منذ العصور الأولى للأدب العربي، وقد انقسم الغزل في تاريخ الأدب العربي إلى قسمين اثنين: غزل عذري عفيف وهو ما يُعرف باسم الغزل البدوي، وغزل ماجن صريح، يعتمد الغزل العذري على إظهار المشاعر والأحاسيس فقط دون التعرُّض للمفاتن الجسدية عند المحبوب، بينما يقوم الغزل الماجن على التصريح والوصف وتجسيم المفاتن الجسدية للمحبوب، وهذا المقال سيسلِّط الضوء على أشهر شعراء الغزل في تاريخ الأدب، وعلى أجمل ما قيل في الغزل في الأدب العربي.[١]

أشهر شعراء الغزل

قبل الحديث عن أجمل ما قيل في الغزل، إنَّ الغزل في الشعر العربي كان حاضرًا في كلِّ عصور الأدب العربي عبر التاريخ، ففي العصر الجاهلي اشتهرتِ المقدمات الغزلية التي تكاد تتواجد في كلِّ قصيدة، ولعلَّ أبرز الشعراء الذين برعوا في فن الغزل في الجاهلية: عنترة بن أبي شداد، الأعشى، وابن زيدون، وفي العصر الحديث: نزار قباني وسعيد عقل وإبراهيم ناجي وعلي محمود طه وإسماعيل صبري.[٢]

أجمل ما قيل في الغزل

بعد تعريف الغزل والحديث عن أشهر شعراء الغزل في الأدب العربي، إنَّه لا بدَّ من المرور على أجمل ما قيل في الغزل في الشعر العربي، وذلك لإلقاء نظرة على شكل الغزل في الشعر العربي والتفريق بين ماجنه وعفيفه، وتحسس الفرق في الغزل الناتج عن اختلاف الشعراء، وفيما يأتي أجمل ما قيل في الغزل:

  • يقول الشاعر الجاهلي عنترة بن شداد:[٣]

رمتِ الفؤادَ مليحةٌ عذراءُ

بسهامِ لحظٍ ما لهنَّ دواءُ

مَرَّتْ أوَانَ العِيدِ بَيْنَ نَوَاهِدٍ

مِثْلِ الشُّمُوسِ لِحَاظُهُنَّ ظِبَاءُ

فاغتالني سقمِي الَّذي في باطني

أخفيتهُ فأذاعهُ الإخفاءُ

خطرتْ فقلتُ: قضيبُ بانٍ حركتْ

أعْطَافَهُ بَعْدَ الجَنُوبِ صَبَاءُ

ورنتْ فقلتُ: غزالةٌ مذعورةٌ

قدْ راعهَا وسطَ الفلاةِ بلاءُ

وَبَدَتْ فَقُلْتُ البَدْرُ ليْلَةَ تِمِّهِ

قدْ قلَّدَتْهُ نُجُومَهَا الجَوْزَاءُ

بسمتْ فلاحَ ضياءُ لؤلؤ ثغرِها

فِيهِ لِدَاءِ العَاشِقِينَ شِفَاءُ

سَجَدَتْ تُعَظِّمُ رَبَّها فَتَمايلَتْ

لجلالهِا أربابنا العظماءُ

يَا عَبْلَ مِثْلُ هَواكِ أَوْ أَضْعَافُهُ

عندي إذا وقعَ الإياسُ رجاءُ

إن كَانَ يُسْعِدُنِي الزَّمَانُ فإنَّني

في هَّمتي لصروفهِ أرزاءُ
  • يقول الشاعر كعب بن زهير في مقدمة قصيدة البردة:[٤]

بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ

مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُفدَ مَكبولُ

وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا

إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ

هَيفاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً

لا يُشتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طولُ

تَجلو عَوارِضَ ذي ظَلمٍ إِذا اِبتَسَمَت

كَأَنَّهُ مُنهَلٌ بِالراحِ مَعلولُ

شُجَّت بِذي شَبَمٍ مِن ماءِ مَحنِيَةٍ

صافٍ بِأَبطَحَ أَضحى وَهُوَ مَشمولُ

تَجلو الرِياحُ القَذى عَنُه وَأَفرَطَهُ

مِن صَوبِ سارِيَةٍ بيضٍ يَعاليلُ

يا وَيحَها خُلَّةً لَو أَنَّها صَدَقَت

ما وَعَدَت أَو لَو انَّ النُصحَ مَقبولُ

لَكِنَّها خُلَّةٌ قَد سيطَ مِن دَمِها

فَجعٌ وَوَلعٌ وَإِخلافٌ وَتَبديلُ

فَما تَدومُ عَلى حالٍ تَكونُ بِها

كَما تَلَوَّنُ في أَثوابِها الغولُ

وَما تَمَسَّكُ بِالوَصلِ الَّذي زَعَمَت

إِلّا كَما تُمسِكُ الماءَ الغَرابيلُ

كَانَت مَواعيدُ عُرقوبٍ لَها مَثَلًا

وَما مَواعيدُها إِلّا الأَباطيلُ

أَرجو وَآمُلُ أَن يَعجَلنَ في أَبَدٍ

وَما لَهُنَّ طِوالَ الدَهرِ تَعجيلُ

فَلا يَغُرَّنَكَ ما مَنَّت وَما وَعَدَت

إِنَّ الأَمانِيَ وَالأَحلامَ تَضليلُ

أَمسَت سُعادُ بِأَرضٍ لا يُبَلِّغُها

إِلّا العِتاقُ النَجيباتُ المَراسيلُ

وَلَن يُبَلِّغها إِلّا عُذافِرَةٌ

فيها عَلى الأَينِ إِرقالٌ وَتَبغيلُ

مِن كُلِّ نَضّاخَةِ الذِفرى إِذا عَرِقَتْ

عُرضَتُها طامِسُ الأَعلامِ مَجهولُ

تَرمي الغُيوبَ بِعَينَي مُفرَدٍ لَهَقٍ

إِذا تَوَقَدَتِ الحُزّانُ وَالميلُ
  • يقول الشاعر الأموي جميل بثينة:[٥]

تذكّرَ أنسًا من بثينةَ، ذا القلبُ

وبثنةُ ذكراها لذي شجنٍ، نصبُ

وحنّتْ قَلوصي، فاستمعتُ لسَجْرها

برملةِ لدٍّ، وهيَ مثنيّةٌ تحبو

أكذَّبتُ طرفي، أم رأيتُ بذي الغضا

لبثنةَ نارًا، فارفعوا أيها الركّبُ

إلى ضوءِ نارٍ ما تَبُوخُ، كأنّها

من البُعدِ والإقواء، جَيبٌ له نَقْب

ألا أيها النُّوّامُ، ويحكُمُ، هُبّوا!

أُسائِلكُمْ: هل يقتلُ الرجلَ الحبّ؟

ألا رُبّ ركبٍ قد وقفتُ مطيَّهُمْ

عليكِ، ولولا أنتِ، لم يقفِ الرّكبُ

لها النّظرةُ الأولى عليهم، وبَسطةٌ

وإن كرّتِ الأبصارُ، كان لها العقبُ
  • ويقول الشاعر العباسي حبيب بن أوس الطائي أبو تمام:[٦]

أحسِنْ بأيَّامِ العقيقِ وأطيبِ

والعَيْشِ في أَظْلاَلِهِنَّ المُعْجِبِ

وَمصيفِهِنَّ المُسْتَظِل بظِلهِ

سِرْبُ المَهَا ورَبيعِهنَّ الصَّيبِ

أُصُلٌ كبُرْدِ العصْبِ نيطَ إلى ضُحىً

عَبِقٍ بريحانِ الرِّياضِ مُطيَّبِ

وظِلالِهِنَّ المُشْرِقاتِ بِخُرَّدٍ

بِيضٍ كَواعِبَ غامِضَاتِ الأَكْعُبِ

وأغنَّ منْ دُعْجِ الظِّباءِ مُربَّبٍ

بُدلْنَ مِنْهُ أَغَنَّ غَيْرَ مُرَبَّبِ

للهِ ليلتُنا وكانتْ ليلةً

ذُخِرَتْ لَنا بَيْنَ اللوى فَالشُّرْبُبِ

قَالَتْ، وَقَدْ أَعْلَقْتُ كَفي كَفَّهَا:

حلاًّ، ومَا كلُّ الحلال بطيِّبِ

فنَعِمْتُ مِنْ شَمْس إِذَا حُجبَتْ بَدَتْ

مِنْ نُورِهَا فكأنَّها لم تُحْجَبِ

وإذا رنتْ خلتَ الظِّباءَ ولَدْنَهَا

ربعيَّةً واستُرضعتْ في الرَّبربِ

إنْسيَّةٌ إنْ حُصِّلتْ أنْسابُها

جِنَّيَّةُ الأَبَوَيْنِ ما لَمْ تُنْسَبِ
  • ويقول الشاعر نزار قباني:[٧]

لا تسـألوني ما اسمهُ حبيبي؟

أخشى عليكمْ ضوعةَ الطيوبِ

زقُّ العـبيرِ إنْ حـطّمتموهُ

غـرقتُمُ بعاطـرٍ سـكيبِ

والله لو بُحـتُ بأيِّ حرفٍ

تكدَّسَ الليـلكُ في الدروبِ

لا تبحثوا عنهُ هُـنا بصدري

تركتُهُ يجـري مع الغـروبِ

ترونَهُ في ضـحكةِ السواقي

في رفَّةِ الفـراشةِ اللعوبِ

في البحرِ، في تنفّسِ المراعي

وفي غـناءِ كلِّ عندليـبِ

في أدمعِ الشتاءِ حينَ يبكي

وفي عطاءِ الديمةِ السكوبِ

لا تسألوا عن ثغرهِ فهلا

رأيتـمُ أناقةَ المغيـبِ

ومُـقلتاهُ شاطـئا نـقاءٍ

وخصرهُ تهزهزُ القـضيبِ

محاسنٌ، لا ضمّها كتابٌ

ولا ادّعتها ريشةُ الأديبِ

وصدرهُ، ونحرهُ، كفاكمْ

فلن أبـوحَ باسمهِ حبيبي
  • ويقول نزار قباني أيضًا:[٨]
جَلَسَت والخوفُ بعينيها
تتأمَّلُ فنجاني المقلوب
قالت: يا ولدي، لا تَحزَن
فالحُبُّ عَليكَ هوَ المكتوب
يا ولدي: قد ماتَ شهيدًا
من ماتَ على دينِ المحبوب
فنجانك دنيا مرعبةٌ
وحياتُكَ أسفارٌ وحروبْ
ستُحِبُّ كثيرًا وكثيرا
وتموتُ كثيرًا وكثيرا
وستعشقُ كُلَّ نساءِ الأرضِ
وتَرجِعُ كالملكِ المغلوب
بحياتك يا ولدي امرأةٌ
عيناها، سبحانَ المعبودْ
فمُها مرسومٌ كالعنقودْ
ضحكتُها موسيقى وورودْ
لكنَّ سماءكَ ممطرةٌ
وطريقكَ مسدودٌ، مسدودْ
فحبيبةُ قلبكَ يا ولدي
نائمةٌ في قصرٍ مرصودْ
والقصرُ كبيرٌ يا ولدي
وكلابٌ تحرسُهُ وجنودْ
وأميرةُ قلبكَ نائمةٌ
من يدخُلُ حُجرتها مفقودْ
من يطلبُ يَدَها
من يَدنو من سورِ حديقتها مفقودْ
من حاولَ فكَّ ضفائرها
يا ولدي: مفقودٌ، مفقودْ
بصَّرتُ ونجَّمت كثيرًا
لكنّي لم أقرأ أبدًا
فنجانًا يشبهُ فنجانك
لم أعرف أبدًا يا ولدي
أحزانًا تشبهُ أحزانك
مقدُورُكَ أن تمشي أبدًا
في الحُبِّ على حدِّ الخنجرْ
وتَظلَّ وحيدًا كالأصداف
وتظلَّ حزينًا كالصفصاف
مقدوركَ أن تمضي أبدًا
في بحرِ الحُبِّ بغيرِ قُلوعْ
وتُحبُّ ملايينَ المَرَّاتِ
وترجعُ كالملكِ المخلوعْ

المراجع[+]

  1. "غزل (شعر)"، www.ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 23-02-2020. بتصرّف.
  2. "غزل (شعر)"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-02-2020. بتصرّف.
  3. "رمتِ الفؤادَ مليحة ٌ عذراءُ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-02-2020.
  4. "بانت سعادُ فقلبي اليومَ متبولُ ( البردة )"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-02-2020.
  5. "تذكّرَ أنساً، من بثينة َ، ذا القلبُ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-02-2020.
  6. "أحسِنْ بأيَّامِ العقيقِ وأطيبِ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-02-2020.
  7. "لا تسألوني"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-02-2020.
  8. "قارئة الفنجان"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-02-2020.