أغراض-الشعر-الأندلسي
الشعر الأندلسي
الشعر الأندلسي نوعٌ من أنواع الشعر العربيّ الذي ظهر بخصائص ومزايا وأغراض فريدة من نوعها إبان فترة حكم المسلمين لبلاد الأندلس، وكان الشعر الوسيلة التي ترفع من شأن صاحبها وتقربه من الأمراء والولاة بغض النظر عن المذهب الديني والمعتقد لأي شاعرٍ لهذا حظي الشعر بمكانةٍ مرموقةٍ لدى أهل الأندلس وخلفائها وأمرائها، إذ وقف بين أيديهم عظماء الشعراء آنذاك الذين تطرقوا في أشعارهم إلى الأغراض الشعرية كافّة والتي تتناغم مع التعايش الديني والعرقي في الأندلس والطبيعة الساحرة والاهتمام بمجالات الموسيقى والطرب وغيرها، وهذا المقال يسلط الضوء على أغراض الشعر الأندلسي.
أغراض الشعر الأندلسي
تنوّعت أغراض الشعر الأندلسي التي تطرّق لها الشعراء في قصائدهم الشِّعرية والأغراض جمع غرضٍ ومعناها في اللغة: الحاجة والمقصد والبُغية والهدف، أما الغرض الشعري في المعنى الاصطلاحيّ العام فهو الهدف المنطقي والحقيقي الذي من أجله نظم الشاعر قصيدته مهما بلغ عدد أبياتها وقد أسهب النقاد في تحديد معنى الأغراض إلى معانٍ عدةً كالضروب والأنواع والأركان والأصناف والمقاصد وغيرها، وفيما يأتي أبرز أغراض الشعر الأندلسي: [١]
- المدح: ظهر جليًّا في فنّ الموشحات الأندلسي -والموشحات شكلٌّ مستحدثٌ في الشعر الغنائي مع اختلافه مع الشعر الغنائي العربي في التقفية واستخدام اللغة الدارجة وغيرها من السمات- وغالبًا ما كانت تُظم تلك الموشحات في مدح الأمراء والولاة مع الابتداء بوصف الطبيعة أو الخمر كموشحة مدح الأمير بالغني بالله والتي نظمها لسان الدين بن الخطيب وجاء فيها: جَادَكَ الغَيْثُ إِذَا الغَيْثُ هَمَى يَا زَمَانَ الوَصْلِ بِالأَنْدَلُسِ لَمْ يَكُنْ وَصْلُكَ إِلاَّ حُلُمًا فِي الكَرَى أَوْ خِلْسَةَ المُخْتَلِسِ
- الرثاء: أحد أغراض الشعر العربي في بلاد المشرق وكذلك أصبح أحد أغراض الشعر الأندلسي إذ حذى الشعراء الأندلسيين حذو شعراء المشرق في البكاء على الميت وتعديد مناقبه ومحاسنه وأفضاله على أهله والناس والبكاء المرير عليه، وقد تفوق شعراء الأندلس في المرثيات التي نظموها حين بدأت شوكة الإسلام في الوهن والضعف في الأندلس وبدأت القوات النصرانية بإعادة السيطرة على مدن الأندلس واحدةً تلو الأخرى والمعروفة برثاء المدن والممالك الزائلة كقول أبي البقاء الرندي: لِكُلِّ شَيْءٍ إِذَا مَا تَمَّ نُقْصَانُ فَلا يُغَرَّ بِطِيبِ العَيْشِ إِنْسَانُ هِيَ الأُمُورُ كَمَا شَاهَدْتُهَا دُوَلٌ مَنْ سَرَّهُ زَمَنٌ سَاءَتْهُ أَزْمَانُ
- الهجاء: يعدّ الهجاء أحد أغراض الشعر الأندلسي الأقل رواجًا واستخدامًا من قِبل شعراء الأندلس خاصةً المتعلِّق بالجانب السياسي وإن عمد بعض الشعراء إلى هجاء أنفسهم بقسوةٍ بالغةٍ كهجاء ابن حزمون لنفسه: تَأَمَّلْتُ فِي المِرْآةِ وَجْهِي فَخِلْتُهُ كَوَجْهِ عَجُوزٍ قَدْ أَشَارَتْ إِلَى اللَّهْوِ إِذَا شِئْتَ أَنْ تَهْجُو تَأَمَّلْ خَلِيقَتِي فَإِنَّ بِهَا مَا قَدْ أَرَدْتَ مِنَ الهَجْوِ
- الغزل: يعدّ الغزل من أبرز الأغراض التقليدية التي يستهلّ بها الشعراء قصائدهم أو إفراد قصائد كاملة للغزل مع اختلاف في صفة المرأة كذكر الشعر الأشقر بدلًا من الشعر الأسود، كما وصفوا المرأة بمظاهر الطبيعة كوصفهم العيون بالنرجس والخدود بالورد والقدود بقصب السكر وغيرها كقول أبي الربيع الموحدي: لِرَكْبٍ أَدْلَجُوا بِسُحَيْرَةٍ قِفُوا سَاعَةً حَتَّى أَزُورَ رِكَابَهَا وَأَمْلأَ عَيْنِي مِنْ مَحَاسِنِ وَجْهِهَا وَأَشْكُو إِلَيْهَا إِنْ أَطَالَتْ عِتَابَهَا
- الوصف: خاصّةً وصف الطبيعة الذي ظهر جليًّا في الشعر الأندلسي نظرًا لجمال طبيعة البلاد، وظهر أيضًا وصف المعالم العمرانية التي امتازت بالجمال وحسن التصميم والتنفيذ كالمساجد والقصور والحدائق والرياض والثمار والأحواض المائية والبِرك والثلج والبَرد كقول ابن خفاجة: [٢] يَأَهلَ أَندَلُسٍ لِلَّهِ دَرُّكُمُ ماءٌ وَظِلٌّ وَأَنهارٌ وَأَشجارُ ما جَنَّةُ الخُلدِ إِلّا في دِيارِكُمُ وَلَو تَخَيَّرتُ هَذا كُنتُ أَختارُ
- الاستغاثة: واحدٌ من الأغراض الشعرية الذي امتاز به الشعر الأندلسي على وجه التحديد والغرض منه الاستصراخ والاستنجاد والاستغاثة بملوك المغرب والمسلمين من أجل إنقاذ مسلمي الأندلس والتصدي للحملات الصليبية الإسبانية لاستعادة السيطرة على الأندلس كقول ابن الأبار البلنسي: [٣][٤] أَدْرِكْ بِخَيْلِكَ خَيْلِ اللَّهِ أندلُسَاً إنَّ السَّبِيلَ إلَى مَنْجاتِها دَرَسَا وَهَبْ لهَا مِنْ عَزيزِ النَّصْرِ مَا الْتَمَسَتْ فَلَمْ يَزَلْ مِنْكَ عزُّ النَّصْر مُلْتَمَسا
خصائص الشعر الأندلسي
كانت بداية الشعر الأندلسي محاكيًا للشعر في المشرق ومتأثِّرًا به في أوائل الفتح الإسلامي للأندلس كأشعار ابن شهيد وابن عبد ربه وابن هانيء بسبب تقارب الزمان بين الانتقال من المشرق إلى الأندلس ومع مرور السنوات بدأ شعراء الأندلس كابن زيدون والمعتمد بن عباد في الجمع ما بين الحداثة الشعرية الأندلسية وما بين الشعر التقليدي وفي الفترة الأخيرة من حكم المسلمين لبلاد الأندلس ظهر نمطٌ جديدٌ من الشعر والشعراء كابن خفاجة وأبي البقاء الرندي الذين تأثروا تأثرًا كاملًا بالبيئة الأندلسية والأحداث المرافقة لانهيار الخلافة هناك.
واتسم الشعر الأندلسي عمومًا بالحفاظ على الأسلوب اللغوي واللفظي المتين والمستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية إلى جانب حسن اختيار الألفاظ والكلمات السلسة والتعابير السهلة ذات التأثير القوي وبما يتناسب والغرض الشعري من القصيدة في إيماءةٍ إلى الجزالة اللفظيّة والمعرفة اللغوية المتينة إذ أسهم ذلك أيضًا في مقدرة الشعراء الأندلسيين على التلاعب بالألفاظ وحسن توظيفها بما يخدم الغرض الشعري، ومن سمات شعرهم تفضيل الأسلوب القصصي المتسلسل في طرح المشاكل والقضايا المختلفة مع النأي بالنفس عن استخدام الألفاظ الفلسفية المعقدة ما عدا القصائد ذات الغرض الفلسفي كشعر ابن وهبون الفلسفي. [٥]المراجع[+]
- ↑ الشعر الأندلسي مميزاته وخصائصه (2/2)،, "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 23-03-2019، بتصرف
- ↑ شعر الطبيعة في الشعر الأندلسي،, "www.uobabylon.edu.iq"، اطُّلع عليه بتاريخ 23-03-2019، بتصرف
- ↑ شعر الاستصراخ في الأندلس،, "www.abjjad.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 23-03-2019، بتصرف
- ↑ أدرك بخيلك خيل الله أندلسا،, "www.aldiwan.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 23-03-2019، بتصرف
- ↑ سمات الشعر الأندلسي،, "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 23-03-2019، بتصرف