شعر-عن-فراق-الأخ-الميت
فراق الأخ
لا أحد يستطيع أن يشعر بما يشعر به صاحب الفجيعة والمُصيبة؛ لأنَّ كلَّ إنسانٍ يكون في داخله مشاعر لا يُمكن أن تُنسى بينه وبين أحبابه وأقربائه، فكيف إن كان بينهما قرابةُ دمٍ وحياة كاملة تقاسموها بين بعضهم، فلا يُمكن لأيِّ كلامٍ أن يصف فجيعة الأخ بأخيه، وقد يصل ذلك الحزن بالإنسان إلى بعض السكتات الدماغية أو الأمراض التي قد تؤدي إلى الموت حزنًا وكمدًا على فراق ذلك الأخ الذي لا يُعوَّض، فهو السند في النَّفس والقوة في الظهر، وعلى كثرة الأحزان التي يُلاقيها المفجوع بأخيه سطَّر بعض الشعراء أحزانهم بقصائد جميلة أصبحت من عيون الشعر العربي، وفي ذلك سيتحدث هذا المقال عن شعر عن فراق الأخ الميت.[١]
شعر عن فراق الأخ الميت
الموت هو المصيبة العظمى التي يُمتحن فيها الإنسان، فلا يوجد تحدٍّ أكبر من أن يفقد الإنسان الشخص الذي يُحبُّ فيتمنى لو يفتديه بنفسه وماله وحياته برمَّتها، ولو بحث الإنسان عن الأحباب في حياته لترأس تلك القائمة أخاه بعد والديه؛ وذلك لأنَّه ذراعه اليُمنى التي يستند عليها في الشدائد والملمَّات، ولم يغفل الشعراء عن تلك المُصيبة في محاولة منهم لتسطيرها بين أبيات قصائدهم الطويلة التي تُداعب المشاعر البشريةَّ، وكان هذا الأمر منذ العصر الجاهليِّ وحتى الآن؛ لذلك لا بد من ذكر أهم القصائد وأروع الأبيات في شعر عن فراق الأخ الميت:
قذًى بعينكِ امْ بالعينِ عوَّارُ
- أمْ ذرَّفتْ إذْ خلتْ منْ اهلهَا الدَّارُ
كأنّ عيني لذكراهُ إذا خَطَرَتْ
- فيضٌ يسيلُ علَى الخدَّينِ مدرارُ
تبكي لصخرٍ هي العبرَى وَقدْ ولهتْ
- وَدونهُ منْ جديدِ التُّربِ أستارُ
تبكي خناسٌ فما تنفكُّ مَا عمرتْ
- لها علَيْهِ رَنينٌ وهيَ مِفْتارُ
تبكي خناسٌ علَى صخرٍ وحقَّ لهَا
- إذْ رابهَا الدَّهرُ إنَّ الدَّهرَ ضرَّارُ
لاَ بدَّ منْ ميتةٍ في صرفهَا عبرٌ
- وَالدَّهرُ في صرفهِ حولٌ وَأطوارُ
قدْ كانَ فيكمْ أبو عمرٍو يسودكمُ
- نِعْمَ المُعَمَّمُ للدّاعينَ نَصّارُ
صلبُ النَّحيزةِ وَهَّابٌ إذَا منعُوا
- وفي الحروبِ جريءُ الصّدْرِ مِهصَارُ
يا صَخْرُ وَرّادَ ماءٍ قد تَناذرَهُ
- أهلُ الموارِدِ ما في وِرْدِهِ عارُ
مشَى السّبَنْتى إلى هيجاءَ مُعْضِلَة
- لهُ سلاحانِ: أنيابٌ وأظفارُ
وما عَجُولٌ على بَوٍّ تُطيفُ بِهِ
- لها حَنينانِ: إعْلانٌ وإسْرارُ
تَرْتَعُ ما رَتَعَتْ، حتى إذا ادّكرَتْ
- فإنَّما هيَ إقبالٌ وَإدبارُ
لاَ تسمنُ الدَّهرَ في أرضٍ وَإنْ رتعتْ
- فإنَّما هيَ تحنانٌ وَتسجارُ
يوْمًابأ وْجَدَ منّي يوْمَ فارَقني
- صخرٌ وَللدَّهرِ احلاءٌ وَامرارُ
وإنّ صَخرًا لَوالِينا وسيّدُنا
- وإنّ صَخْرًا إذا نَشْتو لَنَحّارُ
وإنّ صَخْرًا لمِقْدامٌ إذا رَكِبوا
- وإنّ صَخْرًا إذا جاعوا لَعَقّارُ
وإنّ صَخرًا لَتَأتَمّ الهُداةُ بِهِ
- كَأنّهُ عَلَمٌ في رأسِهِ نارُ
جلدٌ جميلُ المحيَّا كاملٌ ورعٌ
- وَللحروبِ غداة ََ الرَّوعِ مسعارُ
حَمّالُ ألوِيَةٍ هَبّاطُ أودِيَةٍ
- شَهّادُ أنْدِيَة للجَيشِ جَرّارُ
نَحّارُ راغِيَةٍ مِلجاءُ طاغِيَةٍ
- فَكّاكُ عانِيَةٍ لِلعَظمِ جَبّارُ
فقلتُ لما رأيتُ الدّهرَ ليسَ لَهُ
- معاتبٌ وحدهُ يسدي وَنيَّارُ
لقدْ نعى ابنُ نهيكٍ لي أخًا ثقة
- كانتْ ترجَّمُ عنهُ قبلُ أخبارُ
فبتُّ ساهرة للنَّجمِ أرقبهُ
- حتى أتى دونَ غَورِ النّجمِ أستارُ
لم تَرَهُ جارَةٌ يَمشي بساحَتِها
- لريبة حينَ يخلِي بيتهُ الجارُ
ولا تراهُ وما في البيتِ يأكلهُ
- لكنَّهُ بارزٌ بالصَّحنِ مهمارُ
ومُطْعِمُ القَوْمِ شَحمًا عندَ مَسغبهم
- وفي الجُدوبِ كريمُ الجَدّ ميسارُ
قدْ كانَ خالصتي منْ كلِّ ذي نسبٍ
- فقدْ أصيبَ فما للعيشِ أوطارُ
مثلَ الرُّدينيِّ لمْ تنفدْ شبيبتهُ
- كَأنّهُ تحتَ طَيّ البُرْدِ أُسْوَارُ
جَهْمُ المُحَيّا تُضِيءُ اللّيلَ صورَتُهُ
- آباؤهُ من طِوالِ السَّمْكِ أحرارُ
مُوَرَّثُ المَجْدِ مَيْمُونٌ نَقيبَتُهُ
- ضَخْمُ الدّسيعَة في العَزّاءِ مِغوَارُ
فرعٌ لفرعٍ كريمٍ غيرِ مؤتشبٍ
- جلدُ المريرة عندَ الجمعِ فخَّارُ
في جوْفِ لحْدٍ مُقيمٌ قد تَضَمّنَهُ
- في رمسهِ مقمطرَّاتٌ وَاحجارُ
طَلْقُ اليَدينِ لفِعْلِ الخَيرِ ذو فَجَرٍ
- ضَخْمُ الدّسيعَة بالخَيراتِ أمّارُ
ليَبْكِهِ مُقْتِرٌ أفْنى حريبَتَهُ
- دَهْرٌ وحالَفَهُ بؤسٌ وإقْتارُ
ورفقة حارَ حاديهمْ بمهلكة
- كأنّ ظُلْمَتَها في الطِّخْيَة ِ القارُ
لا يَمْنَعُ القَوْمَ إنْ سالُوهُ خُلْعَتَهُ
- وَلاَ يجاوزهُ باللَّيلِ مرَّارُ
أَعاذِلَتي كُلُّ اِمرِئٍ وَاِبنُ أُمِّهِ
- مَتاعٌ كَزادِ الراكِبِ المُتَزَوِّدِ
أَعاذِلَ إِنَّ الرُزءَ في مِثلِ خالِدٍ
- وَلا رُزءَ فيما أَهلَكَ المَرءُ عَن يَدِ
وَقُلتُ لِعارِضٍ وَأَصحابِ عارِضٍ
- وَرَهطِ بَني السَوداءِ وَالقَومُ شُهَّدي
عَلانِيَةً ظُنّوا بِأَلفَي مُدَجَّجٍ
- سَراتُهُمُ في الفارِسيِّ المُسَرَّدِ
وَقُلتُ لَهُم إِنَّ الأَحاليفَ أَصبَحَت
- مُطَنِّبَةً بَينَ السِتارِ فَثَهمَدِ
فَما فَتِئوا حَتّى رَأَوها مُغيرَةً
- كَرِجلِ الدِبى في كُلِّ رَبعٍ وَفَدفَدِ
وَلَمّا رَأَيتُ الخَيلَ قُبلاً كَأَنَّها
- جَرادٌ يُباري وِجهَةَ الريحِ مُغتَدي
أَمَرتُهُمُ أَمري بِمُنعَرَجِ اللِوى
- فَلَم يَستَبينوا النُصحَ إِلّا ضُحى الغَدِ
فَلَمّا عَسوني كُنتُ مِنهُم وَقَد أَرى
- غِوايَتَهُم وَأَنَّني غَيرُ مُهتَدي
وَهَل أَنا إِلّا مِن غَزِيَّةَ إِن غَوَت
- غَوَيتُ وَإِن تَرشُد غَزيَّةُ أَرشَدِ
دَعاني أَخي وَالخَيلُ بَيني وَبَينَهُ
- فَلَمّا دَعاني لَم يَجِدني بِقُعدَدِ
أَخي أَرضَعَتني أُمُّهُ بِلِبانِها
- بِثَديِ صَفاءٍ بَينَنا لَم يُجَدَّدِ
فَجِئتُ إِلَيهِ وَالرِماحُ تَنوشُهُ
- كَوَقعِ الصَياصي في النَسيجِ المُمَدَّدِ
وَكُنتُ كَذاتِ البَوِّ ريعَت فَأَقبَلَت
- إِلى جَلَدٍ مِن مَسكِ سَقبِ مُقَدَّدِ
- قصيدة لبيد بن ربيعة العامري في رثاء أخيه:[٤]
ألاَ ذَهَبَ المُحافِظُ والمُحامِي
- وَمَانعُ ضَيْمِنَا يَوْمَ الخِصَامِ
وأيقنتُ التفرُّقَ يومَ قالوا
- تُقُسِّمَ مَالُ أرْبَدَ بالسِّهامِ
وأرْبَدُ فارسُ الهَيْجَا إذا ما
- تَقَعَّرَتِ المَشاجِرُ بِالْخِيَامِ
تَطِيرُ عَدَائِدُ الأشْرَاكِ شَفْعًا
- وَوِتْرًا والزَّعَامَةُ لِلْغُلامِ
كأنَّ هِجانَهَا مُتَأبِّضَاتٍ
- وفي الأقرانِ أصورَة الرُّعامِ
وقدْ كان المُعصَّبُ يعتفيهَا
- وَتُحْبَسُ عِنْدَ غاياتِ الذِّمامِ
على فَقْدِ الحَرِيبِ إذا اعْتَرَاها
- وعند الفضْلِ في القحمِ العظامِ
خُبَاسَاتُ الفوارسِ كلَّ يومٍ
- إذا لم يُرْجَ رِسْلٌ في السَّوَامِ
إذا ماتَعْزُبُ الأنعامُ راحَتْ
- عَلى الأيْتَام والكَلِّ العِيَام
فيحمدُ قدرَ أربدَ مَنْ عَرَاهَا
- إذا ما ذُمَّ أربَابُ اللِّحامِ
وجارتُهُ إذا حلَّتْ إليْهِ
- لها نَفَلٌ وَحَظٌّ في السَّنَامِ
فإنْ تَقَعُدْ فَمُكْرَمَة حَصَانٌ
- وإن تظعنْ فمحسنة الكلامِ
وإنْ تشرَبْ فنعم أخُو النَّدامى
- كريمٌ ماجدٌ حُلْوُ النِّدامِ
وفتيانٍ يَرَوْنَ المجدَ غُنْمًا
- صَبَرْتَ لحقِّهِم لَيْلَ التَّمامِ
عبارات عن فراق الأخ الميت
الأخ هو الحمى الذي يأوي إليه كلُّ امرئٍ في الشدائد والمُلمَّات، ولا يكون دور الأخ فقط في المصائب والأحزان على العكس من ذلك تمامًا فإنَّ الابتسامة لا تكتمل إذا لم يكن الأخ مُرافقًا لها، والفرح لا يعمُّ إذا لم يكن الأخ موجودًا يُساند أهله في المسرَّات، ولم تكن القصيدة هي وحدها صاحبة اليد البيضاء في ذكر مآثر الأخ ومناقبه، بل كان للنثر والعبارات القصيرة نصيبٌ من ذلك، وبعد أن تمَّ ذكر شعر عن فراق الأخ الميت لا بدَّ من ذكر عبارات عن فراق الأخ الميت، وفيما يأتي سيكون ذلك:[٥]
- "إن غبت عن عيني فإنك في الجنان حاضر وفي الروح ساكن."
- "لساني لا يفتأ يدعو لك بالسعادة وثغري لا يكف عن الابتسامة عند حضور طيفك في مخيلتي."
- "فراقك خلّف وراءه دمعة لا تجف.. وآهة لا تنتهي."
- حفرت اسمك في ذاكرتي.. ورسمت صورتك في فؤادي."
- "يا من عز عليّ فراقه.. وجدت الدنيا بعدك عدم."
- "تبقى الذكرى وجع يؤلم الروح.. ودمعة تسكن العين.. وآهة تتملك الشفاه."
- "بتُّ أعشق النوم الطويل لعل لقاء في المنام يجمع بيننا."
- "في كل صباح أراقب قطرات الندى علّ صورة لك تنعكس على سطحها النقي.. الصافي."
المراجع[+]
- ↑ "توفي حزناً على فراق شقيقه"، www.sayidaty.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-03-2020. بتصرّف.
- ↑ "قذى بعينكِ امْ بالعينِ عوَّارُ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 13-03-2020.
- ↑ "أرث جديد الحبل من أم معبد"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-03-2020.
- ↑ "ألاَ ذَهَبَ المُحافِظُ والمُحامِي"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 13-03-2020.
- ↑ "عبارات عن فراق الأصدقاء .. بين وجع البعد وأمل اللقاء"، www.sayidaty.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-03-2020.