سؤال وجواب

فضل صيام رجب


الصيام لغة واصطلاحًا

الصيام لغة هو الامتناع أو الإمساك عن شيء ما، أمَّا اصطلاحًا فهو أن يمسك أو أن يمتنع الإنسان المسلم عن الطعام والشراب والشهوات منذ طلوع الفجر حتَّى غياب الشمس، تقرُّبًا من الله -سبحانه وتعالى- وكسبًا لمرضاته، ويعتبر الصيام ركنًا أساسيًا من الأركان الخمسة التي قام عليها الإسلام، قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في الحديث: "بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ"[١]، وقد فرض الله على المسلمين صيام شهر رمضان فقط، وجعل لهم أيامًا نوافلَ صامها رسول الله وفي صيامها الأجر الكثير، وهذا المقال سيتناول الحديث عن أيام الصيام النافلة وعن فضل صيام رجب أيضًا.[٢]

أيام الصيام النافلة

قبل الدخول في الحديث عن فضل صيام رجب في الإسلام، سيتم المرور على أيام الصيام النافلة التي ثبتت عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في السنة النبوية المباركة، وقد كثرتِ الأحاديث النبوية الشريفة التي تحثُ المسلمين على ضرورة صيام النافلة، وهنا تجب الإشارة إلى أنَّ السنة النبوية حثَّت على الصيام في كلِّ أيام السنة باستثناء الصيام في العيدين لأنَّ صيامهما غير جائز في الإسلام وأيام التشريق أيضًا، في حين حثَّت السنة على الصيام كما صام نبيُّ الله داود -عليه السَّلام- وهذا ما جاء في صحيح البخاري، قال رسول الله: "أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ عليه السَّلَامُ، وأَحَبُّ الصِّيَامِ إلى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وكانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ ويقومُ ثُلُثَهُ، ويَنَامُ سُدُسَهُ، ويَصُومُ يَوْمًا، ويُفْطِرُ يَوْمًا"[٣]، فصيام يوم وإفطار يوم يعتبر من أفضل أشكال التطوع في الصيام، وقد ثبت في صحيح السنة أيضًا أنَّ رسول الله كان يصوم يومي الاثنين والخميس من كلِّ أسبوع، قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَتَحَرَّى صِيَامَ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس"[٤]، كما جاء في صحيح السنة عن أبي هريرة صيام ثلاثة أيام من كلِّ شهر، قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "أَوْصَانِي خَلِيلِي بثَلَاثٍ لا أدَعُهُنَّ حتَّى أمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وصَلَاةِ الضُّحَى، ونَوْمٍ علَى وِتْرٍ"[٥]، ومن صور صيام النافلة أيضًا صيام يوم عاشوراء ويوم عرفة وصيام ستة أيام من شهر شوال، وكلُّها ثابتة في السنة، وصيام ما تيسر للعبد من شهر محرم وشهر شعبان، والله تعالى أعلم.[٦]

فضل صيام رجب

ككثير من القضايا الإسلامية التي اختلف فيها العلماء وكان اختلافهم فيها رحمة للناس، اختلف العلماء أيضًا في فضل صيام رجب وفي صيام شهر رجب أيضًا، فمنهم من رغَّب بصيام شهر رجب من باب فضل الصيام بشكل عام وبسبب عدم ورود أي نص صحيح يحرم أو يُبدي الكراهية في صيام هذا الشهر، فكان الترغيب واسعًا بأدلة كثيرة لا تخصيص فيها، والقسم الثاني من العلماء استدلَّ على فضل صيام رجب بحديث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الذي دعا فيه لصيام الأشهر الحُرم، حيث قال لرجلٍ من باهلة: "صمْ من الحُرُم واتْرُكْ، صُمْ منَ الحُرُم واتركْ، صُمْ منَ الحُرُمِ واتْرُكْ"[٧]، والمعروف إنَّ شهر رجب من الأشهر الحُرم، وجدير بالذكر إنَّ بعض العلماء كرَّه صيام شهر رجب، واستندَ هؤلاء في هذا الحكم على حديث ضعيف، قال عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-: "إنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ- نهى عَن صيامِ رجبٍ"[٨]، وهو حديث ضعيف جدًا ولكنَّ بعض العلماء استندوا عليه، فيقول ابن قدامة في كتابه المغني: "ويكره إفراد رجب بالصوم"، وبناءً على ما سبق يمكن القول إنَّ فضل صيام رجب لم يجئ مخصصًا في حديث أو آية، إنَّما هو كسائر الأيام، صيامه خير وبركة، والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا، والله تعالى أعلم.[٩]

المراجع[+]

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
  2. "تعريف الصيام وفضائله"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-04-2019. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1131، صحيح.
  4. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2359، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1178، صحيح.
  6. "الأيام التي يشرع فيها صيام النافلة"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 30-04-2019. بتصرّف.
  7. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن والد أو عم مجيبة الباهلية، الصفحة أو الرقم: 2428، سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح].
  8. رواه الألباني، في ضعيف ابن ماجه، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 339، ضعيف جدًا.
  9. "مذاهب العلماء في صوم شهر رجب"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-04-2019. بتصرّف.