سؤال وجواب

تعريف الشعر الرمزي


الشعر

يُعدُّ الشعر أحدَ أقدم أنواع الفنون الأدبيَّة التي كتبَها العرب منذ العصر الجاهلي قبل مئاتِ السنين، وما زال حتّى العصر الحديث يأخذُ مكانةً كبيرةً لديهم تنفردُ عنها عند بقيَّة الأمم، فالشعر العربي يحملُ إرثَ العرب الأدبيّ والثقافيّ والتاريخيّ، وكما قيل فإنَّ الشعر ديوان العرب، ويتميَّز الشعر عن بقيَّة الأشكال والفنون الأدبيّة بالوزن الذي يحدّده ويقيّده والقافية التي تزيّنه، فهو كلام موزون مقفّى ينطوي على درجة من البلاغة والإبداع، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول تعريف الشعر الرمزي وخصائص هذا الشعر.[١]

تعريف الشعر الرمزي

يمكنُ تعريف الشعر الرمزي أنَّه الشعر الذي يَستخدم الرمز للتعبير عن الأفكار والمشاعر والرّؤى والهواجس، وقد اعتمدَ على الحركة الرمزية التي ظهرت منذ أواخر القرن التاسع عشر في أوروبّا وفي فرنسا خصوصًا، وكانت هذه الحركة ردَّة فعل على المدرستين الانطباعيّة والواقعيّة، وقد كان هدف هذه الحركة التعبير عن أسرار الوجود وما فيه عن طريق الرمز، وكان أكثر الأدباء الذين أثْرَوْا هذه الحركة وتوجُّهاتها الفرنسيّ شارل بودلير، فقد كان لأعماله الكثير من الأثر على منحى الحركة الرمزيّة، وقد حاول الشعر الرمزي أن يُعطي انطباعًا للقرّاء عن الوعي الباطن مبيِّنًا الأحلامَ الداخلية للشاعر وغير ذلك، معتمِدًا على الموسيقى والصور وسَعة الخيال مع إيمانهم بمبدأ نظرية الفن للفن.[٢]

ورغم أنَّ جذور الرمزية في الشعر العربي قديمة، إلا أنَّ الشعر الرمزي بصورته الحالية قد نتجَ متأثرًا بالشعراء الأوربيّين كبودليير ومالارميه خاصّةً في بداية القرن التاسع عشر، عندما بدأ العديد من الشعراء بالخروج عن المألوف المعهود في القصيدة العربية من حيث الشكل والمضمون، كإسقاط الألفاظ القديمة المرتبطة بالبادية والصحراء، فارتبط تعريف الشعر الرمزي بالألفاظ الرقيقة الشفافة وبمواضيع تمسُّ إنسان العصر وهمومه ومشاكله المعاصرة.[٣]

خصائص الشعر الرمزي

بعد الحديث عن تعريف الشعر الرمزي والحركة التي انتهجها في بداية القرن التاسع عشر وبعض ملامحه الواضحة، لا بدَّ من معرفة خصائص الشعر الرمزي ببعضٍ من التفصيل، وفيما يأتي سيتمُّ ذكر خصائص الشعر الرمزي:[٤]

  • يقوم الشعر الرمزي على استخدام الرمز في التعبير عن جميع الأفكار والعواطف والمشاعر وغيرها؛ لأنَّه يحملُ قدرة كبيرة على كشف انطباعات الشاعر وخفايا العوالم الكامنة خلف الواقع.
  • يتميَّز الشعر الرمزي بالغموض في طرح الفكرة ويبتعد عن الوضوح والمباشَرَة في الخطاب؛ لأنَّ ذلك ليس من طبيعة الفنِّ أساسًا، إنَّما من مزايا النثر ولغات التواصل العاديّة بين جميع البشر.
  • اهتمَّ الرمزيّون بشكل كبير باستخدام الموسيقى الشعريّة ضمن النص، بما في ذلك موسيقى الألفاظ والمقاطع والقصيدة عمومًا، ووظَّفوا طاقات الصوت في الحروف والكلمات والتناغم بين مقاطع القصيدة للتعبير عن الجوِّ النفسيِّ عند الكاتب.
  • استخدام لغةٍ جديدة بعلاقات لُغويّة جديدة تقوم على التلميح، وتُعطي الكاتب فضاءً أكبر للتعبير عن مكنونات نفسه وخباياها وأسرارها.
  • الاعتماد على المعطيات الحسِّية في التعبير، كالأصوات والحركة والشمِّ والذوقِ والألوان وغيرها، ويرى الرمزيّون في ذلك بُعدًا معبِّرًا موحيًا يستطيع استيعابَ إحساس الشاعر المتوقِّد.

قصائد من الشعر الرمزي

كتب الكثيرُ من الشعراء العرب الشعر الرمزي، واشتُهروا به خاصَّةً في العصر الحديث بعد التأثّر بالغرب وانتشار الشعر الحرّ الذي أسهمَ في إدخال الرمز في الشعر، ومن أهمّ شعراء الرمزيّة: بدر شاكر السياب، صلاح عبد الصبور، عبد الوهاب البياتي، محمود درويش، محمّد الفيتوري وغيرهم، وفيما يأتي بعض قصائد من الشعر الرمزي:

  • قصيدة: يطير الحمام للشاعر محمود درويش: [٥]

يطيرُ الحمامُ

يحطُّ الحمامُ

أعدِّي ليَ الأرضَ كي أستريحَ

فإنِّي أحبُّكِ حتَّى التعبْ

صباحُك فاكهةٌ للأغانِي

وهذا المساءُ ذَهبْ

ونحنُ لنا حينَ يدخلُ ظلٌّ إلى ظلِّه في الرُّخامْ

وأشبُهُ نفسِي حين أعلِّقُ نفسِي

على عنقٍ لا تعانقُ غيرَ الغَمامْ

وأنتِ الهواءُ الذي يتعرَّى أمامِي كدمعِ العِنبْ

وأنتِ بدايةُ عائلةِ الموج حينَ تشبَّثَ بالبرِّ

حينَ اغترَبْ

وإنِّي أحبُّك، أنتِ بدايةُ روحِي، وأنتِ الخِتامْ

يطيرُ الحَمامُ

يحطُّ الحمام.

  • قصيدة: إلى آرنست هيمنغواي للشاعر عبد الوهّاب البياتي: [٦]

في إسبانيا

الموتُ في مدريدْ

والدمُ في الوُريدْ

والأقحوانُ تحتَ أقدامِك والجَليدْ

أعيادُ إسبانيا بِلا مَواكبٍ

أحزانُ إسبانيا بلا حُدودْ

لمَن تُدقُّ هذهِ الأجراس؟

لوركَا صامتٌ

والدمُ في آنيةِ الورودْ

وليلُ غرناطةَ تحتَ قبَّعات الحَرسِ الأسود والحديدْ

يموتُ والأطفالُ في المُهودْ

يَبكونَ

لوركا صامتٌ

وأنتَ في مدريدْ

سلاحُك الألمْ

والكلماتُ والبراكين التي تقذِفُ بالحِممْ

لمنَ تدقُّ هذهِ الأجراسْ؟

أنتَ صامتٌ والدّمْ

يخضِّبُ السريرَ والغاباتِ والقِممْ.

  • قصيدة: البحث عن وردة الصقيع للشاعر صلاح عبد الصبور: [٧]

أبحثُ عنكِ في ملاءة المَساءْ

أراكِ كالنُّجوم عارِيَهْ

نائمةً مبعثرَهْ

مشوقَةً للوصلِ والمُسامرَهْ

واقتداحِ الخمرِ والغناءْ

وحينمَا تهتزُّ أجفانِي

وتفلتينَ من شبَّاك رؤيتي المنحسرَه

تذوينَ بينَ الأرضِ والسَّماءْ

ويسقطُ الإعياءْ

منهمرًا كالمطرَه

على هشيمِ نفسيَ الذابلةِ المُنكسرَه

كأنَّه الإغمَاءْ.

المراجع[+]

  1. "شعر (أدب)"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 3-5-2019. بتصرّف.
  2. "رمزية"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 3-5-2019. بتصرّف.
  3. "الرمزية"، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-5-2019. بتصرّف.
  4. "خصائص الرمزية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-5-2019. بتصرّف.
  5. "يطير الحمام"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2019. بتصرّف.
  6. "إلى آرنست هيمنغواي"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2019. بتصرّف.
  7. "البحث عن وردة الصقيع"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2019. بتصرّف.