بحث عن خلافة عثمان بن عفان
عثمان بن عفان
هو عثمان بن عفان، من بني أمية، من قبيلة قريش، كان من المسلمين الأوائل في مكة المكرمة، في بداية بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ثالث خلفاء العهد الراشدي، وكان من العشرة المبشرين بالجنة، لُقِبَ بذي النورين وذلك لزواجه من ابنتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد تزوج بالسَّيدة رقيَّة -رضي الله عنها- وهاجر معها إلى الحبشة، ثم توفيت في أثناء غزوة بدر، فزوجه الرسول بالسيدة أم كلثوم-رضي الله عنها-، وقد كان عثمان، حسن الأخلاق، كثير الإحسان وكان من أغنياء الصحابة وأكثرهم سخاءً وصدقة، قُتل عثمان بن عفان في زمن الفتنة عام 35هجرية، وسقطت أول دمائه على مصحف كان يقرأ منه، على الآية {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[١]، وكان عمره آنذاك اثنتان وثمانون عامًا، ودُفِن في البقيع، وهذا المقال سيكون بحث عن خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه.[٢]
بحث عن خلافة عثمان بن عفان
عندما استشهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لم يولي أحدًا الخلافة، بل جعلها شورى بين ستة من صحابة رسول الله وهم: عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله وأبو عبيدة بن الجراح والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص، وأمر أن يحضر معهم في الشورى ابنه عبد الله، ولكن دون أن يكون له من أمر الخلافة شيء، وعندما اجتمعوا ليختاروا الخليفة بعد عمر، تنازل سعد عن الخلافة لعبد الرحمن بن عوف، وتنازل كلٌّ من طلحة والزبير لعثمان، وتنازل عنها أيضًا عبد الرحمن بن عوف، ليبقى الأمر بين عليٍّ وعثمان، تولى عبد الرحمن بن عوف سؤال الناس عن رأيهم بمن سيكون الخليفة، دارَ المدينة كلَّها فلم يترك رجلًا أو امرأةً أو عجوزًا حتى الأولاد، فاستقرَّ الأمر أخيرًا على تولي عثمان بن عفان الخلافة عام 23 هجرية، ليكون بذلك ثالث الخلفاء الراشدين وأمير المؤمنين [٣]
استمرت خلافة عثمان بن عفان اثنتا عشرة عامًا، لم تكن كلُّها في فتنة واضطرابات بل كانت في بدايتها مليئة بالعطاء والفتوحات الإسلاميَّة والانجازات التي قام بها عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في العشر سنوات الأولى من خلافته، بعد أن استلم الخلافة لم يغير في سياسة عمر المالية شيئًا ووسَّع على الناس وسمح لهم بالتملك وبناء القصور، وكانت سنوات خلافته سنوات رخاء وأمن، وقد أصدر كتابًا للعامة وكتابًا لعماله على الأمصار يشرح فيهما سياسته التي سيتبعها في إدارة شؤون المسلمين وكان من تلك السياسة أن تؤخذ حقوق بيت مال المسلمين، وأن تُعطى الحقوق للفقراء من بيت مال المسلمين وأخذ الجزية من أهل الذمة بالحق وعدم ظلمهم وإعطاءهم حقوقهم جميعها، وأن يتخلَّق العمال على الأمصار بالوفاء والأمانة، ولم يكن عثمان قد عزل عمال الأمصار الذين كانوا في خلافة عمر، بل أبقى الكثير منهم وعزل بعضهم بحسب الحاجة، وعين من هم أهلٌ لذلك بمساعدة مشورة الصحابة[٤]
ولم يتبع عثمان ديدن عمر في القضاء والخصومات حيث أنَّ عمر -رضي الله عنه- كان قد ترك الاستقلال في فصل الخصومات للقضاة، أما عثمان فقد كان يفضُّ الخصومات بنفسه، بعد أن ينْظرَ المشورة من الصحابة، وقد جاء في أحدِ الكتب أنَّه في عهد عثمان بُنيت أول دار قضاء في الإسلام، بعد أن كان المسجد هو مكان القضاء، ومن أشهر القضاة في خلافته زيد بن ثابت وشريح القاضي وأبو الدرداء وأبو موسى الأشعري، أما تعامله مع القرآن فقد خاف عثمان بن عفان على القرآن الكريم بعد أن دخلت بلاد العرب والعجم في الإسلام، وتعدد لغاتُ ولهجاتُ المسلمين، فأمر بنسخ المصحف الذي كان قد جمع في عهد أبي بكر ونسخ منه ثمان نسخ وزعها على الأمصار وأمر بحرق كلِّ مصحف غيرها[٥]
ويتحدث بحث عن خلافة عثمان بن عفان حول الفتوحات الإسلامية، فقد توسعت الدولة الإسلامية في عهده، وفُتحت في عهده أرمينية وخراسان وكرمان وسجستان وإفريقية وقبرص، وقد كان في عهده أول أسطول إسلامي بُني لحماية شواطئ البلدان الإسلامية من هجوم الروم، وكانت الفتوحات في كل الجبهات، فأما جهة المشرق فقد اجتمعت الجيوش الإسلامية في الكوفة والبصرة، وكان قائد جيش الكوفة الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وقد فتح بجيشه أذربيجان، وكان من القادة في الكوفة سعيد بن العاص الذي خرج مع جيشٍ يريد خراسان ومعه من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم -الحسن والحسين، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وخرج القائد عبد الله بن عامر أيضًا إلى خراسان وفتح أبرشهر وطوس وبيورد ونسا حتى بلغ سرخس، وصالح أهل مرو، وأما في الفتوحات على جبهة الشام فكان من أبرز القادة المسلمين الذين غزوا أرمينية حبيب بن مسلمة الفهري وقد فتح العديد من الحصون التابعة للروم مثل شمشاط وملطية والحصون القريبة من أنطاكيا، و كان أول غزو بحري في الإسلام في زمن عثمان بن عفان على جبهة الشام في البحر المتوسط، وكانت الفكرة للصحابي معاوية بن أبي سفيان، ووافق الخليفة عثمان بن عفان على بناء الاسطول البحري وغزو البحر ولكنَّه اشترط على معاوية ألا يُكره أحدًا على ركوب البحر من المجاهدين، وبُني الأسطول وخرج المسلمون لغزو قبرص سنة 28هجرية، وقد كانت انطلاق السفن الإسلامية من ميناء عكا في فلسطين، وكان في الاسطول عبادة بن الصامت وامرأته أم حرام بنت ملحان أولى الشهداء في قبرص، ومعهم أبو أيوب الأنصاري، وأبو الدرداء، وأبو ذر الغفاري، حاصر المسلمون قسطنطينا عاصمة قبرص وماهي إلا ساعات وقد طلب أهلها الصلح ووافق المسلمون عليه، وأما من الجبهة المصرية فبعد أن أظهر أهل الاسكندرية التمرد على المسلمين، وكان والي مصر آنذاك عبد الله بن سعد بن أبي السرح، بعد أن قام عثمان بعزل عمرو بن العاص ولكن بطلب من أهل مصر أبقى عثمان على عمرو بن العاص على ولاية مصر وقام عمرو وجيوشه برد جيوس الروم وإعادة الاسكندرية إلى قبضة المسلمين عام 24هجرية، وقد فتح عمرو بن العاص أيضًا من جهة الغرب برقة وزويلة وطرابلس الغرب، وصالح أهل البلاد المفتوحة على الجزية، ولكنَّ شمالها فكان ما يزال في قبضة الروم، وقد عزل عثمان عمرو بن العاص عن ولاية مصر عام 26 هجرية وولى عبد الله بن سعد بن أبي السرح وقد فتح عبد الله بلاد النوبة أي ما يسمى اليوم السودان بعد أن هادن أهلها وذلك عام 32 هجرية، وقد توغل عبد الله بن سعد بن أبي السرح في أفريقيا فاتحًا وخرج معه الحسن والحسين، وابن عباس وابن جعفر وغيرهم، وظهر حينها قائد من قادة الإسلام الذي ذاع صيته كأول الفاتحين لأفريقية وهو عقبة بن نافع، وسيطر المسلمون على السواحل الرومانية من ردوس حتى برقة، فأحسَّ الروم بالهزيمة المفجعة فجمع قسطنطين بن هرقل ملك الروم أسطولًا من ألف سفينة ليسترجع السواحل من المسلمين، وعندما سمع عثمان بن عفان بأمر الأسطول كتب لعبد الله بن أبي السرح ليجهز السفن الإسلاميَّة لردع هذا الأسطول، وأرسل معاوية مراكب الشام بقيادة بسر بن أرطأة لتجتمع مع مراكب عبد الله، ودارت أول معركة بحرية يخوضها المسلمون، وهي معركة ذات الصواري وانتهت بنصر المسلمين وفرار قائد الروم قسطنطين وانهاء نفوذ الروم على البحر المتوسط وكانت في عام 35هجرية.[٤]
وفي نهاية بحث عن خلافة عثمان بن عفان يجب التطرق إلى الفتنة التي بدأت بالظهور وكان المحرك الأول لها بحسب مذهب أهل السنة والجماعة هو عبد الله بن سبأ اليهودي، الذي أعلن إسلامه في عهد عثمان، وقد ظهرت الفتنة بسبب الرخاء الذي عاشه المجتمع الإسلامي والشائعات التي أطلقها عبد الله بن سبأ في كل البلاد الإسلاميَّة والتي طالت سيدنا عثمان، وظهور أجيال جديدة غير الصحابة، كلٌّ ذلك أمنَ الجو الملائم للمنافقين ليخوضوا بين المسلمين، وبدأت الفتنة بالتوسع وبدأ الناس بالاجتماع حولها ومناصرتها، وأراد الصحابة ردهم ولكنَّ عثمان رفض ذلك ورفض أن يراق دم مسلم واحد في عهده، وامتد مناصرو الفتنة حتى وصلوا دار عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وحاصروه في داره، ثم هاجموه وقتلوه وسقطت دماؤه على المصحف الشريف، حيث كان يقرأ قوله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}، ودُفِن في البقيع.[٢]المراجع[+]
- ↑ سورة البقرة، آية: 137.
- ^ أ ب "عثمان بن عفان"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 6-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "كيف صارت الخلافة إلى عثمان رضي الله عنه"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 07-05-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "عثمان بن عفان "، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 07-05-2019. بتصرّف.
- ↑ " أمر المصاحف"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 07-05-2019.