أنبياء الله ومعجزاتهم
محتويات
معنى المعجزة
المعجزة هي أمورٌ خارقةٌ للعادة يؤيّد الله -عزّ وجلّ- أنبياءه بها، فكلّ نبيّ من أنبياء الله من آدم إلى محمد -عليهم الصلاة والسلام- كانت تؤيده معجزةٌ لتكون دليل صدقٍ على نبوّته، ولو أنّ أحدًا من أنبياء الله لم تكن لديه معجزةٌ لكذّبه الناس أو كان لأحدٍ منهم أن يدّعي النبوة أيضًا، وقد جاء في نصّ الحديث الشريف عن النبيّ الكريم أنّه قال: "ما من الأنبياءِ إلا قد أُعطِيَ من الآيات ما مثلُه آمن عليه البشرُ وإنما كان الذي أوتيتُ وحيًا أوحاه اللهُ إليَّ فأرجو أن أكون أكثرَهم تابعًا يومَ القيامةِ"[١]، وفيما يلي سيتحدث هذا المقال عن أنبياء الله ومعجزاتهم.[٢]
أنبياء الله ومعجزاتهم
بعث الله الأنبياء والرسل رحمةً منه بالعباد، فكلّما حاد البشر عن طريق الحقّ أرسل الله لهم نبيًّا يوجههم ويهديهم وأيّده بالمعجزات ومن أنبياء الله الذين ورد ذكر معجزاتهم في القرآن الكريم والسنة النبويّة:[٣]
- نوح -عليه السلام- : كانت معجزته أنّ الله أوحى له بأن يصنع سفينةً عظيمة، ويحمل عليها من كلّ الدواب زوجين وكلّ من صدّقه من البشر وآمن به، وذلك لأن طوفانًا عظيمًا سيضرب كل بقاع الأرض ليُغرق كل كافرٍ على وجه الأرض.[٤]
- صالح -عليه اسلام- : ومعجزته النّاقة، وكانت هذه النّاقة مطلبًا من مطالب الكفار حتى يؤمنوا بنبوّة نبي الله صالح، إذ أنهم طلبوا أن يُخرج لهم ناقةً عُشراء -أي مضى على حملها عشرة أشهر- من صخرةٍ صماء حدّدوها هم بأنفسهم، فطلب صالح -عليه السلام- ذلك من ربه فاستجاب له، ولكن اشترط عليهم أن تشرب الناقة هي ومولودها من البئر يومًا وهم يوم، وفي يوم شربها يحلبونها ويشربون لبنها، إلّا أنّ قوم صالح اشتدّ تكذيبهم وقتلوا الناقة فأخذتهم الصيحة جميعًا.[٥]
- ابراهيم -عليه السلام- : كانت معجزته أن حماه الله -عزّ وجلّ- من النّار وجعلها بردًا وسلامًا عليه، وذلك عندما ألقاه الكفّار فيها عندما أمرهم بعبادة الله الواحد وأن يتركوا عبادة الأصنام.[٣]
- موسى -عليه السلام- : كانت معجزاته عظيمةً إذ أنّه النبيّ الوحيد من أنبياء الله الذي كلّم الله -جلّ وعلا- دون حجاب، وقد بعثه الله لقوم فرعون الّذين انتشر بينهم السحر، فكانت معجزاته قريبةً من سحرهم، كأن حوّل عصاه لأفعى التهمت حبالهم وأخرج يده من جيبه فخرجت بيضاء من غير سوء، وشقّ البحر لأتباعه عند هروبهم من فرعون وجنوده ثم أطبقه على فرعون ومن معه، وكما أخرج الماء العذب بعد ضربه الحجر بعصاه.[٣]
- سليمان -عليه السلام- : مكّنه الله -تعالى- من محادثة الحيوانات وكلّ مالا ينطق وسخّر له الجنّ تسري بأمره وسخّر له الرياح ومكّنه من إسالة النحاس.[٦]
- عيسى -عليه السلام-: أول معجزاته أنّه تكلم وهو في المهد ليخبر الناس بأنه نبي من أنبياء الله، وكان من معجزاته أيضًا -عليه السلام- أنّه كان يصنع من الطين كهيئة الطَّير وينفخ فيه فيصبح طيرًا بإذن الله، وأنّه كان يشفي المرضى ويُحيي الموتى بإذن الله، وأيضًا المائدة التي هبطت من السماء استجابةً لمطلب أصحابه.[٣]
- محمد -عليه الصلاة والسلام- : إنّ أعظم معجزةٍ أيّدت الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- هي القرآن الكريم الذي لم يأت احدٌ بمثل فصاحته وإعجازه العلمي، ومن معجزاته أيضًا انشقاق القمر وحادثة الإسراء والمعراج وسماع صوت أنين جِذع النخلة الذي كان يستند إليه حين يخطب.[٣]
معجزات محمد -عليه الصلاة والسلام- بالتفصيل
خصّ الله -عزّ وجلّ- نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- بمعجزاتٍ تختلف عن معجزات باقي أنبياء الله، وذلك لأنّ كلّ الأنبياء -عليهم السلام- انتهت معجزاتهم مع موتهم، إلّا أنّ الرسول الكريم استمرت بعض معجزاته حتى بعد موته، ومن معجزاته -صلى الله عليه وسلم- :[٧]
- القرآن الكريم: وهي أعظم معجزات النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لأنّها المعجزة الباقية إلى قيام الساعة دون تشويهٍ أو تحريف، فقد توعد الله -عزّ وجلّ- بحفظه في قوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[٨]، ومن عظمة القرآن الكريم الإعجاز العلميّ والأدبيّ في آياته، فقد بعث الله نبيّه -عليه الصلاة والسلام- لقومٍ كانوا يتفاخرون بلغتهم الفصيحة ويقيمون مبارياتٍ في ذلك، فكان من إعجاز القرآن الكريم أنّهم عجزوا أن يَؤتوا بمثل آيةٍ من آياته، قال -تعالى- {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}[٩]، وثبت الإعجاز العلميّ للقرآن مع تطوّر العلم يومًا بعد يوم، فكم من آيةٍ ذكرها الله في محكم كتابه أثبتها العلم في كثيرٍ من المجالات كالطبّ وعلوم الفضاء وعلوم الطبيعة وغيرها.
- انشقاق القمر: فقد انشق القمر وصار على قسمين ورأى الناس أجمعين ذلك، ومع هذا اعتبره المشركون نوعًا من السحر، إلّا أنّه مع تقدّم العلم ووصول الإنسان إلى القمر تمّ تأكيد انشقاق القمر قبل ما يقارب الأربعة عشر قرنًا، أي مع بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد ذكر الله -تعالى- هذه الحادثة واعتبرها علامةً من علامات اقتراب الساعة وذلك بقوله: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ}[١٠].
- حادثة الإسراء والمعراج: تلك كانت معجزةً عظيمة، فقد أسرى الله -تعالى- بنبيّه الكريم في ليلةٍ واحدة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى حيث اجتمع مع أنبياء الله وصلّى بهم، ثم عرج إلى السماوات السبع حتى بلغ سِدرة المنتهى، وهناك تلقى من ربّه أوامرًا إلاهيّة كتشريع الصلاة وغيرها، ثمّ عاد إلى مكّة في ذات الليلة، وقد جاء ذكر ذلك في القرآن الكريم بقوله -تعالى-: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[١١].
الفرق بين المعجزة والسحر
المعجزة هي أمرٌ خارقٌ للعادة تأتي مخالفةً للطبيعة وهي من الله -تعالى-، أمّا السحر فهو أمرٌ يحدث حسب قوانين يتعلمها الساحر، وكذلك المعجزة لا يمكن إبطالها أمّا السحر فيمكن إبطاله، والمعجزة تأتي على يد نبيّ وهو من يشهد الناس أجمعين صلاحه وأمانته، أمّا السحر فيكون على يد ساحرٍ وهو من يشهد كلّ الناس بسوءه، وأخيرًا المعجزة سببها هداية الناس لما هو خيرٌ لهم ولا يأتي بها إلا أنبياء الله، أمّا السحر فأسبابه غالبًا ما تكون غايتها سيئةً عن طريق الاستعانة بالجنّ.[١٢]
ما الفرق بين النبيّ والرسول
هناك فرقٌ بين الرسول والنبيّ وهو أنّ النبيّ يُبعث لقومٍ كان بينهم نبيٌّ قبله فيكمل مابدأه ليبقى الناس على دين الله -عزّ وجل-، وأمّا الرسول يُبعث إلى قومٍ كفار ومكذبين، فقد قال -تعالى- {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا}[١٣]، ولهذا أجمع أهل العلم على أنّ كلّ رسولٍ هو نبيّ ولكن ليس كلّ نبيّ رسولًا، وبهذا يكون الرسول أفضل من النبيّ، وحتى أنّ بين الرسل هناك درجات تفضيل، فقد فضلّ الله -عزّ وجلّ- خمسةً منهم وهم: "محمد -صلى الله عليه وسلم- ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى -عليهم الصلاة والسلام-"، فقد قال -تعالى- { شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ}[١٤] وهؤلاء هم أولو العزم من الرسل.[١٥]المراجع[+]
- ↑ رواه ابن كثير، في البداية والنهاية، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 6/72، ثابت.
- ↑ "الإيمان بمعجزات الأنبياء عليهم السلام"، islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 09-05-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج "من معجزات الرسل"، alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 09-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "نبي الله نوح عليه السلام"، .alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 09-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "قصة ناقة صالح عليه السلام"، alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 09-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "التدبر في قصة نبي الله سليمان عليه السلام مع ملكة سبأ"، alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 09-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "آيات الأنبياء وأثرها في المجتمع "، al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-05-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الحجر، آية: 9.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 88.
- ↑ سورة القمر، آية: 1-2.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 1.
- ↑ "الفرق بين المعجزة والكرامة والسحر"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 10-05-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية: 44.
- ↑ سورة الشورى، آية: 13.
- ↑ "مراتب الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 10-05-2019. بتصرّف.