بحث عن معركة ذات السلاسل

فتوحات الخلافة الراشدة
شهدت الدولة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين توسعًا كبيرًا ونشر عظيمًا للإسلام في كثير من المناطق المحيطة بالجزيرة العربية، فبعد أن ضبط الخليفة الراشدي الأول أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- الجزيرة العربية بعد التمرد الذي قامت به بعض القبائل العربية بردَّتها عن الإسلام، كان لا بدَّ من التوسع ونشر الإسلام في بلاد الشام والعراق وفارس ومصر وغيرها من البلاد المحيطة بالمسلمين، فشهد المسلمون معارك عنيفة مع الروم والفرس في عهد الخلفاء الراشدين وهذا المقال سيسلِّط الضوء على المعركة الأولى التي خاضها المسلمون ضد الدولة الساسانية الفارسية وهي معركة ذات السلاسل.[١]
بحث عن معركة ذات السلاسل
معركة ذات السلاسل أو معركة كاظمة كما تُسمَّى، هي المعركة الأولى التي خاضها جيش المسلمين ضد الدولة الساسانية الفارسية، وهي واحدة من أشرس المعارك التي خاضها المسلمون في العراق ضد الفرس، وفي الحديث عنها يمكن القول إنَّه بعد أن انتهت حروب الردة التي خاضها جيش المسلمين في عهد خلافة أبي بكر -رضي الله عنه- وبعد أن فرغ جيش المسلمين من حروبه في البحرين ضد المرتدين عن الإسلام، أغار المثنى بن حارثة الشيباني هو من المسلمين مع رجاله على أطراف العراق، فبلغ الأمر أبا بكر الصديق، فسأل أبو بكر بعض العارفين عن المثنى بن حارثة فأثنى عليه الناس، وبعدها قَدِم المثنى إلى المدينة المنورة يطلب من أبي بكر أن يأذن له بقتال الفرس هو وقومه، فقبلَ أبو بكر هذا الطلب وأمر بتدعيم جيشه حتَّى تستمر الغزوات ضد الفرس في العراق، وما كان من الخليفة أبي بكر إلَّا أن أمر خالد بن الوليد -رضي الله عنه- أن يجمع جيش اليمامة ويلحق بالمثنى إلى العراق وطلب من المثنى أن يأتمر بأمر خالد الذي هو أعرف بالخطط العسكرية من المثنى، فسار خالد بعشرة آلاف رجل إلى العراق وانضم جيش المثنى المؤلف من ثمانية آلاف مقاتل إلى جيش خالد وكان هذا في شهر محرم من سنة 12 للهجرة.[٢]
بعد أن بعث أبو بكر الجيش إلى العراق وضع خطة عسكرية محكمة وأوكل لخالد بن الوليد أمر تنفذيها، وهي أن يهجم خالد من جهة الجنوب، وأن يهجم عياض بن غنم الفهري من جهة الشمال ويتم إحكام القبضة على العدو من طرفين اثنين، سار جيش خالد بن الوليد ومرَّ بداية بمدينة اسمها الأبلة وهي مدينة مهمة استراتيجيًا للفرس فهي ميناء الفرس الوحيد على الخليج العربي، وكانت هذه المدينة تقع تحت سيطرة قائد عسكري فارسي اسمه هرمز وهو فارسي الأصل يكنُّ في قلبه حقدًا كبيرًا على الإسلام والمسلمين والعرب بشكل عام، فلمَّا عرف خالد بأمر هرمز بعث إليه رسالة مفادُها: "أمَّا بعد، فأَسلِمْ تَسلَمْ، أو اعتقد لنفسك وقومك الذمَّة، وأقرر بالجزية، وإلا فلا تلوَمنَّ إلا نفسَك؛ فقد جئتكَ بقومٍ يُحبون الموت كما تحبُّ الحياة".[٣]
ومن أسباب معركة ذات السلاسل رفضُ هرمز قائد الفرس رسالة خالد بن الوليد، واختياره القتال، فبعث إلى كسرى يطلب منه المدد والعون لمحاربة المسلمين، فأرسل كسرى له تعزيزات عسكرية هائلة، فقام هرمز بجمع الجيوش الفارسية الجرارة وقرر الهجوم على مدينة كاظمة ظنًا منه أن المسلمين يعسكرون فيها، ولكنَّه تفاجأ بالحنكة العسكرية التي يمتلكها خالد بن الوليد -رضي الله عنه- حيث سار خالد بجيشه إلى منطقة الحفير وعندما وصل هرمز إلى مدينة كاظمة ولم يجد المسلمين عرف من خلال جواسيسه أن المسلمين توجهوا إلى حفير فسار هرمز بجيشه إلى حفير، وعندما وصل إلى هناك بدأ بحفر الخنادق وتجهيز الدفاعات قبل وصول المسلمين ولكنَّ خالد بن الوليد عاد بالجيش إلى مدينة كاظمة، وعسكر هناك واستراح مع رجاله قليلًا، وعندما عرف هرمز بعودة المسلمين إلى كاظمة غضب غضبًا شديدًا وحرَّك جيوشه المنهكة من السير إلى كاظمة من جديد، ولمعرفة الفرس بطبيعة الأرض أكثر من المسلمين فقد سيطروا على منابع الماء وجعلوا نهر الفرات خلفهم، فكان هذا سببًا لاشتعال حمية المسلمين في سبيل الوصول إلى الماء، وقبل المعركة بعث هرمز إلى كسرى طالبًا مزيدًا من التعزيزات فأرسل إليه رجلًا اسمه قارن بن قرباس وأمره بحماية ميناء الأبلة خوفًا من سيطرة المسلمين في حال خسر جيش هرمز معركة ذات السلاسل.[٤]
وفي معركة ذات السلاسل هذه التي سُمِّيت بهذا الاسم لأمر هرمز جنوده بربط أنفسهم بالسلاسل حتَّى لا يفروا في الحرب، بدأت معركة ذات السلاسل بالمبارزات الفردية بين جنود الجيشين، فخرج هرمز لمبارزة خالد بن الوليد، وكان هرمز قد اتفق مع عدد من جيشه لقتل خالد بن الوليد وزعزعة جيش المسلمين، وعندما هجمت المجموعة التي اتفق معها هرمز على خالد انبرى القعقاع بن عمرو التميمي لإنقاذ خالد بن الوليد، وقتل خالد قائد الفرس هرمز، وكان مقتل هرمز له تثير عظيم في نفوس جنود الفرس، فلم يصمدوا أمام المسلمين وولّوا الأدبار، فغرق قسم من الجيش في نهر الفرات، قُتل من كان مربطًا بالسلاسل، ومات قرابة الثلاثين ألفًا من الفرس.[٢]
بعد نهاية معركة ذات السلاسل لم يكن المسلمون قد سيطروا على مدينة الأبلة بعد، وقد عرفوا أن جيوشًا كبيرة ترابط للدفاع عن المدينة أرسلها كسرى، كان جيوش الفرس في المدينة بقيادة قارن بن قرباس الذي أصر على الخروج لملاقاة المسلمين خارج المدينة، وعند منطقة تسمى المذار تقع على ضفاف الفرات جهَّز جيشه وجهَّز أسطولًا بحريًا للحرب في حال خسارة المعركة، وبعدما عرف خالد أخبرا عدوه ومعسكرهم في المذار، بعث إلى أبي بكر يخبره أنه سيواجه الفرس في منطقة المذار وانطلق بأسرع ما يمكن إلى تلك المنطقة، والتقى الجيشان في المذار وطلب خالد من المسلمين الثبات والإيمان والصبر فالتفوق العددي كان للفرس الذين بلغ عددهم ثمانين ألف مقاتل فيما بلغ عدد المسلمين ثمانية عشر ألف مقاتل، وفي المبارزات الأولة قُتل قائد الفرس قارن على يد رجل من البادية اسمه معقل بن الأعشى، وبعد حرب ضارية انتصر المسلمون أيضًا وتمكنوا من فتح مدينة الأبلة بإذن الله تعالى.[٤]المراجع[+]
- ↑ "الفتوحات في عهد الخلفاء الراشدين"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-05-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "معركة ذات السلاسل"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 13-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "موقعة ذات السلاسل"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-05-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "معركة ذات السلاسل"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 13-05-2019. بتصرّف.