سؤال وجواب

أحداث معركة فتح الفتوح


الفتوحات في خلافة عمر بن الخطاب

بعد الانتصارات التي حققها المسلمون في خلافة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- من حروب الردة إلى حروب فارس والشام، استلم خلافة المسلمين -بعد وفاة أبي بكر- عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وتابع الفاروق عمر الفتوحات الإسلامية على الجبهات التي بدأ القتال بها في عهد أبي بكر، فخاص المسلمون في خلافة عمر معارك كثيرة حفظها التاريخ ودوَّنها المؤرخون ومن أبرز هذه المعارك معركة اليرموك ومعركة القادسية، كما فتح المسلمون في عهد عمر فارس ومصر وفلسطين، وهذا المقال سيتناول أحداث معركة فتح الفتوح أو معركة نهاوند التي خاضها المسلمون في فارس في خلافة عمر.

الفتح الإسلامي لفارس

خاض الجيش الإسلامي في بلاد فارس والعراق التي كانت تحت حكم فارس معارك شرسة سجلها التاريخ كأشرس المعارك التي خاضها المسلمون على الاطلاق، بداية من خلافة أبي بكر -رضي الله عنه- حتَّى فتح المدائن في خلافة عمر -رضي الله عنه-، حيث فتح المسلمون فارس بعد معارك كثيرة وبمواقع مختلفة ومن أهم هذه الحروب معركة ذات السلاسل في كاظمة التي خاضها المسلمون ضد فارس، ومعركة القادسية التي كانت في السنة الرابعة عشر للهجرة النبوية والتي انتصر المسلمون فيها بقيادة سعد بن أبي وقاص وختامًا بالمعركة التي لم تقم لفارس بعدها قائمة أبدًا وهي معركة فتح الفتوح أو كما تُعرف بمعركة نهاوند التي كانت في سنة 20 للهجرة، وكان المسلمون بقيادة النعمان بن مقرن وبعدها تمَّ الفتح الإسلامي لفارس، وقد أدى هذا الفتح العظيم لبلاد فارس إلى هزيمة الإمبراطورية الفارسية والدولة الساسانية الحاكمة وإلى دحر الديانة المجوسية التي كان يدين بها أهل فارس وانتشار الدين الإسلامي وتحقيق قسم من الرسالة المحمدية التي تقتضي نشر الدين الإسلامي في كلِّ بقاع الأرض.[١]

أسباب معركة فتح الفتوح

قبل الدخول في تفاصيل أحداث معركة فتح الفتوح التي خاضها المسلمون ضدَّ الفرس في بلاد فارس، لا بدَّ من الإشارة إلى سبب هذه المعركة، وقد اتفقت الروايات على أنَّ السبب هو أنَّ ملك فارس أمر بحشد جيوش عظيمة في منطقة نهاوند وأمَّر على الجموع قائدًا فارسيًا من خيرة القادة عند فارس، فلمّا عرف عمر بن الخطاب بأمر الحشود الفارسية، جعل النعمان بن مقرن على رأس الجيش الإسلامي وأمر الجيش بالتحرك نحو نهاوند، وجعل مع النعمان عددًا من خيرة الصحابة مثل: حذيفة بن اليمان وعبد الله بن عمر وجَرير بن عبدالله البَجَلي والمُغيرة بن شعبة -رضي الله عنهم- وزحف الجيش نحو نهاوند، وكان القائد النعمان بن مقرن قد عهد لحذيفة بن اليمان قيادة الجيش في حال استشهاده في المعركة.[٢]

أحداث معركة فتح الفتوح

بعد أن خسر الفرس مع المسلمين في معركة القادسية، كتب يزدجرد القائد الفارسي إلى كلٍّ من أهل مدينة الباب وحلوان والسند يطلب منهم دعمًا في سبيل تشكيل جيش فارسي وصد المسلمين وردِّ اعتبار الدولة الفارسية، فاجتمع الجيش وتحصن في نهاوند، وبعد أن علم خليفة المؤمنين عمر بن الخطاب بأمر الفرس وعددهم الكبير خطب بالناس في المدينة واستشارهم بالرجل الأنسب لقيادة جيش المسلمين في هذه المعركة الكبيرة، واختار الخليفة أخيرًا النعمان بن مقرن لهذه المعركة، فانطلق النعمان إلى حيث أمره عمر لقيادة الجيش ومعه عدد من صحابة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وفي هذه الأثناء كان الفرس يستخدمون حيلة جديدة في القتال حيث قاموا بنشر حسك الحديد أي قطع الحديد كالشوك حول نهاوند المدينة التي تحصنوا بها، وعندما وصل النعمان وتسلَّم قيادة الجيش بعث بعضًا من رجاله ليأتي بخبر القوم، فعلم بأمر الحسك الذي نشره الفرس حول نهاوند وعلم بخطورة الموقف حيث إنَّ الحديد سيعيق حركة الخيل وسيمنعها من الوصول إلى حصن نهاوند، فاستشار النعمان المسلمين، فأشاروا عليه أن يرجع الجيش حتَّى يظن الفرس أن المسلمين انسحبوا من المعركة، ثمَّ إذا أمن الفرس وسحبوا الحديد من حول الحصن كرَّ المسلمون عليهم من جديد، ففعل ما أشار عليه الناس، رجع النعمان بجيش المسلمين حتَّى خرج الفرس من حصونهم وأزالوا الحسك والحديد الذي نشروه من قبل، فعبأ النعمان الجيش ونظمه تنظيمًا عظيمًا، وكان جيش المسلمين يتألف من ثلاثين ألف مقاتل، فجعل نعيم بن مقرن في مقدمة الجيش وحذيفة بن اليمان وسويد بن مقرن على الميمنة والميسرة، ونظم الفرس جيشهم أيضًا، وكرَّ الجيش الإسلامي باتجاه نهاوند وتجمع الجيش حول نهاوند والفرس داخل المدينة وكانوا تحت إمرة الفيرزان.[٣]

أرسل قائد الفرس إلى المسلمين يريد أحدًا من المسلمين يكلمه فذهب إليه داهية العرب المغيرة بن شعبة، وأوصل المغيرة رسالة الإسلام وأخبره بعزة هذا الدين، فقابله بالأذى وسوء المعاملة، وبعد عودة المغيرة بن شعبة، أمر النعمان بالهجوم في يوم الأربعاء وبدأ القتال واستمرَّ على شكل صدامات متفرقة حتَّى يوم الخميس، وكان الفرس يتحصنون في الخنادق، فخشي النعمان أن يطول أمر تحصنهم فيصعب الفتح، فأشار بعض المسلمين على النعمان أن يرسل مجموعة من الفرسان مهمتها إغضاب الفرس ودفعهم إلى الخروج من الخنادق والصدام مع المسلمين، فبعث القعقاع إليهم وأثار غضبهم وأخرجهم من الخنادق، حتَّى إذا خرجوا جميعًا ولم يبقَ سوى حراس أبواب الحصن، بدأت أحداث معركة فتح الفتوح أو معركة نهاوند، وكبَّر النعمان التكبيرة الأولى والثانية وبعد قتال عنيف استشهد النعمان بن مقرن فرآه أخوه نعيم فغطَّاه وأخذ الراية وكتم خبر استشهاده عن المسلمين حتَّى لا تضعف عزيمتهم، وأخذ راية المسلمين وأعطاها لحذيفة بن اليمان، وعندما اقترب الليل بدأ الفرس ينهزمون ويرجعون فارِّين فتساقطوا في وادٍ من وديان المدينة فكانوا يتساقطون ويهوون في الوادي حتَّى الموت، فمات في معركة فتح الفتوح ما يزيد عن مئة ألف من فارس، وهرب قائدهم الفيرزان في البداية ثمَّ تبعه القعقاع ونعيم بن مقرن حتَّى قتله، وتم النصر بإذن الله وفتح الله على المسلمين فتحه المبين ودخل المسلمون نهاوند فاتحين بأمر الله تعالى.[٣]

سبب تسميتها بفتح الفتوح

بعد سرد أحداث معركة فتح الفتوح لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ هذه المعركة عُرفت في التاريخ باسم معركة نهاوند ولم يرد ذكرها كثيرًا باسم معركة فتح الفتوح وإنَّما سبب تسميتها بمعركة فتح الفتوح يرجع إلى أنَّ الفرس بعد هذه المعركة دُحروا ولم يعد لهم أي وجود عسكري، فلم يعد لديهم القدرة على جمع جيش كالجيوش السابقة التي واجهوا بها المسلمين، بل تشتت جموعهم واندس منهم كثيرون من الحاقدين على المسلمين الذين كانت طموحاتهم التفرقة الفتنة في المسلمين، والله تعالى أعلم.[٢]

المراجع[+]

  1. "فتح بلاد فارس"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-05-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "معركة نهاوند (فتح الفتوح)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-05-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "معركة نهاوند"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-05-2019. بتصرّف.