قصة سباق الأرنب والسلحفاة
قصة سباق الأرنب والسلحفاة
كان ياما كان، في قديم الزّمان، وسالف العصر والأوان، كان هناك أرنب مغرور، يعيش في الغابة، وكان يسخر من الحيوانات، خاصّة السّلحفاة، فكان يسخر منها لأنّها بطيئة، وكان ينعتها بالبطيئة أو الحلزونة، في إشارة إلى بُطئها في المشي، فقرّرت السّلحفاة أن تلقّن هذا الأرنب المغرور درسًا لا ينساه، فطلبت منه أن يتسابقا؛ لتثبت له أنّ سرعته في الجري ليست كلّ شيء، وستروي السطور القادمة قصة سباق الأرنب والسلحفاة.
قرّر الأرنب قَبول السّباق؛ ليزيد في سخريته من السّلحفاة، فقد قال أمام الحيوانات التي ستشهد السّباق إنّه سيصل إلى خط النهاية ويعود عشر مرّات بينما السّلحفاة لن تكون قد بلغت ربع الطّريق! وجاء يوم السّباق، واجتمعت الحيوانات كلّها لتشاهد السّباق، وجاءت السّلحفاة مرتدية ثيابًا رياضيّة خاصّة بالسّباق، بينما جاء الأرنب يرتدي ثياب النّوم، وكأنّه يستهزئ بالسلحفاة، ويقول لها سأهزمك وأنا نائم! أعلن الأسد ملك الغابة بداية السّباق، وانطلق الأرنب بسرعته المعروفة، والسّلحفاة كذلك كانت تبذل جهدها في المشي، وانطلق الأرنب ووصل إلى منتصف الطّريق، بينما ما تزال السّلحفاة في البداية، وهنا حدث أمر غريب حقًّا! لقد قرّر الأرنب أن ينام قليلًا، ومن ثَمّ يتابع الطّريق، قال لنفسه: سوف أنام وأرتاح قليلًا، وحين أستيقظ سأتابع السّباق، وبكلّ الأحوال حتّى إن نمتُ طوال اليوم فإنّ السّلحفاة لن تصل إلى خطّ النّهاية ها ها ها، وفعلًا نام الأرنب، واستغرق في النّوم، بينما السّلحفاة تتابع طريقها بجهدٍ كبير، حتّى بلغت نهاية السّباق، والأرنب ما يزال نائمًا!
وقبل أن تصل السّلحفاة إلى خطّ النّهاية استيقظ الأرنب، نظر إلى بداية الطّريق فلم يرَ السّلحفاة، ونظر يمينًا ويسارًا فلم يرَ شيئًا أيضًا، وفجأة نظر ناحية خط النهاية فرأى السّلحفاة على وشك الوصول، فنهض من نومه مذعورًا، وركض بكلّ طاقته، ولكنّ السّلحفاة وصلت قبله، وأعلنها الأسد أنّها الفائزة، وخسر الأرنب المغرور، وصار أضحوكةَ الحيوانات، ومثالَ المغرور المهزوم الذي أقواله أكثر من أفعاله.
العبرة من هذه القصّة هي أنّ الغرور داءٌ يؤذي صاحبه، ويقوده إلى المهالك، ومهما كان عند أحد من قوّة في أمرٍ ما قد آتاه إيّاها اللّٰه سبحانه، فليس عليه أن يغترّ بها؛ لأنّها ليست من صنعه، ولكنّها هِبَةٌ من اللّٰه -عزّ وجلّ-، وعليه أن يوظّفها بما ينفعه وينفع الآخرين، لا أن يجعل منها أداة للاستهزاء بالآخرين، وإلّا فمصيره سيكون كمصير الأرنب في قصة سباق الأرنب والسلحفاة، فالأرنب قد اغترّ بذكائه وبسرعته، وكان ينظر إلى السلحفاة على أنّها مجرّد حيوان بطيء غبيٍّ لا يصلح لشيء، ولكنّ السلحفاة قد أعطته درسًا لا ينساه في أنّ المرء لا ينظر إلى الأمور مهما بلغت صعوبتها على أنّها مستحيلة، وإذا لم يهبها اللّٰه السرعة في المشي كالأرنب فقد وهبها الذّكاء مع الحكمة، الأمر الذي جعلها تنظر إلى السّباق على أنّه أمر ممكن الحدوث، وبخاصّة وأنّ الأرنب مغرور، وسيرتكب بعض الحماقات التي ستستفيد منها، وكأنّها توقّعت أن يحدث شيء يجعلها تكسب السّباق، وفعلًا وصلت السلحفاة بجهدها وحكمتها، وخسر الأرنب بغروره واستهزائه بالآخرين، وهذه العبرة من قصة سباق الأرنب والسلحفاة.