سؤال وجواب

قصة الديك الذكي


قصة الديك الذكي

كان ياما كان، في قديم الزمان، وسالِف العصرِ والأوان، كان هناك ديك يعيشُ في مزرعة عند رجلٍ عجوز، وكان صوت هذا الديك عذبًا جميلًا، وكان يوقظ الناس على صلاة الفجر قبل المؤذّن، وكانت كلّ حيوانات المزرعة تُحبّه، إلّا حيوان واحد كان يتربّص به، وينتظر غفلته لينقضَّ عليه، كان ذلك الحيوان هو الثعلب المكّار، والقصة التي سترويها السّطور القادمة تُعرف باسم قصة الديك الذكي.

ذات يوم من فصل الرّبيع، حيث الأزهار المُتفتّحة، والهواء العليل، والريح هادئة تٌداعب وجنات الأزهار، وتعبث بالأشجار فتجعلها تترنّح كأنّها ترقص بهدوء، كان الدّيك يشدو بأغنيةٍ عذبة، والعصافير تنظر إليه مِن على أغصان الأشجار، وترقصُ على أنغام هذه الأغنية الجميلة، حتّى النّحل خرجَ من الخلايا وصار يستمع ويرقصُ لهذه الأغنية، وفجأة توقّفَ الجميع عن الرّقص، وكأنّهم شاهدوا أمرًا ما، فإذا به الثّعلب قد مرّ قرب المزرعة التي يعيش فيها الدّيك الذّكي، وقال للدّيك: يا ديك، إن صوتك عذبٌ، فهل تغنّي لي أغنية جميلة؟ قال الدّيك: بالتأكيد، وغنّى الدّيك أغنية جميلة جدًّا، وعندما انتهى طلب الثّعلب أن يغنّي له أغنيه ثانية، وعندما انتهى طلب أغنية ثالثة ورابعة وخامسة، وهكذا حتّى تعب الدّيك من الغناء، وهنا قال له الثّعلب المكّار: ما رأيُك أن تنزل إليّ ونعقدَ صُلحًا، ونصبح أصدقاء من اليوم؟

هُنا شعر الدّيك أنّ الثعلب يخطّط لأمر سيّء، فقال له الدّيك: نعم موافق، ولكن لماذا تريد ذلك؟ قال الثعلب: الحيوانات تَراني مكّارًا ولا أحبّ الخير للحيوانات، وأريد أن أريَهم أنّني لست كذلك، وأريدك أن تثبتَ لهم ذلك، عندها لمعت في خاطر الدّيك الذّكي فكرة ليصرف عنه هذا الثّعلب، فقال له: جميلٌ كلامك أيّها الثّعلب، وسأنزل إليك الآن لنصبح أصدقاء، ولكنّني أرى الكلب قادمًا من بعيد يركض بأقصى طاقته، فانتظر ليصل إلينا ليكون شاهدًا على اتّفاقنا، وهنا ارتجف الثّعلب خوفًا، وقرّر أن يهرب وينجو بنفسه من براثن الكلب، وجرى مسرعًا وهرب من المزرعة، ونجا الدّيك الذّكي بذكائه وحنكته وحسن تصرّفه.

والعبرة من هذه القصّة أنّ الكلام المعسول والجميل لا يعني دائمًا أنّ صاحبه محقّ فيما يقول، أو أنّ نيّته سليمة، فقد يكون يرمي من وراء ذلك إلى شرّ عظيم كما كان الثّعلب في قصة الديك الذكي، وعلى الإنسان ألّا ينقادَ وراء عاطفته، وينخدع بالآخرين، بل عليه أن يُعمِلَ عقله، ويرى ما وراء أقوال النّاس، وليس أقوالهم فقط، وهذه العبرة المستخلَصة من قصة الديك الذكي.