سؤال وجواب

قصة البستاني والثعلب


قصة البستاني والثعلب

كان ياما كان، في قديم الزّمان، وسالِف العصر والأوان، كان هناك بستان لرجل يعمل بُستانيًّا، أيْ في رعاية البساتين وأشجارها ومزروعاتها، وكان هذا البستان يعجّ بالأشجار المثمرة، ويمرّ فيه نهرٌ عذبٌ ماؤه، فيسقي الأشجار ليصبح طعم ثمارها أطيب من غيره في باقي البساتين، وكان لهذا البستان سورٌ عالٍ؛ ليمنع اللّصوص والثّعالب من الدخول إليه وسرقة الثّمار والحيوانات التي كانت تعيش فيه، وذات يوم جاء الثّعلب وأراد الدّخول إلى هذا البستان في قصة سترويها هذه السّطور، هي قصة البستاني والثعلب.

جاء الثّعلب إلى البستان وأراد أن يدخلَ إليه ليأكلَ من ثماره؛ فالثّمار فيه ألذّ من غيره، ولكنّ السّورَ عالٍ، ولا يستطيع أن يتسلّقه، فصار يدور حول السّور يبحث عن طريقة يدخل بها البستان، فرأى فتحة تكفيه ليدخل ولكنْ بجُهد كبير؛ فالحفرة ضيّقة، وعليه أن يبذل جهدًا للدخول منها، فحاول أن يدخل وبذل أقصى جهده وفي النّهاية دخل إلى البستان، وعندما رأى ثماره دُهِشَ لذلك المنظر، وقرّر أن يملأ بطنه من كلّ شيء في البستان، فذهب أوّلًا إلى النّهر وشرب حتّى ارتوى ولسان حاله يقول: ما أعذب هذا الماء! ثمّ ذهب إلى الأشجار وأكل ما تساقط منها من الثّمار النّاضجة جدًّا، التي تتساقط على الأرض لفرط نضوجها، فأكل العنب، والتّين، والتّوت، والجزر، والخيار، والبطّيخ، ولم يبقَ في البستان شيءٌ إلّا وأكل منه أو شرب، وفجأة سمع صوتًا قادمًا من بعيد، إنّه البستانيّ جاء بعدما سمع صوت الثّعلب، وهنا هرب الثّعلب باتّجاه الفتحة ليخرج منها، ولكنّ بطنَه الآن ممتلئٌ بالطّعام، وصار أسمَنَ من ذي قبل، ولم يعدْ باستطاعته أن يخرجَ منها، والبستانيّ يقترب، ففكّر الثّعلب: سأتمدّدُ على الأرض ليظنّ البستانيّ أنّني قد متّ، وبذلك سيرميني خارجَ السّور، وهكذا أخرجُ من البستان بأيسر طريقة.

وعندما وصل البستانيّ ورأى الثعلب مُمَدّدًا قال له: لقد نلتَ جزاء سرقتِك ومتّ قبل أن أصلَ إليك، سأذهب وأحضر الأدوات لأحفر الأرض وأدفنك هنا حيث قتلك نهمك، وذهب البستانيّ ليُحضر ما يحفر به الأرض، وجُنّ جنون الثّعلب وارتعدت فرائصُه من الخوف، فذهب خلف شجرة وأخرج من بطنه كلّ ما أكله، وعاد إلى حجمه الطّبيعي قبل أن يأكل، واستطاع بعد معاناة أن يخرج من الفتحة التي دخل منها، وهرب بعيدًا وهو يقول: أيّها البستان، ماؤك عذب وثمارك لذيذة، ولكنْ لن أعود إليك إن كنتُ سأخرج منك كما دخلتُ إليك!

والعبرة من هذه القصّة أنّ السّرقة والمكر أمرٌ مذموم، وعلى المرء أن يعمل ليحصل على ما يريد، فالثّعلب في قصة البستاني والثعلب يعتمد على الحيلة ليحصل على الطّعام، ولو أنّه لم يخرج في الوقت المناسب ويهرب لَكان مدفونًا تحت الأرض، ولو أنّه كان يعمل في البستان مع البستانيّ لكان حصل على هذه الثمار لقاء عمله، ولكنّه فضّل السّرقة على الكسب الحلال، فلقي ما لقي من مشقّة وفزع وخوف كبير، وفي النهاية لم يستفِدْ ممّا أكله، واضطرّ إلى إخراجه قبل أن يغادر، وهذه العبرة التي كانت في قصة البستاني والثعلب.