مبطلات الصيام للمتزوجين
محتويات
الصيام لغة واصطلاحًا
الصيام لغة مصدر للفعل صام، يصوم، فهو صائم، وتعني الإمساك أو الامتناع عن الشيء، أما في الاصطلاح فهو أن يُمسك الإنسان المسلم عن الطعام والشراب والشهوات منذ طلوع الفجر حتَّى غياب الشمس، ولم يفرضِ الله -سبحانه وتعالى- على الناس سوى صيام شهر رمضان كاملًا وما دون ذلك فهو صيام تطوع ليس واجبًا وإنَّما في صيامه أجر وثواب عظيم، ويعتبر الصيام ركنًا أساسيًا من أركان الإسلام الخمسة، قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ وإقَامِ الصَّلَاةِ وإيتَاءِ الزَّكَاةِ والحَجِّ وصَوْمِ رَمَضَانَ"[١]، وهذا المقال سيسلط الضوء على مبطلات الصيام للمتزوجين في الإسلام.
فضائل الصيام
لقد فرض الله تعالى الصيام على العباد كما فرضه على من سبق أمة محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم- تطهيرًا للقلوب وكفارة للذنوب، قال تعالى في سورة البقرة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[٢]، وقد جعل الله -سبحانه وتعالى- للصائم أجرًا عظيمًا وثوابًا ورحمة، وقد تجلَّى فضل الصيام في الإسلام في أحاديث رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- ولعلَّ أبرز هذه الأحاديث التي توضِّح فضل هذه العبادة هي:[٣]
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ"[٤].
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال في الحديث القدسي: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ"[٥].
- وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: "وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بفِطْرِهِ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ"[٦].
مبطلات الصيام
قبل التفصيل في مبطلات الصيام للمتزوجين سيتم تسليط الضوء على مفسدات الصيام في الإسلام بشكل عام، ويمكن استنتاج هذه المبطلات من الحديث القدسي الذي يقول فيه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- على لسان ربِّ العالمين -سبحانه وتعالى-: "يَتركُ طعامَه وشرابَه وشَهوتَه من أجلِي"[٧]، أي إنَّ الصيام يكون بالإمساك عن الطعام والشراب والشهوة، فمن أكل أو شرب أو وافق شهواته في نهار الصيام فقد أفطر، ولكنَّ العلماء فصلوا في مبطلات الصيام بشكل كبير، فكانت مبطلات الصيام على الشكل الآتي:[٨]
- مبطلات الاستفراغ: وهي المفطرات التي تكون بسبب خروج أشياء من جسم الإنسان وليس دخولها، كخروج السائل المنوي أثناء الجماع أو الاستمناء، أو الإقياء عمدًا أو الحيض عند الإناث أو خروج دم الحجامة، فهذه الأشياء إذا خرج واحد منها يؤدي إلى ضعف البدن لذلك جعلها الله من مبطلات الصيام.
- مبطلات الامتلاء: والمقصود المبطلات التي تكون إذا دخل شيء على جسم الإنسان من طعام أو شراب أو إبر مغذية أو غير ذلك.
مبطلات الصيام للمتزوجين
يمكن القول في الحديث عن مبطلات الصيام للمتزوجين إنَّ العلاقة بين الأزواج في رمضان تندرج تحت قانون ترك الشهوة في رمضان للصيام، فلا يجوز للإنسان أن يقرب زوجته بشهوة أو ما مقدمات الشهوة، وما دون ذلك فلا بأس به أبدًا، فحياة المتزوجين العادية في رمضان لا تتغير أبدًا من مجالسة وحديث وضحك وتعليم وغير ذلك، أما اللمس والتقبيل والضم وغير ذلك من مقدمات الجماع فهي غير جائزة في نهار الصيام، وجدير بالذكر إنّ مقدمات الجماع لا تقع في نفس درجة الخطورة في نهار الصيام، فإفطار الصائم المتزوج الذي باشر زوجته في نهار رمضان يكون فعليًا بالإنزال، والحكمة هي قدرة الإنسان على ضبط نفسه وعدم الوقوع في المحظور، فرسول الله -صلَّى الله عليه وسلّم- كان يباشر السيدة عائشة -رضي الله عنها- فقد قالت في الحديث: "كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يُقبِّلني في رمضانَ وهو صائمٌ، ثم تقولُ عائشةُ: وأيُّكم كان أملكُ لإربِهِ من رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-"[٩]، أي إنَّ المباشرة لا تفسد الصيام وقد فعلها رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- ولكن من يستطيع أن يمسك نفسه كرسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ويتضح هذا المعنى في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله رخَّص المباشرة أثناء الصيام لشيخ ونهى شابًا عنها، قال: "أنَّ رجلًا سألَ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- عن المباشَرةِ للصَّائمِ؟ فرخَّصَ لهُ، وأتاهُ آخرُ فنَهاهُ؛ فإذا الَّذي رخَّصَ لهُ شَيخٌ، والَّذي نَهاهُ شابٌّ"[١٠]، والخلاصة إن مبطلات الصيام للمتزوجين في رمضان هي المبطلات السبع المعروفة من أكل أو شرب أو استفراغ أو إبر تغذية أو استمناء وجماع أو حيض للمرأة أو وخروج دم الحجامة، ولكن يجب على المتزوج أن يبتعد عن مقدمات الجماع خوفًا من المحظور مع العلم أنَّها ليست من مبطلات الصيام للمتزوجين والله أعلم.[١١]
حكم من وقع في زوجته في نهار رمضان
بعد الحديث عن مبطلات الصيام للمتزوجين لا بدَّ من الإشارة إلى عقوبة وحكم من وقع في زوجته في نهار الصيام، ويتفق أهل العلم أنَّه من جامع في نهار رمضان فقد أفطر وعليه كفارة ذنبه، والكفارة هي صيام شهرين متتابعين، وقد ثبت في صحيح السنة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "قال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ هلَكْتُ، قال: ويحَكَ وما ذاك؟ قال: وقَعْتُ على امرأتي في يومٍ مِن شهرِ رمضانَ، قال: أعتِقْ رقبةً، قال: ما أجِدُ، قال: فصُمْ شهرينِ مُتتابعينِ، قال: ما أستطيعُ، قال: أطعِمْ ستِّينَ مسكينًا، قال: ما أجِدُ، قال: فأُتي رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- بعَرَقٍ فيه خمسةَ عشَرَ صاعًا مِن تمرٍ، فقال له: تصدَّقْ به، قال: على أفقرَ مِن أهلي! ما بينَ لابتَيِ المدينةِ أحوجُ مِن أهلي، فضحِك رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- حتَّى بدَتْ أنيابُه، وقال: خُذْه واستغفِرِ اللهَ وأطعِمْه أهلَك"[١٢]، فكفارة من وقع في زوجته في نهار رمضان هي عتق رقبة وهذه غير موجودة في هذا العصر، فصيام شهرين متتابعين دون إفطار أي يوم منهما، والله تعالى أعلم.[١٣]المراجع[+]
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
- ↑ سورة البقرة، آية: 183.
- ↑ "فضائل الصيام وأسراره، وخصائص رمضان"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-05-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2014، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 5927، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1151، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 3877، صحيح.
- ↑ "مفسدات الصيام"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 19-05-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن عبد البر، في الاستذكار، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3/179، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1947، صحيح لغيره.
- ↑ "لا يقترب الزوج من زوجته في نهار رمضان بقصد قضاء شهوته"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-05-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 3526 ، أخرجه في صحيحه.
- ↑ "حكم وكفارة المعاشرة نهار رمضان"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-05-2019. بتصرّف.